تقرير سري لـ«إف بي آي»: المعتقلون بالإرهاب يحاكمون بتهم غير إرهابية

تتضمن تجارة المخدرات أو خرق قانون الهجرة والتجنس

TT

تقرير سري لـ«إف بي آي»: المعتقلون بالإرهاب يحاكمون بتهم غير إرهابية

قال تقرير سري كتبه مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) عن جهود المكتب في الحرب ضد الإرهاب أن كثيراً من الذين اعتقلوا داخل الولايات المتحدة بتهمة الإرهاب يحاكمون بتهم غير إرهابية. وكانت صحيفة «واشنطن بوست»، قد كشفت عن التقرير، وقالت إن عدم وجود أدلة كافية لمحاكمة أشخاص اعتقلوا بتهمة الإرهاب يدفع المحققين إلى الاعتماد على أفعال أخرى ليست لها، بالضرورة، صلة بالإرهاب، مثل تجارة أو حيازة مخدرات، أو خرق قانون الهجرة والتجنس. وعن إرهاب اليمينيين الأميركيين، قال التقرير إن المحققين يتحاشون استعمال وصف «إرهاب»، ويميلون نحو استعمال وصف «عنف».
وعن الفرق بين الإرهاب الداخل والخارجي، قال التقرير إن عدد المعتقلين المشتبه في أنهم إرهابيون محليون، في العام الماضي، كان أكبر من عدد الذين يُزعم أنهم استلهموا الإرهاب من جماعات إرهابية دولية.
وقال التقرير: «في الوقت الذي يناقش فيه المسؤولون والنشطاء أفضل الطرق لملاحقة المتطرفين الذين يمارسون العنف، تُظهر هذه الأرقام معلومات غير معلنة عن الذين يعتقلون، أو يحاكمون، وعن ظروف ذلك، وعن وجود صلات حقيقية بمنظمات إرهابية أجنبية».
وأضاف التقرير: «كل عام، تحقق شرطة (إف بي آي) مع الآلاف، وكل عام، تتهم المئات. لكن، كل عام، تكشف (إف بي آي)، فقط عن عشرات من هذه الحالات».
وقال التقرير: «يدور الجدل حول إذا يركز القانون، وتطبق القانون، أكثر من اللازم على إرهاب المتطرفين، من غير الاهتمام بشكل كافٍ بارتفاع التطرف اليميني العنيف».
وحسب الأرقام في تقرير «إف بي آي»، كثيراً ما يستعين المحققون بجرائم أبسط، مثل انتهاك قوانين الأسلحة أو تجارة أو حيازة المخدرات.
ونقلت الصحيفة تصريحات مسؤول في «إف بي آي»، طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، قال فيها: «إنه العنف الذي نركز عليه، وليس، بالضرورة آيدولوجيات معينة». وأن ذلك يعني أن الشخص المعتقل يمكن أن يكون عنيفا ومتحديا للقانون، سواء كان ذلك إرهابا أو مخدرات.
وعن عدم استعمال وصف «إرهاب» بالنسبة للمتطرفين اليمنيين، أشارت الصحيفة إلى اعتقال كريستوفر هاسون (49 عاماً)، الجندي في حرس السواحل، في الشهر الماضي، والذي وصف نفسه بأنه «قومي أبيض». وأنه استلهم بعض أفكاره من القاتل النرويجي، أندرس بريفيك، الذي شن، في عام 2011. هجومين في النرويج، قتل فيهما 77 شخصاً.
يتهم هاسون بتكديس أسلحة كثيرة، كجزء من مؤامرة إرهابية محلية تستهدف السياسيين والصحافيين. وعثر معه على وثيقة قال فيها: «أحلم بوسيلة لقتل كل شخص على سطح الأرض تقريباً».
لكن، لم يواجه هاسون أي تهمة عن الإرهاب. بدلاً عن ذلك، اتُهم بتهمة حيازة أسلحة نارية غير مشروعة، وحيازة أسلحة نارية من قبل مدمن مخدرات، وحيازة أسلحة من قبل مستخدم غير قانوني، وحيازة مادة خاضعة للرقابة.
حسب معلومات وردت في تقرير «إف بي آي»، وحصلت عليها صحيفة «واشنطن بوست»، في عام 2017. اعتقل 110 أشخاص بتهم منها التعاون مع منظمات إرهابية دولية، مثل «داعش» و«القاعدة». وأن 30 من هؤلاء يواجهون تهم الإرهاب. ويواجه الباقون تهمات لها صلة بمخدرات، وحيازة أسلحة عير مشروعة، وتزويرات في طلبات الهجرة أو التجنس أو الإقامة.
وفى العام الماضي، اعتقل 100 شخص، ولكن يواجه 9 فقط تهمة الإرهاب. وقال سيموس هيوز، نائب مدير برنامج التطرف في جامعة جورج واشنطن (في واشنطن العاصمة) إن هذه الأرقام تشرح كيف تحقق «إف بي آي» مع الإرهابيين، أو المتهمين بالإرهاب. وأن هدف «إف بي آي» الأول هو التخلص من الذين يخرقون القانون، وذلك بإيداعهم السجون، سواء كانوا إرهابيين أو تجار أسلحة، أو غيرهم. وأضاف: «لا يحتاج مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى وضع إحصائيات عن الإرهاب، ما دام يريد سجن إرهابيين، أو مشكوك فيهم»، ووضع حد لخروقاتهم للقانون. لكن، حذر هيوز بأن أرقام «إف بي آي» يمكن أن «تكون مضللة»، لأنها تجمع بين تهم الإرهاب، وتهم غير الإرهاب. وأن هذا «يقدم صورة غير مكتملة في جهود المحافظة على سلامة الأميركيين». وأن المواطنين يمكن أن يفهموا أن «قضايا الإرهاب لا تعني بالضرورة تهم الإرهاب».


