«داعش» يستثمر في نسائه

أجبرهن على تجنيد «المتطرفين»

{داعشيات} يحملن السلاح (من مواقع تابعة لـ«داعش»)
{داعشيات} يحملن السلاح (من مواقع تابعة لـ«داعش»)
TT

«داعش» يستثمر في نسائه

{داعشيات} يحملن السلاح (من مواقع تابعة لـ«داعش»)
{داعشيات} يحملن السلاح (من مواقع تابعة لـ«داعش»)

المرأة في التنظيمات الإرهابية تُستغل بطريقة ممنهجة لارتكاب أعمال عنف، بخلاف طبيعتها، وهو ما يُفسر وجود نساء في أوروبا على استعداد لارتكاب أعمال إرهابية، شأنها شأن الرجال، حيث يشعرن بوجوب تلبية نداء محمد العدناني، متحدث «داعش»، بضرورة استهداف الغرب بأعمال إرهابية... لذلك يراهن تنظيم «داعش» الإرهابي مجدداً على النساء لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جُدد.
أكد خبراء في الحركات الأصولية أن «النساء لديهن قدرة على التجنيد بصورة فعالة، عبر محادثات من خلال منصات التواصل الاجتماعي». وقال الخبراء لـ«الشرق الأوسط» إن «داعش» منذ اللحظة الأولى يتعامل مع قضية المرأة بشكل كبير، وقد تتحول إلى سلعة لاستغلالها في الزواج، وأحياناً يتم استغلالها في بث فيديوهات تنقل من خلالها أسلحة وذخائر، خصوصاً أن المرأة يصعب اختراقها من قبل أجهزة الاستخبارات في الدول... فسيطرة التنظيم على النساء فيها طابع استثمار. وفي سوريا، أجبر التنظيم أخيراً النساء على تجنيد مزيد من السيدات عبر منصات التواصل الاجتماعي، وقدم خطاباً ومادة إعلامية تدعو - على حد زعم التنظيم - إلى «نصرة الإسلام والمسلمين» من خلال دعم الدولة «المزعومة». وطالب النساء بعمليات تدوين عبر المنصات الإعلامية، للحديث عن وجوب الهجرة للدولة «المزعومة»، والانضمام إلى التنظيم. وقال مراقبون إن اعتماد «داعش» على النساء من جديد هو لضمان البقاء، بعد هزائمه في سوريا والعراق، وفرار كثير من عناصره، وإعدامه لكثير من مقاتليه أخيراً.

إرهاب عائلي
يُشار إلى أن محرك البحث «غوغل» في يناير (كانون الثاني) الماضي، راقب حسابات بعض الفتيات في سن المراهقة لمنع استدراجهن من قبل «داعش»، بعدما لوحظ انتشار مواد دعائية وأفكار متطرفة على مواقع التنظيم الإلكترونية. وكشفت تقارير ودراسات مصرية أن هناك مساندة من فئات نسائية في جنوب سوريا والعراق لاستقطاب مقاتلين جُدد ومؤيدين للتنظيم. التقارير والدراسات ذكرت أن عودة التنظيم للاعتماد على المرأة في التجنيد يرجع إلى عدة أسباب، منها قدرتها على الحركة دون قيود أمنية تعوق قيامها بعمليات إرهابية، وقدرتها كذلك على نشر الآيديولوجيا المتطرفة بشكل أكبر، فضلاً عن إعادة مفهوم «الإرهاب العائلي». كما أكدت أن التنظيم يسعى حالياً أيضاً إلى تدريب النساء على التعامل مع المتفجرات، فدور النساء في تجنيد «المتطرفين» لا يعتمد فقط على نشر الأفكار، بل توظيف قدرتهن للتأثير على الشباب، وحثهم للانضمام للتنظيم. مراقبون أكدوا أن «الداعشيات» من المرجح أن يلعبن دوراً قوياً في الحفاظ على إرث التنظيم وأفكاره، خصوصاً أن العنصر النسائي يشكل نسبة كبيرة من مقاتلي التنظيم في الفترة من 2013 حتى 2018. التقارير والدراسات أشارت أيضاً إلى أن «داعش» عمل على استخدام استراتيجية تنظيم «القاعدة» الإرهابي في استغلال المرأة لنشر آيديولوجيته الفكرية المتطرفة بين العناصر النسائية الأخرى، إضافة إلى استخدامهن في الترويج الدعائي لأفكاره الخاصة بفكرة «الخلافة المزعومة». فمنذ نهاية 2017، أعلن «داعش» في أحد إصداراته أن «الجهاد ضد الأعداء» واجب على المرأة، كما قام بإنتاج صور دعائية لنساء يقاتلن في معاركه، وكان لهذه الإصدارات أثر في الدور الذي باتت تلعبه النساء داخل التنظيم، إذ وصلت نسبة الفتاوى التي تروج للعنصر النسائي في التنظيم منذ عام 2018 إلى ما يقارب 60 في المائة.
ورغم ذلك، فإن «داعش» يناقض نفسه في مشاركة المرأة بالعمليات القتالية، فصحيفة «النبأ» التابعة للتنظيم شرّعت مشاركة المرأة في القتال، بينما إذاعة «البيان» التابعة للتنظيم رفضت مشاركتها، وكشفت بعض إصدارات التنظيم المرئية عن توظيف المرأة في العمليات القتالية مباشرة، كما أن التنظيم أتاح لعناصره النسائية كشف الوجه، رغم تحريمه ذلك في العمليات، كما أباح اختلاط نساء التنظيم مع الرجال في أثناء وبعد تنفيذ العمليات، رغم تحريمه ذلك.

