قرية ثقافية في مدينة الخبر تستلهم تنوع مناطق السعودية

تحكي قصص القصيبي وطلال مداح وعبد الحليم رضوي

جادة التّرفيه على الواجهة البحرية في الخبر ضمن فعاليات «موسم الشرقية»
جادة التّرفيه على الواجهة البحرية في الخبر ضمن فعاليات «موسم الشرقية»
TT

قرية ثقافية في مدينة الخبر تستلهم تنوع مناطق السعودية

جادة التّرفيه على الواجهة البحرية في الخبر ضمن فعاليات «موسم الشرقية»
جادة التّرفيه على الواجهة البحرية في الخبر ضمن فعاليات «موسم الشرقية»

عبر تقنية الواقع الافتراضي، يتجول زوار القرية الثقافية، إحدى فعاليات «موسم الشرقية»، في مناطق متعددة من البلاد، تستحضرها عبر هذه التقنية، لتقدمها لزوارها، في خطوة هدفها الأساس ترسيخ الهوية الوطنية والاعتزاز بالحضارة والتراث السّعودي، وخلق تجربة جديدة من التواصل مع المكونات الثّقافية والحضارية الوطنية.
وتنقسم القرية التراثية إلى 5 أقسام رئيسية، تمثل المناطق «الوسطى، والشمالية، والجنوبية، والغربية، والشرقية»، وتقدم الأزياء والمأكولات الشعبية، والفنون الموسيقية، واللهجات الخاصة، والشخصيات البارزة في كل منطقة.
وتحكي القرية مسيرة 3 شخصيات ملهمة في التاريخ السعودي، هم الدكتور غازي القصيبي الوزير والسفير والأديب، والفنان طلال مداح أحد أبرز رواد الأغنية السعودية والخليجية، وعبد الحليم رضوي أحد رواد ومؤسسي الفن التشكيلي في السعودية.
وتعد القرية الثقافية واحدة من أبرز فعاليات «موسم الشرقية» الذي انطلقت فعالياته في 14 مارس (آذار) الحالي. وتقام القرية الثقافية في الواجهة البحرية لمدينة الخبر؛ حيث نجحت عبر فعالياتها المتعددة في جذب أكثر من 5 آلاف زائر يومياً، لتنوع فعالياتها بين الثّقافة والتراث والترفيه، إضافة إلى التدريب مجاناً في عدة موضوعات تناسب مختلف أفراد العائلة السعودية، ما جعلها محطّ اهتمام ومتابعة من قبل الجميع.
وتقدم «القرية الثقافية»، التي تنظمها الهيئة العامة للثقافة، برامج وفعاليات خاصة بثقافة المناطق السعودية، ولكن بأسلوب عرض متطور، يُدمج فيه الماضي بالحاضر، تماشياً مع «رؤية السعودية 2030».
وشارك في فعاليات «القرية الثقافية» الفنان سلطان الخليفة، وكذلك الفنان إبراهيم السّلطان، بالكثير من الأغنيات المشهورة والمحببة لدى الجمهور، الذي تفاعل معهما بصورة رائعة، كما قدّمت القرية لمحبي الشّعر الشّعبي أمسيات شعرية، شارك فيها الشاعر فهد الشهراني، كما ستُقدّم أمسية شعرية للشّاعر عبد اللطيف بن يوسف، في 21 مارس الحالي.
إضافة إلى ذلك، تقدم «القرية الثقافية» 22 ورشة عمل مجاناً في مجالات الرسم، والأنيميشن، والمقامات، ورسم الكاريكاتير، والخط العربي، والتصوير، والموسيقى، والأزياء، وصناعة المحتوى التسويقي، والعلاج بالفن، بالإضافة إلى فعاليات الأطفال المختلفة.
ويزخر «موسم الشرقية» بالتنوع والتشويق في الجانب الثّقافي، وذلك إلى جانب الثّراء المعرفي والفني، عبر فعاليات «الهيئة العامة للثقافة»، ومن أبرزها «الأوبرا المصرية» التي تستضيفها المنطقة الشرقية لأول مرة في معرض الظهران الدُّولي يومي 22 و23 مارس، لتقديم عروض الموسيقى الأصيلة للأوبرا المصرية العريقة، وأجمل المقطوعات الموسيقية، بمشاركة نخبة من أشهر الفنانين والموسيقيين العرب، وكذلك فعالية فرقة «التخت الشرقي» الموسيقية التابعة للأوبرا المصرية. كما تشمل الفعاليات أيضاً «المعرض التفاعلي فان غوخ» الذي يُعتبر فرصة مهمة لعشاق الفنون، بالإضافة إلى العروض الكوميدية، التي يجري فيها استعراض قدرات نجوم الوطن في فنون الكوميديا.
وتقدم الليالي الثّقافية فعاليات متنوعة لقطاعات الثّقافة الخمسة؛ «المسرح، والأدب، والموسيقى، والفيلم والمحتوى، والفنون البصرية»، وكذلك فعالية «السينما الخارجية» باستخدام أحدث تقنيات العروض السينمائية، لعروض أفلام سينمائية سعودية حاصلة على جوائز دولية، و«معرض الفنون» لتقديم فناني المنطقة الشرقية في مجالات الرّسم والنّحت وفن الفيديو والتصوير الفوتوغرافي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».