عباءة وهبي وعود درويش بين مقتنيات «القومي للمسرح» في مصر

بعض القطع يعود إلى القرن الـ19

دروع وشهادات تكريم لرواد المسرح
دروع وشهادات تكريم لرواد المسرح
TT

عباءة وهبي وعود درويش بين مقتنيات «القومي للمسرح» في مصر

دروع وشهادات تكريم لرواد المسرح
دروع وشهادات تكريم لرواد المسرح

عباءة حمراء قديمة، معلقة في إحدى قاعات العرض المتحفي بمبنى المركز القومي للمسرح بحي الزمالك، وسط القاهرة، توثق سنوات المسرح المصري العريق، إذا اقتربت منها، ربما سمعت عبارة «وما الدنيا إلا مسرح كبير»، بصوت صاحبها الفخم الرزين. وإذا تأملتها تعجبت من نجاح الفنان المصري الراحل، يوسف بك وهبي في تجسيد دور الشيطان المخيف، القادر على الغواية، والذي أثار إعجاب جمهور المسرح، بأدائه المميز في مسرحية «سفير جهنم» عام 1942، دون مؤثرات وتكنولوجيا العصر الحديث.
يضم متحف المركز القومي للمسرح، الذي يفتح أبوابه مجاناً للجمهور من الساعة العاشرة صباحاً حتى الساعة الثانية مساءً، مقتنيات نادرة لرواد المسرح من صور وإعلانات وأوراق شخصية وملابس وخطابات بخط اليد، يعود تاريخ أقدمها إلى عام 1880 ميلادياً، كما يؤكد محمد فاروق مدير المتحف، الذي يحمل شغفاً لا ينتهي لمقتنياته، ويحفظ تاريخها عن ظهر قلب. يقول فاروق لـ«الشرق الأوسط» إنه عُيّن مسؤولاً عن المتحف منذ 15 عاماً، وخلال تلك السنوات كان شاهداً على جهود الباحثين ومسؤولي المركز القومي للمسرح، لجمع وتوثيق مقتنيات رواد المسرح، إضافة إلى الحفاظ على الأرشيف الخاص بالمركز، الذي يضم ما يزيد عن 50 ألف صورة نادرة، تُعرض منها 400 صورة، إضافة إلى 70 قطعة ملابس، ارتداها رواد المسرح خلال أعمالهم، و300 أسطوانة غرامافون سجلت عليها المسرحيات قبل التوثيق بالفيديو. وتمنح مقتنيات المتحف الزوار، جولة في تاريخ المسرح، فيعرض صورة قديمة لـ«الأسطى ساكنة»، المغنية الشهيرة التي لقبت بـ«ألمظ» وعاشت في الفترة ما بين 1860 إلى 1896. وتزوجت المغني الأشهر في زمنه عبده الحامولي. كما يعرض صورة لأول دفعة بمعهد الفنون المسرحية عام 1931. يظهر فيها الفنان الراحل عبد السلام النابلسي، وزكي طليمات، ورفيعة الشال، وقد أغلق المعهد بعد ذلك، حتى أعاد الفنان يوسف وهبي افتتاحه مرة أخرى، وهناك أيضاً صورة نادرة للفنان جورج أبيض، وزوجته دولت أبيض، من أقدم مؤسسي الفرق المسرحية في مصر.
وبالإضافة إلى عباءة يوسف وهبي الشهيرة، يضم المتحف بدلة زكي طليمات، وملابس للفنانة علوية جميل، تعود لعشرينات القرن الماضي، وبدلة الفنان عبد المنعم إبراهيم، المصنوعة من الصوف الإيطالي، وطربوشه الشهير، وأغلب تلك المقتنيات حصلت عليها إدارة المسرح من جيل الأبناء والأحفاد، الذين يسعون إلى حفظ سير آبائهم الفنانين عن طريق «جمعية أبناء رواد المسرح»، برئاسة المستشار ماضي توفيق الدقن، ابن الفنان الراحل توفيق الدقن.
يضم المتحف أيضاً عود سيد درويش، الذي يحفظ داخل غطاء محكم، بعد التأكد من كونه العود الوحيد الخاص به؛ حيث نقش اسمه بداخله، إضافة إلى عقد زواج درويش من الفنانة جليلة، بمهر قدره 30 جنيهاً مصرياً، إهداء من «جمعية محبي سيد درويش»، وأيضاً مقتنيات خاصة للمخرج الراحل سيد راضي، والفنان داود حسني، ومقتنيات الفنان الراحل ناجي شاكر، أحد رواد فن تحريك العرائس في مصر، ومصمم عرائس أوبريت «الليلة الكبيرة» الشهير.
كما يحتوي المتحف على عشرات الإعلانات القديمة للعروض والمهرجانات المسرحية، من ضمنها إعلان عن «مهرجان الضحك»، الذي يضم عروضاً واستعراضات ضاحكة، وإعلاناً لمسرحية لبديعة مصابني باسم «كف التمساح»، تعود لعام 1936، وتظهر فيه بديعة بفستان طويل من الحرير وشعر قصير مموج، تماشياً مع الموضة العالمية في تلك الفترة. يقول محمد فاروق إن «تلك الإعلانات أخبرتنا الكثير عن طبيعة المسرح في بدايات القرن الماضي، فمثلاً عرفنا أن شخصية (كشكش بيه) التي جسدها الممثل القدير الراحل نجيب الريحاني، مثّلها قبله الفنان أمين عطا الله، كما علمنا أيضاً أن حركة المسرح ازدهرت خلال الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، للدرجة التي كانت فيها فرقة الأزبكية تعرض 6 عروض مختلفة بشكل أسبوعي، كما كشفت لنا الإعلانات عن عدد من الفنانين والمسرحيات غير الشهيرة، كمسرحية (الكونت زقزوق)، ومسرح (حديقة فتحية)».
وأضاف: «المركز يسعى إلى تطوير المتحف عن طريق تصميم ركن خاص لكل رائد من رواد المسرح، يعرض جانباً من حياته الخاصة والمسرح الذي عمل عليه وأهم أعماله، إضافة إلى إطلاق قناة قريباً تضم التراث المسرحي من أرشيف المركز القومي للمسرح، لحفظ هويتنا وتعريف الأجيال الجديدة برواده».


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.