معطف الترانش... بدأ في الخنادق ووصل إلى السجادة الحمراء

ميغان ميركل وفستان مستوحى من المعطف الواقي للمطر -  كما اقترحته دار «بيربري» في عرضها لربيع وصيف 2019  -  نادين لبكي بمعطف دار «بيربري» الكلاسيكي
ميغان ميركل وفستان مستوحى من المعطف الواقي للمطر - كما اقترحته دار «بيربري» في عرضها لربيع وصيف 2019 - نادين لبكي بمعطف دار «بيربري» الكلاسيكي
TT

معطف الترانش... بدأ في الخنادق ووصل إلى السجادة الحمراء

ميغان ميركل وفستان مستوحى من المعطف الواقي للمطر -  كما اقترحته دار «بيربري» في عرضها لربيع وصيف 2019  -  نادين لبكي بمعطف دار «بيربري» الكلاسيكي
ميغان ميركل وفستان مستوحى من المعطف الواقي للمطر - كما اقترحته دار «بيربري» في عرضها لربيع وصيف 2019 - نادين لبكي بمعطف دار «بيربري» الكلاسيكي

من زي عسكري شهير إلى قطعة تُزين إطلالات النجمات على السجاد الأحمر، هكذا نُسجت خيوط القصة الطويلة لمعطف الخندق trench)). وعبر قرن من الزمان، استطاعت موضة القطعة الشهيرة أن تأكد قوتها الناعمة، وقدرتها على ترك بصمة في التاريخ تبقى في الوجدان، ربما أكثر من الحروب والمعارك السياسية.
ولا يزال معطف الترانش قادراً على جذب المعجبين، وأحدثهم الفنانة الأميركية إيما ستون التي ظهرت أخيراً، خلال حفل توزيع جوائز «AFI» في بيفرلي هيلز، بفستان أسود قصير مستوحى من تصميم معطف الترانش، وكان من تشكيلة دار الأزياء «لويس فيتون» لصيف وربيع 2019. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها معطف الترانش في مناسبات فنية بهذا الحجم، بل تكرر ظهوره على السجاد الأحمر، وعلى ممشى الأزياء، مما يعيدنا إلى تاريخ هذه القطعة، لنعرف كيف تسللت لتحتل مكاناً أساسياً في خزانة المرأة الأنيقة.
فهذا المعطف الكلاسيكي يتميز بتاريخ طويل متنوع ساهم في صعوده إلى واجهة الأناقة العصرية. فقد صُمم قبل الحرب العالمية الأولى، موجهاً لرجال الجيش البريطاني، وأخذ هذا الثوب الكلاسيكي منذ ظهوره حتى الآن التصميم نفسه، من ياقات ضخمة، وصدر مزدوج مُثبت بـ10 أزرار أمامية، وأشرطة ملتوية حول المعصم، ونسيج مضاد للماء، فضلاً عن رباط خصر لن يعي دلالته فوق صدر مزدوج مُحكم بأزرار على الجانبين إلا من يعود إلى التاريخ.
كل واحدة من التفاصيل التي ميزت تصميم معطف الترانش تخدم غرضاً: أحزمة الكتف وحزام الخصر تسمح للجندي بأن يعلق بها أي شيء قد يحتاجه داخل الخندق، أما النسيج فكان الغرض منه حمايته من البرد والمطر.
وقبل ظهور هذا التصميم، كان الجنود يرتدون معاطف طويلة، من نسيج سميك مصنوع من الصوف؛ كانت ثقيلة جداً وطويلة ومرهقة، فوجد الجنود صعوبة في استخدام معداتهم في أثناء ارتدائها، مما يفسر ظهور معطف الترانش، فقد كان أخف وزناً، وأسهل للحركة، ويسمح بكثير من الاستخدامات، فضلاً عن كونه يحمي من الطقس القاسي. باختصار، كان ثوباً مفيداً للغاية، وأكثر بكثير من مجرد معطف.
وعلى وجه الدقة، لم يُحدد من صاحب التصميم الأصلي لمعطف الترانش، بينما يعود كثير من الفضل في ظهوره إلى توماس بيربري، مؤسس دار أزياء «بيربري» التي تهز عالم الموضة حتى الآن. ففي عام 1879، اخترع نسيج الجبردين الذي كان تطويراً لنسيج قطني مطاط استخدم من قبل للحماية من الرياح والمطر، لكنه يسمح للخيوط أن تتنفس، ومن ثم لا يسبب روائح كريهة عند ارتدائه لوقت طويل، وقد تم اعتماد هذا النسيج في عام 1901.
وكانت الأقمشة التي طورها توماس بيربري شائعة بين النبلاء والمستكشفين والطيارين، ثم استخدمت لاحقاً لملابس العسكريين، وبالتبعية صُمم منها معطف الترانش الذي ذاع صيته خلال الحرب العالمية الأولى. وعندما بدأت الحرب العالمية الثانية، كان لا يزال هو الخيار المفضل للضباط في الميدان، ورأت دول أخرى كيف كانت هذه المعاطف عملية، لذلك انتقلت لجيوش أخرى.