اختراق المجتمعات
الكلام السابق يتفق مع ما ذكره كوين جينز، وزير العدل البلجيكي، من أن الدور الذي تسنده جماعات التطرف إلى المرأة شهد تطوراً خطيراً، فلم يعد إقدام النساء المقاتلات على القيام بعمليات عسكرية أمراً من المحذورات الآيديولوجية.
ويشار إلى أن هناك العشرات من النساء البلجيكيات المنتميات إلى «داعش» اللائي يشكلن خطراً، رغم عدم توفر النية لدى الغالبية منهن للمشاركة الفعلية في مناورات عسكرية إرهابية، حيث إن دوافعهن كانت تكمن في إطار مجموعة من الأسباب الآيديولوجية والشخصية، كالمشاركة في المشروع الآيديولوجي لـ«داعش».
من جانبه، قال عمرو عبد المنعم، الخبير في شؤون الحركات الأصولية بمصر، إنه «ليس بجديد استغلال النساء من قبل التنظيمات الإرهابية، فالمرأة عنصر رئيسي في المكون الآيديولوجي لجميع التنظيمات، و(داعش) منذ اللحظة الأولى تعامل مع قضية المرأة بشكل كبير، والتقارير الغربية بدأت تنتبه لذلك أخيراً؛ بأن (داعش) لن يستمر من دون الاعتماد على النساء».
وأضاف عبد المنعم أن فكرة تجنيد النساء عند «داعش» تتعدى الـ40 في المائة، فالمرأة وسيلة للتجنيد واختراق المجتمعات، ويظهر أثرها بقوة جداً، لافتاً إلى أن أدبيات «داعش» فيها نظرة دونية للمرأة، وبالتالي يمكن أن تتحول لسلعة في الزواج، وأحياناً يتم استغلالها في بث فيديوهات لنقل الأسلحة والذخائر، خصوصاً أن المرأة يصعب اختراقها من قبل أجهزة الاستخبارات في الدول، فالسيطرة على النساء سيطرة فيها طابع استثمار.
ومنذ عام 2017، بعد فقد التنظيم لكثير من مقاتليه ومواقعه، حافظ على انتشاره عبر منصاته الإلكترونية، بل عمل على إنشاء كثير من الحسابات الوهمية التي حاول من خلالها استقطاب مؤيديه ونشر أفكاره والتحريض على العمليات الإرهابية، خصوصاً في أوروبا. فقد عمل التنظيم على الانتشار بشكل مكثف عبر «تليغرام»، كوسيلة للمراوغة والبعد عن المنصات الإلكترونية التي أنشأتها الدول من أجل متابعة محتوى التنظيم المتطرف عبر «فيسبوك» و«تويتر»، ولذلك تنبه «تليغرام» وأغلق ما يقرب من 8500 قناة تبث أفكاراً متطرفة تابعة لـ«داعش» وغيره من التنظيمات المتطرفة.
وقال رسمي عجلان، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «دور النساء في (داعش) لا يتمثل في حمل الأسلحة، أو التقاط الصور التذكارية في الصحراء، بل يلعبن دوراً محورياً من وراء الكواليس»، مضيفاً أن نساء «داعش» لديهن القدرة على تجنيد المزيد من «المتطرفين» بصورة فعالة عبر محادثات طويلة، وعليهن دور أعمق في زرع المذهبية، من خلال الاشتراك في تجنيد أخريات عبر منصات التواصل.