مقالات ذات صلة

جيش مالي يعتقل قيادياً في «داعش» ويقتل بعض معاونيه

أفريقيا مواطنون ماليون يحتفلون بعودة جنود من الجيش من معارك ضد الإرهاب (الجيش المالي)

جيش مالي يعتقل قيادياً في «داعش» ويقتل بعض معاونيه

نفذ الجيش المالي عملية عسكرية «خاصة» على الحدود مع النيجر، أسفرت عن اعتقال قيادي بارز في «تنظيم داعش في الصحراء الكبرى».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا النقيب إبراهيم تراوري القائد العسكري الحالي في بوركينا فاسو (متداولة)

استراتيجية الأمن في تجنيد ميليشيات رخيصة تتحول إلى كارثة في أفريقيا

دفع تسليح المدنيين الذين يفتقرون إلى التدريب الجيد ولا يحترمون حقوق الإنسان، القوات المسلحة في بوركينا فاسو ودول أفريقية أخرى إلى حافة حرب أهلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
آسيا تُظهر هذه الصورة مشهداً لموقع تم فيه إلقاء عبوة ناسفة على حشد خلال مهرجان سنوي في تايلاند... الجمعة 13 ديسمبر 2024 (أ.ب)

مقتل ثلاثة أشخاص بانفجار قنبلة خلال مهرجان في تايلاند

أعلنت الشرطة التايلاندية السبت اعتقال شخصين بعد انفجار قنبلة الجمعة خلال إحياء مهرجان بالقرب من الحدود مع بورما؛ ما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية جانب من الدمار الذي خلفه الهجوم المزدوج في ريحانلي عام 2013 (أرشيفية)

تركيا: القبض على مطلوب متورط في هجوم إرهابي وقع عام 2013

أُلقي القبض على أحد المسؤولين عن التفجير الإرهابي المزدوج، بسيارتين ملغومتين، الذي وقع في بلدة ريحانلي (الريحانية)، التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا، عام 2013

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.