تقلص فجوة التوظيف بين الرجال والنساء في الاتحاد الأوروبي

بسبب التحول لقطاع الخدمات بدلاً من التصنيع

TT

تقلص فجوة التوظيف بين الرجال والنساء في الاتحاد الأوروبي

يعتبر «اليوم العالمي للمرأة»، الذي يحل اليوم، مناسبة جيدة لتسليط الضوء على تعثر تحقيق المساواة بين الجنسين.
ولكن من الممكن أن يظهر ذلك اليوم أيضاً ما أحرزته المرأة من مكاسب؛ حيث يعتبر «مجال التوظيف»، أحد الأمثلة الأكثر وضوحاً في هذا الشأن.
ويشار إلى أن الفارق بين نسبة الرجال والنساء البالغين العاملين - وهو ما يعرف بـ«الفجوة بين الجنسين في التوظيف» - قد تقلص بشكل حاد في أنحاء الاتحاد الأوروبي منذ عام 2005. وهو أول عام تتوفر فيه بيانات كاملة بهذا الشأن، بحسب وكالة الإحصاءات الأوروبية (يوروستات).
وقد حدث ذلك في جميع دول الاتحاد الأوروبي، تقريباً، على الرغم من أن التكتل الأوروبي لديه تباينات واسعة في معايير التمييز بين الجنسين، والنمو الاقتصادي، والسياسات الاجتماعية.
ويشير كثير من الباحثين إلى تحولات طويلة المدى في تفسير هذا الاتجاه، بدءاً من ارتفاع مستويات تعليم النساء، إلى الانتقال من الاقتصادات التي تركز على التصنيع الثقيل إلى تلك التي تقوم على الخدمات؛ حيث لا تعتبر القوة البدنية ضرورية.
وهناك جدل أكبر يتعلق بآثار سياسات معينة - مثل إجازة الأمومة والأبوة، ورعاية الأطفال - التي تبنتها الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي مؤخراً.
ومن جانبها، تصف باربرا بترونجولو - وهي خبيرة اقتصادية في جامعة كوين ماري وفي «مركز الأداء الاقتصادي» في لندن - التقارب في معدلات التوظيف خلال العقد الماضي، بأنه استمرار للاتجاهات التي بدأت بعد الحرب العالمية الثانية، ولا سيما في التعليم والصحة وتراجع أهمية الصناعة.
وتقول بترونجولو: «كثير من العوامل المحركة لإلحاق المرأة بالقوة العاملة بدأت منذ عقود... وفي التعليم، انعكست الفجوات بين الجنسين».
- النساء في العمل
تظهر الأرقام وجود تغير سريع في خريطة القوة العاملة منذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي. وفي الاتحاد الأوروبي، الذي يضم 28 دولة، تقلصت الفجوة بين الجنسين في مجال التوظيف، من 15.9 في المائة في عام 2005، إلى 11.5 في المائة في عام 2017. بينما شهدت الدول في منطقة اليورو، البالغ عددها 19 دولة، انخفاضاً أكبر، من 17.3 في المائة إلى 11.2 في المائة.
وعلى الرغم من هذا التقارب، فإن هذه الأرقام تخفي فروقاً كبيرة بين الدول الأعضاء. وتعد الفجوة أصغر بكثير في الدول الاسكندنافية ودول البلطيق؛ حيث تتراوح بين 4 و6 في المائة، بينما تقترب من 20 في المائة في اليونان وإيطاليا.
وتعتبر المجر الدولة الوحيدة العضو في الاتحاد الأوروبي التي انخفضت فيها نسبة النساء العاملات بالمقارنة مع الرجال، ما أدى إلى توسيع الفجوة من 13.6 في المائة إلى 15.3 في المائة.
- ادفع واسحب
ترى بترونجولو أن ارتفاع مستويات التعليم لدى المرأة، يعتبر محركاً رئيسياً وراء ارتفاع أعداد النساء في القوة العاملة. ومن المهم أيضاً أن الاقتصادات المتقدمة ابتعدت عن التصنيع واتجهت نحو الخدمات: «وهو أمر كان له تأثير هائل، فيما يتعلق بنوع الجنس في العمل».
وعلى النقيض من ذلك، فإن تحول أدوار الجنسين «كان أكثر تدرجاً من تلك التغييرات الأخرى»، بحسب بترونجولو، مضيفة: «وما زال ذلك يختلف كثيراً في أنحاء أوروبا».
وتقول إن التقارب الدراماتيكي في معدلات التوظيف ببعض الدول التقليدية بصورة أكبر في أوروبا، يأتي مدفوعاً بالأسباب نفسها الموجودة في الدول الأخرى. ومع ذلك، لقد بدأت من نقطة تعمل فيها قلة قليلة نسبياً من النساء.
من ناحية أخرى، تقول إيما توميني، الخبيرة الاقتصادية في جامعة «يورك» ببريطانيا، إنه من الممكن أن تكون الأزمات المالية التي أضرت بكثير من دول الاتحاد الأوروبي، قد لعبت دوراً أيضاً.
وكانت أزمة الائتمان الحادة في تلك الدول، التي تشمل إسبانيا واليونان، تعني توقف كثير من الرجال عن العمل - مما قلل من حصتهم في القوة العاملة.
- جبهة السياسة
في الاتحاد الأوروبي وخارجه، يستمر النقاش حول مدى فعالية السياسات الحكومية الخاصة بشؤون الأسرة.
وقد بحثت بترونجولو والاقتصادية كلوديا أوليفيتي من جامعة «بوسطن» في الولايات المتحدة، تأثير مثل هذه الإجراءات؛ حيث وجدت أن الإنفاق العام على الرعاية النهارية، والتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، كانا أكثر فعالية من الإجازة مدفوعة الأجر، فيما يتعلق برفع مشاركة المرأة في القوة العاملة.
وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن دراسة أجرتها «منظمة التعاون والتنمية»، شملت 18 دولة، كشفت أن الرعاية النهارية المدعومة من الدولة، هي واحدة من كثير من العوامل التي تعزز الزيادة في عدد النساء العاملات.
وعلى النقيض من ذلك، يظهر كثير من الدراسات أن الإجازات مدفوعة الأجر، يكون لها تأثير أقل. ولكن توميني تلحظ أنه من المحتمل أن تكون تلك الإجازات ذات تأثير أكبر عندما يستخدمها الآباء وليس الأمهات.
وتقول: «عندما يأخذ الآباء الإجازة، فإن رعاية الأطفال تميل إلى التشارك بصورة أكثر مساواة بين الوالدين بمجرد عودتهما إلى العمل... وتتحدى السياسة الأعراف الاجتماعية فيما يتعلق بأدوار الجنسين في الأبوة والأمومة».


