موقع «ثاج» يكتب فصلاً جديداً في تاريخ الآثار السعودية

كان مركزاً حضرياً رئيسياً في قرون ما قبل الميلاد

تعد مدينة «ثاج» من أهم المواقع الأثرية في المنطقة الشرقية من السعودية
تعد مدينة «ثاج» من أهم المواقع الأثرية في المنطقة الشرقية من السعودية
TT

موقع «ثاج» يكتب فصلاً جديداً في تاريخ الآثار السعودية

تعد مدينة «ثاج» من أهم المواقع الأثرية في المنطقة الشرقية من السعودية
تعد مدينة «ثاج» من أهم المواقع الأثرية في المنطقة الشرقية من السعودية

كشفت أعمال البعثة السعودية الفرنسية للتنقيب الأثري في موقع «ثاج» بالمنطقة الشرقية، عن آثار أكبر موقع أثري في شرقي السعودية.
واستطاعت البعثة التي تعمل منذ عام 2016 وفق اتفاقية بين قطاع الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني والمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، الإثبات بأن «ثاج» كان مركزاً حضرياً رئيساً في القرون الأخيرة قبل الميلاد والقرون الأولى بعد الميلاد.
وحظي الاكتشاف بأصداء في الأوساط المهتمة بالآثار على مستوى العالم، إذ يرجح عدد من علماء الآثار السعوديين أن يكون الموقع عاصمة مملكة الجرهاء التي ملأت بشهرتها الدول القديمة، وكان قاطنوها ينعمون بغنى واسع، كما كانت المحرك الاقتصادي لمنطقة الخليج العربي قبل نحو 300 سنة قبل الميلاد.
وأوضح العالم الفرنسي المتخصص في علم الآثار الدكتور جيروم رومر، خلال محاضرة نظمها قطاع الآثار والمتاحف بالهيئة العامة للسياحة، والتي أقيمت في المتحف الوطني، أن التنقيب بالمدينة يلقي الضوء على فصل جديد من تاريخ الجزيرة العربية، مشيراً إلى أن المواسم الثلاثة للتنقيب في الموقع من 2016 حتى 2018 كشفت أن «ثاج» هو الموقع الوحيد الذي يعد مدينة على الساحل الشرقي في الجزيرة العربية وأحد الممالك العربية في فترة ما قبل الإسلام.
وقال جيروم رومر: «في العصور القديمة، تماماً مثل اليوم، كانت شرقي الجزيرة العربية مركزاً تجارياً وثقافياً، وتقع على مفترق طرق الحضارات العظيمة في ذلك الوقت، جنوبي الجزيرة العربية وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين والهند، واستضافت مدنها القوافل الغنية والممالك التجارية القوية».
وأفاد رئيس البعثة السعودية الفرنسية للتنقيب الأثري في موقع «ثاج» بالمنطقة الشرقية بأن موقع «ثاج» الأثري يقع على بعد 90 كلم غربي مدينة الجبيل ويتميز ببقايا مدينة قديمة واسعة بشكل استثنائي.
يشار إلى أن البعثة السعودية الفرنسية المشتركة للتنقيب في موقع «ثاج» نفذت خلال ثلاثة مواسم من التنقيب في الموقع العديد من الأعمال ومنها: مسح المنطقة الأثرية والمنطقة المجاورة، بالإضافة إلى التنقيب داخل المنطقة الأثرية وتم خلاله تسجيل وحصر عدد من المواقع الأثرية والكتابات والرسومات والنقوش الحسائية.
كما شملت أعمال التنقيب في موقع «ثاج» الأثري منطقتين: الأولى على السور الجنوبي للمدينة الأثرية والبالغ عرضه 4 أمتار، حيث كشف عن بوابة ترتبط ببعض التفاصيل المعمارية، أما المنطقة الأخرى فكانت جنوبي سور المدينة؛ اكتشف فيها العديد من الوحدات المعمارية التي ضمّت إحداها فرناً ربما استخدم لإنتاج الفخار.
تعد مدينة «ثاج» من أهم المواقع الأثرية في المنطقة الشرقية من السعودية، وسميت بكنز الآثار، لما وجد فيها من قطع أثرية ذهبية فريدة، خصوصاً قطع الحلي والجواهر والذهب التي عثر عليها في أحد مدافن «ثاج»، التي تعود لأكثر من ألفي عام.
وتشير المعلومات التاريخية والأثرية إلى أن الاستيطان في منطقة ثاج، على بعد 95 كلم تقريباً عن مدينة الجبيل، يعود إلى العصور الحجرية. وازدهر الاستيطان في ثاج خلال الفترة الهللنستية التي تمتد من ظهور الإسكندر الأكبر في الشرق عام 332 ق.م تقريباً حتى القرن الأول الميلادي، واستمر الاستيطان خلال الفترة البارثية المتأخرة والساسانية التي تمتد من القرن الأول الميلادي تقريباً حتى القضاء على الدولة الساسانية عام 640 ميلادي.
وتقع المدينة داخل سور بطول 2535 متراً، وعرض المتبقي من هذا السور يصل إلى مترين و30 سم. ويقع داخل هذا السور ما يُسمى بـ«التلال السكنية»، يفصل بينها ممرّات يتراوح عرضها بين الخمسة والستة أمتار. وكشفت الحفريات التي أجريت في الموقع الأثري عن أقدم فرن للفخار في المنطقة الشرقية، كما كشف عن طفلة بكامل مرافقاتها الجنائزية تعود إلى القرن الأول الميلادي.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية بالقاهرة، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

اكتشف باحثون مئات من آثار أقدام الديناصورات التي يعود تاريخها إلى منتصف العصر الجوراسي في محجر بأوكسفوردشير بجنوب إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأثر ثلاثي الأصبع (جامعة برمنغهام)

من هنا مرَّت الديناصورات...

اكتشف عامل محاجر بريطاني أكبر موقع لآثار الديناصورات في البلاد، وذلك في محجر بمقاطعة أكسفوردشاير، جنوب شرقي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون ثلاث قطع أثرية من موقع الدُّور في أم القيوين

قطع أثرية يونانية من موقع الدُّور

يحتل موقع الدُّور مكانة بارزة في سلسلة المواقع الأثرية التي كشفت عنها أعمال التنقيب المتواصلة في دولة الإمارات العربية

محمود الزيباوي

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.