خلايا مستقبلية
وعن لغة المرأة في تجنيد الشباب عبر الإنترنت، أكد عبد المنعم أن «اللغة الأكثر إثارة تكون سبيل لتجنيد المرأة للشباب، لكن الظاهر هو دعوة الداعشي للمرأة للانضمام للتنظيم عن طريق العاطفة، بأنها ستكون من طليعة المجاهدات - على حد الزعم - وأن جهاد النساء هو التربية وإنجاب الأولاد والتعبير عن الطاعة، لافتاً إلى أن بعض الداعشيات يوجهن الدعوة لأخريات للانضمام للتنظيم. وعقب انضمامهن، يوجهن الدعوة لأزواجهن للانضمام للتنظيم أيضاً، وهذا وارد بشكل كبير في أوروبا، لأن التجنيد عبر الإنترنت أقوى من التجنيد المباشر، لأن الالتقاء بالنساء صعب.
وذكرت تقارير أمنية أن غالبية مقاتلي التنظيم في الرقة والموصل تعكف على لملمة شتاتها، علماً بأن 30 في المائة فقط من إجمالي أربعين ألف مقاتل أجنبي انضموا إلى صفوف «داعش» هم الذين عادوا إلى ديارهم أو انتقلوا إلى دولة ثالثة.
وقال عمرو عبد المنعم إن «45 في المائة من العدد السابق عناصر نسائية، وبعض الدول خوفاً من هذه العناصر، بدأت ترسل هذه الأسر إلى دول أخرى صداها واسع غير مسيطر عليها من الناحية الأمنية، مثل بعض الدول الأفريقية التي تعيش فيها النساء لإعداد أجيال ليكونوا خلايا مستقبلية».
وفي الصدد ذاته، أكدت الدراسات والتقارير أن «داعش» أعطى أهمية خاصة للنساء لكونهن أفضل أداة لنقل أفكاره المتطرفة، فالدور الرئيسي الذي كانت تلعبه النساء في بداية نشأة التنظيم هو الإنجاب، وتلقين أبنائهن الفكر المتطرف منذ نعومة أظافرهم، والمجندات في أغلب الأحيان صغار السن، تم تجنيدهن عبر شبكة الإنترنت، ورحلوا جميعاً للحاق بصديق، وأنه من خلال استجواب «العائدات» من نساء «داعش» تبين أن الانضمام إلى المشروع الداعشي هو عبارة عن قضية التزام آيديولوجي.


مقالات ذات صلة

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي تمثل سوريا في حقبة ما بعد سقوط الأسد فرصة لتنظيم «داعش» (أ.ف.ب)

«داعش» سيسعى لاستغلال حالة الفوضى في سوريا

تمثل سوريا في حقبة ما بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد فرصة لمسلحي تنظيم «داعش» المتطرف الذين قد يحاولون استغلال أي حالة من الفوضى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا أفراد من جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

توقيف 3 متطرفين في ألمانيا للاشتباه بتخطيطهم لهجوم

أُوقِف 3 شبان يعتقد أنهم متطرفون بعد الاشتباه بتحضيرهم لهجوم في جنوب غربي ألمانيا، وفق ما أفادت به النيابة العامة والشرطة.

«الشرق الأوسط» (برلين)

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.