انخفاض طلبات القطاع الصناعي الألماني... وارتفاع الإنتاج في إيطاليا وفرنسا

TT

انخفاض طلبات القطاع الصناعي الألماني... وارتفاع الإنتاج في إيطاليا وفرنسا

سجلت طلبات القطاع الصناعي في ألمانيا أكبر انخفاض لها في سبعة أشهر، خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، في مؤشر على التحديات التي يواجهها أكبر اقتصاد في منطقة اليورو للحفاظ على زخم النمو.
وانخفضت التعاقدات لشراء السلع المصنوعة في ألمانيا بـ2.6 في المائة في أول العام، حسب ما أظهرته بيانات وزارة الاقتصاد، أمس الجمعة، وهو أكبر انخفاض لهذه التعاقدات منذ يونيو (حزيران) 2018. وتخالف هذه النتائج التوقعات بنمو الطلبات الصناعية 0.5 في المائة، وفقاً لوكالة «رويترز» الإخبارية.
وتمت مراجعة بيانات طلبات المصانع خلال ديسمبر (كانون الأول)، وهو ما اقتضى تعديلها، بحيث تكون نمت بـ0.9 في المائة بدلاً من التقديرات السابقة بانخفاضها بـ1.6 في المائة، وبرر مكتب الإحصاءات الاتحادي هذا التعديل بأن كمية كبيرة من الطلبات في ديسمبر (كانون الأول) تم الإبلاغ عنها متأخراً. لكن الانخفاض الأخير في الطلب مؤشر على استمرار التباطؤ في القطاع الصناعي خلال بداية العام، كما قالت وزارة الاقتصاد. وأظهرت البيانات الرسمية تراجع الطلبات على السلع الوسيطة والرأسمالية والاستهلاكية خلال يناير. وكل من الطلب المحلي والخارجي تراجع في هذا الشهر. وقال رالف سولفين، الاقتصادي في «كومرس بنك»، إنه لا توجد نهاية في الأجل المنظور لمرحلة الضعف في الصناعة.
وتحول الاقتصاد الألماني من الاعتماد بقوة على التصدير إلى الارتكان للاستهلاك المحلي كمولد للنمو الاقتصادي. وتظهر وثيقة لوزارة الاقتصاد، اطلعت عليها وكالة «رويترز»، أن الحكومة تتوقع زيادة الإنفاق الحكومي هذا العام، ما يوفر دوافع للنمو يحتاجها الاقتصاد في الوقت الراهن.
ويقول معهد «آي إف أو» للدراسات الاقتصادية، إن توجهات مجتمع الأعمال الراهنة، بجانب مؤشرات أخرى، تدلل على أن معدل النمو خلال الربع الأول من العام الحالي ستكون في حدود 0.2 في المائة.
وتساند مؤشرات أخرى، أعلنت أمس، رؤية متفائلة نسبياً بشأن النمو الاقتصادي في البلاد، حيث رصد المكتب الاتحادي للإحصاء زيادة في عدد ليالي المبيت من نزلاء من داخل ألمانيا وخارجها خلال الشهر الأول من العام بنسبة 3 في المائة، مقارنة بشهر يناير من العام الماضي، لتصل بذلك إلى 26.3 مليون ليلة.
كما قال المكتب الاتحادي الألماني للإحصاء إن حجم المبيعات في قطاع أعمال البناء نما بنسبة 8 في المائة خلال العام الماضي، ليشهد بذلك زيادة للعام السادس على التوالي.
على الصعيد الإيطالي، كان الإنتاج الصناعي أقوى من المتوقع خلال يناير، حيث ارتفع بـ1.7 في المائة مقابل الشهر السابق بعد تراجع لأربعة أشهر متوالية، حسب ما أظهرته بيانات أمس.
وتجاوزت البيانات المعلنة توقعات المحللين، الذين استطلعت وكالة «رويترز» آراءهم، والذين رجحوا أن ينمو الإنتاج بـ0.1 في المائة فقط. وتقول «رويترز» إن المؤشرات الأخيرة تزيد من الآمال بأن الركود الذي شهدته البلاد في النصف الثاني من العام قد لا يستمر لفترة طويلة.
ولكن الإنتاج الصناعي في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو يظل متراجعاً بنحو 1.8 في المائة خلال الربع المنتهي في يناير مقارنة بالفترة بين أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول)، حسب بيانات المكتب القومي للإحصاءات.
وعدل مكتب الإحصاءات من بيانات إنتاج شهر ديسمبر (كانون الأول) بشكل طفيف، بحيث يكون تراجع بـ0.7 في المائة بصفة شهرية، مقابل تقديرات سابقة بتراجع بـ0.8 في المائة.
وكان الاقتصاد الإيطالي سجل تراجعاً بـ0.1 في المائة خلال الفصلين الأخيرين من 2018، ويتوقع التحالف الحاكم للبلاد أن يبلغ النمو الاقتصادي في 2019 نحو 1 في المائة، مقابل نمو مقدر للعام الماضي بـ0.9 في المائة. وفي فرنسا، ذكر مكتب الإحصاء، أمس، أن الناتج الصناعي حقق نمواً للشهر الثاني على التوالي بأسرع وتيرة له خلال ثلاثة أشهر، بخلاف التوقعات بحدوث تراجع، حسبما أفادت بيانات أولية. وارتفع الناتج الصناعي الفرنسي في يناير بنسبة شهرية تبلغ 1 في المائة، فيما كان خبراء الاقتصاد يتوقعون تراجع الناتج بنسبة 0.2 في المائة، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
وتمت مراجعة الزيادة بنسبة 1.1 في المائة التي تم تسجيلها في ديسمبر (كانون الأول) إلى تراجع نسبته 0.4 في المائة، فيما تراجع الناتج الصناعي في نوفمبر (تشرين الثاني) بنسبة 1.2 في المائة.
وتمثل نسبة النمو الأخيرة أسرع وتيرة زيادة للناتج الصناعي الفرنسي منذ أكتوبر، عندما بلغت نسبة الزيادة 1.1 في المائة.


