الفنان العالمي برين تيرفيل: مشاركتي في مهرجان أبوظبي ستبقى محفورة في ذاكرتي الفنية

قال إنه فوجئ بإقبال الجمهور العربي على فن الأوبرا

السير برين تيرفيل
السير برين تيرفيل
TT

الفنان العالمي برين تيرفيل: مشاركتي في مهرجان أبوظبي ستبقى محفورة في ذاكرتي الفنية

السير برين تيرفيل
السير برين تيرفيل

عرض مهرجان أبوظبي لعشاق فن الأوبرا العمل الأصلي لبوتشيني «توسكا»، الذي عرف نجاحاً كبيراً، وتلقته الأوساط الفنية بترحاب كبير، خصوصاً أنه عرف هذه السنة عودة الفنان العالمي السير برين تيرفيل للمهرجان بعد انقطاع دام ست سنوات، ومشاركة نجمة الأوبرا كريستين أوبولايس في دور «توسكا»، والنجم الإيطالي فيتوريو غريغولو.
«الشرق الأوسط» التقت السير برين تيرفيل الحاصل على خمس جوائز «غرامي»، وعدد كبير من الجوائز العالمية، وعلى وسام من الملكة إليزابيث، وأجرت معه هذا اللقاء.
> ما شعورك بالعودة للمشاركة في مهرجان أبوظبي بعد ست سنوات من الغياب؟
- أشعر بفخر واعتزاز كبيرين بالعودة إلى هذا المهرجان الرائع والمتكامل، وأعتزّ أكثر بمشاركتي في المهرجان في سنة 2013. أذكر أن حجم الإقبال كان كبيراً، والتجاوب مبهراً، جعلني أفاجأ وأكتشف إلى أي مدى يعشق هذا الشعب الفن الأوبرالي. كانت حقاً ذكريات جميلة أعتز بها وستظل عالقة في ذهني. وما يزيد فخري هو أنني أشارك هذه الدورة في أوبرا «توسكا» مع نجمين كبيرين هما الفنانة العالمية كريستين أوبولايس وفيتوريو غريغولو. أعترف أن مشاركتي في مهرجان أبوظبي ستبقى محفورة في ذاكرتي الفنية.
> «توسكا» عمل فني عمره أكثر من مائة عام، ومع ذلك لا يزال صامداً وقوياً ومثيراً للإعجاب. ما هي في نظرك المقومات التي تجعل العمل الفني خالداً وصامداً بهذه الدرجة؟
- الغريب أن «توسكا» لم تلقَ في البداية الإقبال الذي لقيته أعمال أخرى لبوتشيني. لكن بعد ذلك بدأت تحصد النجاح تلو الآخر، وتحولت إلى تحفة فنية تلقى الإعجاب في كل دول العالم.
> ما مشاريعك الفنية بعد مهرجان أبوظبي؟
- لديّ عرض في مدينة بوردو الفرنسية، وبعدها سأقدم أوبرا توسكا في رويال أوبرا هاوس في لندن.
> ميولك للغناء بدأت في سن مبكرة، وكانت بدايتك مع أغانٍ تقليدية لبلدك الأصلي ويلز. كيف جاء إذن هذا التحول من أغانٍ تقليدية بسيطة إلى عالم الأوبرا؟
- هذا مرتبط إلى حد كبير بمسيرة تطور صوتي عبر السنوات. ففي سن 12 اكتشفت وأسرتي كيف أصبح صوتي جهورياً وقوياً، وكان لا بد من احتضانه وتطويره في فضاء يؤطّره، وقد وجدت هذا الفضاء في عالم الأوبرا.
> قررتَ في سن مبكرة مغادرة مزرعتك وبلدتك في ويلز لدراسة الفن في لندن. هل لقيت دعماً من والديك أم أنهما كانا غير متحمسين للقرار؟
- عندما تفجرت موهبتي في الغناء، وبدأت أنال الجوائز الفنية في مدينتي، بدأ الجميع يلتفت إلى موهبتي وينصحني بدراسة الفن بشكل أكاديمي، وعدم الاكتفاء بالهواية، ومن هنا بدأت أواظب على سماع موسيقى الأوبرا. عندما سمعت صوت لوسيانو بافاروتي لأول مرة كان ذلك بمثابة تحول جذري في حياتي الفنية، وتأكدت عندها أن هذا هو ما أريده حقاً. وما ساعدني على تحقيق ذلك هو الدعم الكبير الذي حظيت به من طرف والديّ.
> هل كانت البداية سهلة أم أن الطريق كان محفوفاً بالصعاب والعقبات؟
- لم يكن طريقاً سهلاً على الإطلاق. عندما التحقت بدراسة الفنون كانت سنتي الأولى مليئة بالمصاعب، وكنت أشتاق إلى عالمي البسيط في مزرعتنا بويلز. لكن كنت أدرك في نفس الوقت أن عليَّ أن أنهي دراستي بنجاح. وقد تطلب الأمر خمس سنوات من الجد والاجتهاد لأجد نفسي في المسار الصحيح، وأبدأ في الحصول على بعض الأدوار البسيطة.
> هذا المسار الطويل الذي بدأته منذ بداية 1990 مكّنك من نيل خمس جوائز «غرامي» لخمس سنوات متتالية. ماذا تشكّل لك هذه الجوائز؟ ألا تعتبرها إلى حدٍّ ما نوعاً من التكليف للبقاء في القمة وتحقيق النجاح تلو الآخر؟
- ما زلت إلى وقتنا هذا أتعلم كل يوم أشياء جديدة، وما زلت أتلقى دروساً في فن الأداء والإلقاء. المسيرة بالنسبة إليّ لا تتوقف، وأشعر حتى يومنا هذا أنني ما زلت طالباً، فأنا حتى الآن أخضع لتوجيهات المخرجين وفريق العمل، وهو ما يحتّم عليَّ التقيد بالتوجيهات لأن أي خطأ يؤثّر بالضرورة على أداء فريق العمل برمّته.
> باستثناء دولة الإمارات العربية المتحدة، هل سبق لك أن قدمت عروضاً فنية في دولة عربية أخرى؟
- في عمان، وكانت تجربة رائعة حقاً.
> كيف ترى مستقبل الأوبرا في بريطانيا وبلدك ويلز تحديداً، خصوصاً في ظل تراجع الإقبال على فن الأوبرا بسبب غلاء التذاكر، مقارنةً ببعض العروض الفنية الأخرى؟ هل تتفق مع هذا الطرح؟
- أنا متفائل بالمستقبل، وما أراه حالياً هو أن الجيل الجديد يفضل هذا النوع من الفنون. صحيح أن الأذواق الفنية للشبان تختلف اليوم، ولا يمكن أن نتوقع من الجميع أن يقبل على هذا الفن دون غيره. لكني أتفق معك على كون تذاكر بعض العروض ليست في متناول الجميع، وهذه مشكلة قد تطرح إشكالاً بالنسبة إلى الجمهور والعاملين في هذا المجال من الفن.
> كلمة أخيرة للمسؤولين عن مهرجان أبوظبي.
- أنا محظوظ للمشاركة في مهرجان أبوظبي هذا العام. أذكر أنه عندما أخبرني وكيل أعمالي بالدعوة للمشاركة في المهرجان شعرت بفرحة كبيرة، ولم أتردد في الموافقة فوراً. ويكفي أن نلقي نظرة على الأسماء الكبيرة واللامعة التي استضافها المهرجان على مر السنوات الماضية، سواء في عالم الأوبرا أو في بقية الفنون والمجالات الأخرى، لندرك حجم الجهود الجبارة التي يقوم بها المسؤولون لإنجاح هذا المهرجان.