وفضلاً عن كونه المعطف المفضل في ساحات المعارك، بدأ يكتسب بعض الشهرة في فترة ما بين الحربين العالميتين، فقد كان العصر الذهبي لهوليوود، وشوهد في كثير من الأفلام نجوم يرتدونه، لكن كان له دلالة منبثقة من كونه زياً عسكرياً يحمل كثيراً من المكر، لذا أصبح لصيقاُ بأدوار المحققين ورجال العصابات والنساء الغامضات. وفي عام 1941، ارتداه الممثل همفري بوغارت في فيلم «The Maltese Falcon»، ثم ظهر به مرة أخرى خلال أحداث فيلم «The Big Sleep» عام 1946. وهذه الأدوار القوية جعلته قطعة تتميز بالأناقة والوظيفية، فضلاً عن تاريخ مثير ساعده في التسلل إلى الموضة، ليصبح قطعة مهمة من الأزياء، مثل الجينز الأزرق.
وبعد مائة عام تقريباً، لا تزال الموضة تحتضن معطف الترانش، بل وتعتمده ضمن الأزياء الفاخرة. ويمكن القول إن دار الأزياء «بيربري» لا تزال القائدة في ما يخص تصاميمه الأكثر عصرية، إذ قدمت أنماطاً أنيقة منه للرجال والنساء، ساهمت في رواجه على مدار الأعوام الماضية.
وتعد حقبة التسعينات النقلة النوعية في الشكل التقليدي لهذا المعطف، حيث أدخلت «بيربري» بعض الأنماط غير المعتادة، مثل الألوان الزاهية، بعد أن عُرف معطف الترانش لسنوات بظلال الكاكي المموهة، كذلك أدخل النسيج المطبع، ومزجت بعض التصاميم بين الخامة التقليدية لمعطف الخندق وأنسجة أخرى مثل الدانتيل والساتان وجلد الثعبان، مع الحفاظ على الميزات الأصلية له، كالياقات العريضة والصدر المزدوج وحزام الخصر.
وخلال تشكيلات ربيع وصيف 2019، برز مرة أخرى، حيث قدمته دار «بالنسياغا» بأكتاف عريضة بشكل مبالغ فيه، بينما قدمته دار «سيلين» من الجلد الأسود، مع لمسة عصرية ظهرت في التطريز بالرؤوس المعدنية المميزة لحقبة التسعينات، كذلك قدمته دار «بيربري» من جلد التمساح بقصة محبوكة، وعلى النقيض ظهر المعطف بتصميم فضفاض في عروض كل من دار «ميزون مارجيلا» و«فالنتينو».
ولا شك أن مباركة المشاهير تأخذ الصيحة إلى الواجهة، وتجعلها محط أنظار، فهو على ما يبدو أصبح القطعة الجوكر التي دخلت مناسبات مختلفة. فكان رفيق لأناقة دوقة ساسكس، ميغان ميركل، عند دخولها القصر في بدايات العام الماضي، حيث اعتمدته في أول ظهور لها في عام 2019 بفستان أسود متوسط الطول، مع معطف الترانش بظل داكن من البيج، بتوقيع دار «أوسكار دي لا رونتا». وفي إطلالات سابقة، اعتمدت فستاناً عصرياً بتصميم مستوحى من الترانش من دون أكمام، بتوقيع العلامة الكندية «Nonie». وقد اعتمدته ميركل أيضاً خلال زيارتها لمدينة سيدني، وكان من تصميم «مارتن غرانت».
أما نجمة بوليوود، بريانكا تشوبرا، الصديقة المقربة للدوقة، فذهبت بمعطف الترانش إلى منبر أزياء لا يقل أهمية عن أسلوب الدوقات أو ممشى العروض، وهو السجاد الأحمر. وكان ذلك خلال حفل الميتوبوليتان بنيويورك عام 2017. وقد اختارته بتوقيع «رالف لورين»، وكان بتصميم يمزج بين التفاصيل التقليدية المميزة لهذا المعطف الأيقوني، مع لمسات تؤهله لأن يخطف الأنظار على السجادة الحمراء، فجاء مزداناً بذيل ممتد إلى عدة أمتار على الأرض، مع أكتاف ساقطة، وشق أمامي امتد لنهاية الساق.
وتوالت الإطلالات الأنيقة للنجمات والمشاهير بهذا المعطف الأيقوني، حتى جاء التصميم الراقي الذي قدمته دار أزياء «لويس فيتون»، وتألقت به الممثلة إيما ستون. كذلك اعتمدته ليدي غاغا من الجلد باللون السماوي الفاتح، في احتفال تكريم الممثل الشهير «سام إليوت»، وكان بتوقيع دار «ألكسندر وانغ»، ونسقته مع حذاء من دار «كريستيان لوبوتان».
وإذا كان معطف الترانش قد أصبح صيحة معتاد ظهورها في مناسبات فنية عالمية بارزة، فيبدو أن هذا الأمر سينتقل إلى عالمنا العربي أيضاً، بعد أن اعتمدت المطربة اليمنية بلقيس فتحي فستاناً فضياً مستوحى منه، بتوقيع مصممة الأزياء المصرية مرمر حليم.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.