مقالات ذات صلة

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

تحليل إخباري رجل يقف أمام الشرطة ويحمل لافتة كُتب عليها: «يون سوك يول... ارحل» في سيول (أ.ف.ب)

«الحرب» الكورية الجديدة تعيد إلى الأذهان ما جرى في 25 يونيو 1950

فجأة اصطخبت مياه البحيرة الكورية الجنوبية وعمّت الفوضى أرجاء سيول وحاصر المتظاهرون البرلمان فيما كان النواب يتصادمون مع قوات الأمن.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا روسيا تعتزم تنظيم أكبر احتفال في تاريخها بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية (رويترز)

روسيا تنظم «أكبر احتفال» بالذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية

أعلنت روسيا اليوم (الثلاثاء) أنها تعتزم تنظيم «أكبر احتفال في تاريخها» بمناسبة الذكرى الثمانين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، في سياق تمجيد القيم الوطنية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية «لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

«لاهوت التحرر» يفقد مؤسّسه الكاهن الكاثوليكي البيروفي غوستافو غوتيرّيس عن 96 عاماً

مطلع العقد السادس من القرن الماضي شهدت أميركا اللاتينية، بالتزامن مع انتشار حركات التحرر التي توّجها انتصار الثورة الكوبية.

شوقي الريّس (هافانا)
أوروبا رجل يلتقط صورة تذكارية مع ملصق يحمل صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول: «لماذا نريد مثل هذا العالم إذا لم تكن روسيا موجودة فيه؟» (رويترز)

«فليحفظ الرب القيصر»... مؤيدون يهنئون بوتين بعيد ميلاده الثاني والسبعين

وصف بعض المؤيدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ«القيصر»، في عيد ميلاده الثاني والسبعين، الاثنين، وقالوا إنه أعاد لروسيا وضعها، وسينتصر على الغرب بحرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جندي أوكراني يجلس داخل دبابة ألمانية الصنع من نوع «ليوبارد 2 إيه 5» بالقرب من خط المواجهة (أ.ف.ب)

هل انتهى عصر الدبابات «ملكة المعارك» لصالح الطائرات المسيّرة؟

رغم أن الدبابات ساعدت أوكرانيا في التقدم داخل روسيا، تعيد الجيوش التفكير في كيفية صنع ونشر هذه الآليات القوية بعد أدائها المتواضع خلال الفترة الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».