مقالات ذات صلة

السينما العربية تسيطر على جوائز «مهرجان الجونة»

يوميات الشرق المخرجان اللبنانيان جوانا حاجي توما وخليل جريج خلال تكريمهما بحفل الختام (الجونة السينمائي)

السينما العربية تسيطر على جوائز «مهرجان الجونة»

سيطرت السينما العربية على جوائز الدورة السابعة لـ«مهرجان الجونة السينمائي»، فقد فاز لبنان بـ4 جوائز، وفازت فلسطين بـ3 جوائز، بالإضافة إلى فوز مصر وسوريا وتونس.

انتصار دردير (الجونة (مصر))
يوميات الشرق ناهد نصر الله خلال حديثها بمهرجان الجونة (إدارة المهرجان)

المصممة المصرية ناهد نصر الله: دخلت عالم الأزياء بالصدفة

شهد اليوم الأخير ضمن فعاليات الدورة السابعة لمهرجان «الجونة السينمائي»، الجمعة، جلسة حوارية لمصممة الأزياء ناهد نصر الله تحدثت فيها عن مسيرتها في تصميم الأزياء.

أحمد عدلي (الجونة (مصر))
يوميات الشرق الفلسطينيتان ياسمين المصري وكلارا خوري بأحد مشاهد الفيلم  (إدارة المهرجان)

«شكراً لأنك تحلم معنا» فيلم فلسطيني يطرح قضية شائكة في «الجونة السينمائي»

ينأى الفيلم الفلسطيني «شكراً لأنك تحلم معنا» عن الدخول في قضايا سياسية أو الاشتباك مع الواقع المأزوم ليطرح قضية اجتماعية شائكة عبر حكاية تثير التعاطف والاستياء.

انتصار دردير (الجونة (مصر))
يوميات الشرق المخرجة ميرا شعيب أثناء تصوير الفيلم (ميرا شعيب)

«أرزة» ينافس على جائزة «الأوسكار» لعام 2025

يُنظّم فريق «أرزة» حملات مكثفة لعرضه في مهرجانات سينمائية تسبق الحدث.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أفيش الفيلم (الشركة المنتجة)

رحلة بحث عن «الفستان الأبيض» تكشف خبايا «المهمشين»

أكدت المخرجة جيلان عوف وهي أيضاً مؤلفة الفيلم أن التحضير للعمل استغرق 4 سنوات.

انتصار دردير (الجونة (مصر))

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».