مقالات ذات صلة

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

العالم الأخت سيمونا برامبيلا التي عيّنها البابا فرنسيس لتولي مسؤولية المكتب الذي يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم (متداولة)

البابا فرنسيس يعيّن أول امرأة لرئاسة دائرة كبيرة في الفاتيكان

عيّن البابا فرنسيس أول امرأة لقيادة إحدى الدوائر الرئيسية في الفاتيكان، وهي راهبة إيطالية ستتولى مكتباً يُشرف على الإرشادات الدينية الكاثوليكية في العالم.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)
المشرق العربي محسنة المحيثاوي (متداولة)

محسنة المحيثاوي... أول امرأة ترأس محافظة السويداء السورية

عيّنت الإدارة الجديدة في سوريا محسنة المحيثاوي محافظاً لمحافظة السويداء جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي مصرف سوريا المركزي (متداولة)

سوريا: تكليف امرأة بمنصب حاكم المصرف المركزي لأول مرة

أكدت مصادر سورية، اليوم الاثنين، تكليف ميساء صابرين لتكون أول امرأة بمنصب حاكم مصرف سوريا المركزي، في خطوة تُعد سابقة بتاريخ المصرف.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي امرأة شابة تلتقط صورة بعلم «الثورة» السورية في دمشق (أ.ب)

تصريحات مسؤولة في الإدارة السورية الجديدة حول المرأة تثير جدلاً

أثارت تصريحات أدلت بها مديرة مكتب شؤون المرأة في الإدارة السورية الجديدة حول النساء جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقادات من المجتمع المدني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا منظر للنوافذ في المباني السكنية بالعاصمة الأفغانية كابل (إ.ب.أ)

«طالبان» تمنع النوافذ المطلة على أماكن تجلس فيها النساء

أمر المرشد الأعلى لـ«طالبان» بإغلاق النوافذ التي تطل على أماكن تجلس فيها النساء الأفغانيات وبالتوقف عن إنشائها في المباني الجديدة.

«الشرق الأوسط» (كابل)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».