في العاشر من مارس (آذار) من كل عام، تتحول المدارس والدوائر الرّسمية والساحات العامة في إقليم كردستان العراق، إلى ما يشبه لوحة فنية آسرة، تتمازج فيها الألوان الزّاهية البراقة، التي تعكسها الأزياء الشّعبية المتنوعة في أطيافها وتصاميمها والتي تخطف الأنظار، في يوم يسمى رسمياً بيوم الزي القومي، حيث يحتفي سكان الإقليم، من الأكراد وهم الأغلبية والتركمان الذين يمثلون القومية الثانية، الكلدو آشور بأزيائهم القومية، التي يرتدونها جميعاً في الدوائر والمؤسسات والمدارس، تعبيراً عن حالة التعايش السّلمي المشترك بين مكونات الإقليم في أبهى صورها.
وتقول خالدة لازار بتو، مديرة إعدادية عنكاوا السريانية للبنات، في إحدى ضواحي أربيل ذات الغالبية المسيحية، إنّ الاحتفال بهذه المناسبة العام الحالي، يتّسم بنكهة خاصة، كونها تأتي متزامنة مع زوال مخاطر الإرهاب التي كانت تتهدد أبناء الطائفة المسيحية، على نحو مباشر، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أبناء هذه المنطقة الأصليين من سالف الأزمان، ويحق لنا أن نعتز بانتمائنا القومي والديني، ونحافظ على هويتنا وموروثنا الثقافي والحضاري، في هذا الإقليم الذي نتقاسم فيه مفاصل الحياة مع إخوتنا المسلمين من الأكراد والتركمان والعرب، مثلما نتقاسم أركان السلطة معهم.
أما البيت الثقافي والاجتماعي التركماني، فقد حول المناسبة إلى عرس كبير، من خلال إحياء الحفلات الغنائية وإقامة الدبكات والرّقصات الشعبية، التي شاركهم فيها أقرانهم من الكرد. وقال كيلان التي برماخ، المدير العام للبيت التركماني الثّقافي والاجتماعي، إنّها فرصة تاريخية بالنسبة للتركمان، كجزء أصيل من النّسيج السكاني، في إقليم كردستان ليعبروا عن ثقافتهم وتراثهم الفلكلوري الضّارب في القدم، ويثبتوا وجودهم في جميع المناطق التي يتعايشون فيها بالإقليم مع إخوتهم الكرد والآشوريين وغيرهم من الأقليات القومية والدينية والمذهبية، وأضاف لـ«لشرق الأوسط»: «مهما كانت الخلافات السياسية بين القوى والأحزاب فإننا سنبقى محافظين على وشائج الأخوة التاريخية، التي تجمعنا ببقية أطياف المجتمع الكردستاني ومكوناته، وسنعمل معاً من أجل تحقيق كامل حقوقنا القومية التي بدأت تتبلور بشكل واسع في هيكلية السّلطة الجديدة في الإقليم».
وقد طغت الأزياء الكردية النسائية منها والرجالية، على المشهد السائد في أربيل العاصمة وكبريات مدن الإقليم كالسليمانية ودهوك، من دون أن يلغي ذلك ألوان الأزياء القومية الأخرى، وقد عزا سالار عثمان وكيل وزارة الثقافة في حكومة الإقليم، أسباب نجاح تجربة التعايش في كردستان، إلى متانة أواصر العلاقات الأخوية التي تربط بين مكونات المجتمع الكردستاني، وقال: «لقد أخفق أعداء شعبنا على مرّ التاريخ، في دق الإسفين بين أطياف شعب كردستان، الذين أجهضوا بتلاحمهم وتآزرهم كل المخطّطات الخبيثة التي استهدفت أسس التعايش فيما بينهم»، داعياً الجميع إلى مواصلة العمل معاً كفريق واحد، على المستويين الشّعبي والرّسمي من أجل تطوير وتعميق حالة التعايش المشترك، ورسم مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
كردستان العراق تتألق بألوان زاهية في يوم الأزياء الشعبية
تتنوع بين آشورية وكردية وتركمانية
كردستان العراق تتألق بألوان زاهية في يوم الأزياء الشعبية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة