قافلة «ركايب» تعيد التذكير بشخصيات من التاريخ السعودي الحديث

فيلبي ومبارك بن لندن ضمن من عبر الربع الخالي

فريق أطلس السعودية ضمن مزودي الرحلة
فريق أطلس السعودية ضمن مزودي الرحلة
TT

قافلة «ركايب» تعيد التذكير بشخصيات من التاريخ السعودي الحديث

فريق أطلس السعودية ضمن مزودي الرحلة
فريق أطلس السعودية ضمن مزودي الرحلة

تزخر صحراء الربع الخالي في السعودية بتاريخ شخصيات من أنحاء العالم جاءت إلى السعودية والبلدان العربية خلال القرن الماضي للاستكشاف، وكان من ضمن الرحالة والمستكشفين الذين عبروا الربع الخالي جون فيلبي ومبارك بن لندن، وغيرهما.
وأتاحت قافلة «ركايب» التي ينظمها نادي الإبل السعودي، المشاركة في الرحلة التي تعد الأولى من نوعها لجميع المغامرين حول العالم في أجواء رياضية استكشافية، تهدف إلى التعريف بصحراء الربع الخالي للعالم، والتثقيف بالجوانب الحضارية والثقافية، وتسليط الضوء على الفرص السياحية المتوافرة في السعودية في رحلة جريئة ومغامرة غير مسبوقة.
وأعادت رحلة «ركايب» الاستكشافية، قوافل الرحالة والمؤرخين ممن يذكرون في تاريخ بدايات تكوين الدولة السعودية الثالثة. ويحرص بعض أهالي صحراء الربع الخالي على لاحتفاظ بقصص توارثوها عبر أجدادهم عن مسيرة قوافل القدامى.
- مبارك بن لندن وعبور الربع الخالي
وعبر الرحالة البريطاني ويلفريد ثيسجر، المعروف باسم «مبارك بن لندن»، رمال الربع الخالي لاستكشافها، وكان برفقته عبد الله بن سالم بن معيقل، و7 من أبناء قبيلته، على حد قول حفيده صالح الصيعري أحد أبناء الربع الخالي، الذي التقينا به في قافلة «ركايب».
وتحدث صالح الصيعري عن مبارك بن لندن وعلاقته بجده الذي كان يرافقه، مشيراً إلى أن مسارهم بدأ من الجنوب من منطقة منوخ، وعبروا منها الربع الخالي على الهجن، مروراً على عمان، ثم الإمارات، ثم السعودية.
ويعد بن لندن من آخر المستكشفين الرحالة الذين قطعوا رمال الربع الخالي، حيث عبرها في فترتين بين 1945 و1950، وتميز عنهم في تعايشه مع سكان الربع الخالي لدرجة أنه استبدل ملابسه التي كان يرتديها سابقاً، بالثوب والغترة، بالإضافة إلى الخنجر أو ما يسمى بـ«الجنبية» عند بدو الربع الخالي، وكان مبارك بن لندن مستكشفاً وكاتباً بريطانياً له الكثير من المؤلفات أحدها كتاب «الرمال العربية».
وسبق مبارك بن لندن في قطع رمال الربع الخالي، المستكشف هاري سانت جون بريدجر فيلبي أو جون فليبي، حيث عبر الربع الخالي في 1932، وهو الذي ذهب إلى الرياض بتكليف من الحكومة البريطانية في 1917، وعمل في السعودية، والعراق، والأردن. وعرف عن جون فيلبي أو «الشيخ عبد الله فيلبي»، أنه مستشار ومستكشف وكاتب له الكثير من المؤلفات التي تتحدث عن الجزيرة العربية.
ذلك بالإضافة إلى المستكشف دي إي تشيسمان الذي عبر رمال الربع الخالي في 1923، والرحالة بورتام ثوماس الذي قطع رمال صحراء الربع الخالي في 1930، حيث كتبا عن صحراء الربع الخالي في مذكراتهما ورحلاتهما.
يشار إلى أن صحراء الربع الخالي أكبر صحراء متصلة الامتداد في العالم، بمساحة تقدر بنحو 650 ألف كيلومتر مربع، تمتد بطول 1200 كيلومتر وعرض 600 كيلومتر، حيث تقع 80 في المائة من مساحة الربع الخالي في السعودية، بينما تمتد المساحة الباقية في الإمارات، وعمان، واليمن.
وأشار صالح الصيعري، البالغ من العمر 48 عاماً، إلى أنه يعيش بالربع الخالي ويتنقل حسب وجود الحياة لإطعام الإبل، وفي الصيف يذهبون إلى الجوان (الصحراء المستوية) فتكون الأرض باردة عليهم لأن الرمل يكون حاراً في الصيف وتهلك الإبل فيها، ولم يسبق للصيعري العيش داخل المدن، وقال إن أهل الربع الخالي لا يذهبون إلى المشفى إلا إذا عند الضرورة القصوى، ويستخدمون العلاج الشعبي في علاج المريض. وحول معرفة الاتجاهات قال الصيعري إنهم يستخدمون النجوم في تحديد المواقع دليلاً لوجهتهم.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».