في خطوة غير مسبوقة من قبل الحكومة الباكستانية، كثفت الأجهزة الأمنية حملتها على الجماعات الباكستانية المحظورة، أمس الخميس، إذ أعلنت الحكومة السيطرة على 182 مدرسة دينية واحتجاز أكثر من مائة شخص في إطار استهداف للجماعات المحظورة. وتعد هذه أكبر خطوة تتخذها باكستان ضد الجماعات المحظورة منذ إقدام الرئيس الأسبق برويز مشرف على حظر 13 تنظيماً مسلحاً في يناير (كانون الثاني) 2002، بعد التوتر مع الهند إثر الهجوم على البرلمان الهندي في ديسمبر (كانون الأول) 2001؛ لكن تبدو خطوات الحكومة الحالية أنها تستهدف منظمات إسلامية تقدم خدمات اجتماعية، تقول الولايات المتحدة إنها واجهة لأنشطة المتشددين.
وتواجه إسلام آباد ضغوطاً من قوى عالمية للتحرك ضد جماعات تنفذ هجمات في الهند، بما في ذلك جماعة «جيش محمد» التي اتهمتها الهند بالمسؤولية عن تفجير في يوم 14 فبراير (شباط) أدى لمقتل 46 على الأقل من أفراد الأمن الهنود. وأدى التوتر المتصاعد في أعقاب التفجير إلى مواجهة كبيرة بين الجارتين النوويتين، شهدت تنفيذهما مهام قصف جوي، بل وحدثت أيضاً معركة جوية قصيرة أثارت مخاوف من نشوب حرب.
ويقول المسؤولون الباكستانيون إن الحملة جزء من مسعى تم التخطيط له منذ وقت طويل، وليست رداً على غضب نيودلهي مما تصفه بتقاعس إسلام آباد عن كبح الجماعات المتشددة التي تنشط على أراضٍ باكستانية. وكانت الحملات السابقة واسعة النطاق على الجماعات الدينية المناهضة للهند توصف بأنها صورية إلى حد بعيد، إذ كانت الجماعات المحظورة تنجو منها وتواصل نشاطها.
وقالت وزارة الداخلية إن وكالات إنفاذ القانون وضعت 121 شخصاً في «حجز احتياطي»، في إطار الحملة التي بدأت هذا الأسبوع. وأضافت الوزارة في بيان أن «حكومات إقليمية تولت تسيير وإدارة 182 مدرسة»، في إشارة إلى المدارس الدينية.
وما يتعين أن تفعله السلطات بهذه المدارس يعد قضية شائكة في البلد المسلم المحافظ؛ حيث يلقى اللوم كثيراً من الهند والدول الغربية على المدارس الدينية في زرع التطرف في الصغار؛ لكنها السبيل الوحيد المتاح لتعليم ما يربو على خمسة عشر مليوناً، غالبيتهم من الفقراء؛ لكن عائلات ثرية باكستانية ترسل أبناءها لهذه المدارس لحفظ القرآن، وتعلم أحكام الدين.
وأعلنت الوزارة السيطرة أيضاً على مؤسسات أخرى تابعة لجماعات مختلفة، بينها 34 مدرسة أو كلية، و163 مستوصفاً، و184 سيارة إسعاف، و5 مستشفيات، و8 مكاتب لمنظمات محظورة. وتدير جماعات محظورة كثيرة، مثل جماعة «جيش محمد»، مدارس يقول مسؤولو مكافحة الإرهاب إنها تستخدم للتجنيد من أجل الجماعات المسلحة.
أما جماعة «الدعوة» التي تدير مستشفيات وأسطولاً من سيارات الإسعاف، فتشير تقديرات إلى أنها تدير نحو 300 مدرسة في أنحاء البلاد. وحظرت الحكومة الباكستانية الجماعة هذا الأسبوع، رغم إبطال المحكمة العليا قراراً سابقاً بحظر الجماعة أو واجهتها الخدمية «مؤسسة فلاح الإنسانية الخيرية». وتصف جماعة «الدعوة» نفسها بأنها منظمة خيرية إنسانية؛ لكن وزارة الخارجية الأميركية صنفتها «منظمة إرهابية أجنبية»، وتصفها بأنها واجهة لجماعة «عسكر طيبة»، التي تتخذ من باكستان مقراً، والمتهمة بتدبير هجمات في الهند، بينها الهجوم الذي وقع في مدينة مومباي عام 2008، وأدى لمقتل 166 شخصاً. ووصفت جماعة «الدعوة» الحملة بالجائرة، وقالت إنها ستسعى للتصدي للتحرك الحكومي من خلال القضاء. وقال يحيى مجاهد، المتحدث باسم الجماعة: «يتساءل البلد بأسره عن الرسالة التي تريد الحكومة إرسالها، من إغلاق منظمات للخدمات الاجتماعية وطرد التلاميذ».
وتنفي باكستان اتهامات نيودلهي لها بتقديم دعم فعال لمسلحين، يقاتلون قواتها في الشطر الذي تسيطر عليه من إقليم كشمير، الذي تقطنه أغلبية مسلمة.
باكستان تصادر ممتلكات جماعات أصولية وتشن حملة اعتقالات واسعة
القوات الأمنية داهمت 182 مدرسة دينية واحتجزت أكثر من 100 شخص
باكستان تصادر ممتلكات جماعات أصولية وتشن حملة اعتقالات واسعة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة