مع احتفال العالم بمرور 30 عاماً على اختراع الشبكة العالمية، حذّر مخترعها سير تيم بيرنرز لي من أن الشبكة أصبحت «مكاناً لمن ينشرون الكراهية»، وأضاف في خطاب مفتوح بالمناسبة أن الشبكة العنكبوتية «جعلت كل أنواع الجرائم سهلة التنفيذ»، وأنها أصبحت وسيلة «للمحتالين»، إضافة إلى أنها تسببت في انحدار مستوى الحوار على المواقع المختلفة عبر استخدام الإثارة والاستقطاب.
وخلال مقابلة مع «بي بي سي»، قال بيرنرز لي إن المستخدمين أدركوا أن المعلومات التي يُدخلونها تصبح عرضة للاستغلال، ضارباً المثل بفضيحة شركة «كمبريدج أنالاتيكا» التي استخدمت معلومات المشتركين في مواقع مثل «فيسبوك» للوصول إلى الناخبين، في استفتاء بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي. وأضاف: «أنا متخوف من نشر المعلومات الخاطئة والمشاعر السيئة»، مضيفاً أن المستخدمين قد بدأوا في فهم المخاطر التي تواجههم على الإنترنت.
ورغم التحذيرات الجادة التي أطلقها السير بيرنرز لي، فإنه أيضاً أشار إلى إمكانية الحد من اختراق الخصوصية والقرصنة الإلكترونية.
وفي خطابه، حدّد بيرنرز لي مناطق «خلل» قال إنها تضر بالشبكة العالمية اليوم، وهي القرصنة والتحرش والنقاش المتحيز واستخدام الشركات للمعلومات لاصطياد العملاء. وقال إن كل تلك الأمور يمكن التعامل معها عبر وضع قوانين جدية تحدّ من التصرفات المسيئة على الإنترنت، غير أنه أكد أن مثل هذه الخطوات تتطلب تعاون جميع شرائح المجتمع من أفراد الجمهور، ومجتمع الأعمال، حتى القادة السياسيين.
وقد احتفل موقع «غوغل» أمس بالمناسبة بوسم خاص.
- البداية
مرت نحو 30 عاماً منذ أن تقدم مهندس البرمجيات تيم بيرنرز لي باقتراح لنظام إدارة المعلومات بغية مساعدة زملائه في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية. وفي ذلك الوقت، كان من غير المرجح لتيم بيرنرز لي، البالغ من العمر 33 عاماً، أن يعرف القوة الكبيرة التي تملكها قاعدة البيانات ذات النصوص الفائقة والروابط المكتوبة على المجتمع. ولكن شبكته العالمية سوف تستمر في إحداث التغييرات الكبيرة في الحياة، كما نعرفها اليوم.
لقد غيّر السير تيم من الطريقة التي نستهلك بها المعلومات تماماً.
ويجب في البداية أن نفرق بين الشبكة العالمية والإنترنت، فمن المهم أن نتذكر أن الشبكة العالمية والإنترنت هما شيئان مختلفان تماماً، وينبغي ألا نخلط بينهما على الإطلاق.
وبناء على مقترح السير تيم، تم البدء في تكوين الشبكة العالمية في أوائل التسعينات.
ووفقاً لموقع «ذي ديجيتال»، فإن الشبكة العالمية تمثل طريقة وصول المحتوى إلى الإنترنت من خلال متابعة بروتوكول نقل النصوص الفائقة، الذي يُستخدم على الإنترنت لنقل البيانات والاتصالات. وهي من تطبيقات الإنترنت بالأساس، والذي يستخدم الإنترنت في تبادل المعلومات، سواء أكانت المعلومات عبارة عن نصوص، أم مستندات، أم محتوى مرئي مثل الفيديو. وهي تتبع بروتوكول «http» الشهير، وهي لغة تستخدم على الإنترنت لنقل البيانات، ويمكن الوصول إليها عبر الإنترنت من جميع أرجاء العالم. وأي صفحة على الإنترنت تبدأ بـ«http:--www» هي جزء من الشبكة العالمية.
- من هو مخترع الشبكة العالمية؟
جاءت الشبكة العالمية وليدة إحباط السير تيم بعد اضطراره للدخول على حاسوب مختلف في كل مرة يريد الوصول فيها إلى معلومة مختلفة ليست موجودة على الحاسوب الرئيسي في العمل.
وكانت فكرته الكبيرة تدور حول اختراع لغة مشتركة تفتح الوصلات الفائقة بين جميع أنواع الشبكات المختلفة.
وبعدما سمح له رئيسه بمزيد من الوقت لصياغة نموذج العمل خاصته وتحويله إلى نموذج قابل للتطبيق، كتب السير تيم أول كود في عام 1989 «بما في ذلك HTML وHTTP» التي لا تزال تشكل البنية الأساسية للإنترنت حتى يومنا هذا.
وبحلول عام 1991، كانت خوادم الشبكة الخارجية موجودة وقيد العمل، ثم أتيحت الملفات الخاصة بالمشروع للمرة الأولى.
وفي 12 مارس (آذار) 1989، وأثناء عمله في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية، المعروفة باسم «سيرن»، تقدم السير تيم بيرنرز لي بمقترح لإدارة المعلومات، من شأنه أن يحول من طريقة تواصل الناس وأسلوب استهلاك المعلومات. وأصبح اختراعه ذلك معروفاً فيما بعد باسم الشبكة العالمية.
- آلام النمو
مع بلوغه عامه الثلاثين، ومع نصف العالم الذي يستخدم اختراعه الكبير، باتت الشبكة العالمية في مواجهة آلام النمو مع مسائل مثل خطاب الكراهية، وشواغل الخصوصية، والقرصنة التابعة للحكومات، كما يقول المخترع الكبير. وكان تيم بيرنرز لي قد انضم إلى الاحتفال بالشبكة العالمية، أمس (الثلاثاء)، وتذكر المكان الذي شهد مولد هذا الاختراع العظيم – في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية – حيث بداية المقترح الذي تقدم به في 12 مارس من عام 1989.
ويدعو السير الإنجليزي، البالغ من العمر الآن 63 عاماً، الحكومات والشركات والمواطنين للعمل والتكاتف سوياً، ويريد من الشبكة العالمية أن تصبح في متناول أولئك الذين لا يتصلون بالإنترنت حتى الآن.
وأقرّ السير بيرنرز لي، أثناء حديثه في مؤتمر «Web@30» ، أنه بالنسبة للمتصلين بالإنترنت، فإن الشبكة العالمية ليست هي التي كان يريدها في كل جانب من جوانبها.