بعثة مصرية تعثر في البحر المتوسط على مراسٍ أثرية غارقة

اعتمدت عليها التجارة لمدة ألفي عام... وزودت السفن بالمياه العذبة

أثريان مصريان يعاينان المرسى الأثري الغارق
أثريان مصريان يعاينان المرسى الأثري الغارق
TT

بعثة مصرية تعثر في البحر المتوسط على مراسٍ أثرية غارقة

أثريان مصريان يعاينان المرسى الأثري الغارق
أثريان مصريان يعاينان المرسى الأثري الغارق

أعلنت وزارة الآثار المصرية عن اكتشاف مجموعة من المراسي الأثرية بشاطئ باجوش، بمحافظة مرسى مطروح، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، تعود إلى عصور مختلفة بدءاً من القرن الثالث قبل الميلاد.
وقالت الوزارة، في بيان صحافي أمس، إن «البعثة الأثرية لمركز الآثار البحرية بكلية الآداب، جامعة الإسكندرية، عثرت على عدد من المراسي الأثرية، مختلفة الطرز والأحجام، أثناء أعمال المسح الأثري بشاطئ باجوش بالساحل الشمالي الغربي بالقرب من مدينة مرسى مطروح».
وأوضح الدكتور عماد خليل، رئيس مركز الآثار البحرية بكلية الآداب، لـ«الشرق الأوسط»، أن «البعثة عثرت على عدد كبير من المراسي تعود إلى عصور مختلفة، بدءاً من العصر الهيلنستي، مروراً بالعصر الروماني اليوناني، والعصر الروماني المتأخر، وحتى العصر الحديث، وفترة الحرب العالمية الأولى، في القرن العشرين، مما يؤكد أن شاطئ باجوش استخدم كميناء لفترات طويلة من الزمن».
وقال إيهاب فهمي، رئيس الإدارة المركزية للآثار الغارقة، في بيان صحافي، إن «هناك تنوعاً في شكل ونوع المراسي التي تم العثور عليها، فبعضها مراسٍ حجرية، والآخر من الحديد أو الرصاص»، مشيراً إلى أن «البعثة عثرت على عدد من الأواني الفخارية من منطقة شمال أفريقيا، ومصر، واليونان، وإيطاليا، وإسبانيا، وفلسطين، مما يؤكد كثافة النشاط البحري في تلك المنطقة عبر العصور المختلفة، وأن مرسى باجوش ظل مستخدماً من قبل السفن لمدة تزيد على ألفي عام».
ويقع شاطئ باجوش على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على بعد 48 كيلومتراً شرق مدينة مطروح، وعلى بعد 250 كيلومتراً (غرب الإسكندرية)، وكان يستخدم كميناء في العصور القديمة، بدءاً من القرن الثالث قبل الميلاد، وحتى العصر الحديث.
وقال خليل إن «مساحة المنطقة الأثرية كبيرة تبلغ نحو 4 كيلومترات، والبعثة تعمل بها منذ عام 2015. بهدف وضعها على الخريطة الأثرية، لأن جميع بعثات الآثار الغارقة تتركز في الإسكندرية، رغم أن الشواهد التاريخية تؤكد أن منطقة الساحل الشمالي المصري كلها من الإسكندرية إلى مرسى مطروح استخدمت في العصور التاريخية المختلفة».
وأضاف أن «النصوص التاريخية كانت تشير إلى أن ميناء باجوش كان مكاناً لتزويد السفن بالمياه العذبة، ولكننا لم نكن نعرف كيف كان يتم ذلك، حتى عثرنا في العام الماضي على مجموعة من خزانات المياه الرومانية على شاطئ الميناء، ما زال الماء موجوداً في بعضها، ويستخدمها البدو من سكان المنطقة»، موضحاً أن «هذا دليل مهم على أهمية الميناء، فمن الطبيعي أن تحتاج السفن التي خرجت من ميناء الإسكندرية إلى المياه في طريقها، خاصة أن باجوش يبعد 250 كيلومتراً عن الإسكندرية»، مشيراً إلى أن ميناء باجوش هو أحد الموانئ الطبيعية المهمة المذكورة في العديد من المصادر التاريخية، والتي كانت مستخدمة بشكل أساسي في القرن الثالث قبل الميلاد.
جدير بالذكر أن مصر قامت بتأسيس «إدارة للآثار الغارقة» في منتصف تسعينات القرن الماضي، عندما تم العثور على بقايا فنار الإسكندرية بجوار قلعة قايتباي، والحي الملكي تحت مياه الميناء الشرقي على التوالي، وعلى مدار سنوات بدأت البعثات الأثرية أعمال المسح الأثري على شاطئ الإسكندرية، واكتشفت العديد من الآثار الغارقة، تم إخراج عدد كبير منها وترميمه، ويعرض حالياً نحو 293 قطعة أثرية من مكتشفات هذه البعثات في معرض بمدينة مينابوليس الأميركية، ضمن جولة لمعرض تحت عنوان «المدن الغارقة... عالم مصر الساحر».
ونظراً لتكلفة استخراج الآثار من المياه وترميمها والحفاظ عليها، برزت فكرة في عام 2006 بإنشاء متحف للآثار الغارقة تحت الماء، وبدأ إعداد دراسات حول هذه الفكرة تحت إشراف منظمة «يونيسكو»، لكن الفكرة لم تكتمل، وواجهت اعتراضات من جانب بعض الأثريين، إضافة إلى أن تكلفة إنشاء مثل هذا المتحف مرتفعة للغاية.


مقالات ذات صلة

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

يوميات الشرق اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

أعلن عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، الأربعاء، عن اكتشاف بقايا معبد الوادي للملكة حتشبسوت بالأقصر (جنوب مصر)، مع عدد من الاكتشافات الأثرية الأخرى.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

وقّعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا وأكاديمية «دونهوانغ» الصينية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والسياحي والتراثي بين المملكة والصين.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الغرابة (SWNS)

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
يوميات الشرق المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثّل في مصطبة لطبيب ملكي بالدولة المصرية القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».