تقرير فلسطيني يتهم إسرائيل بالسعي لإحكام السيطرة على الأغوار

TT

تقرير فلسطيني يتهم إسرائيل بالسعي لإحكام السيطرة على الأغوار

اتهم تقرير فلسطيني رسمي سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالسعي لإحكام السيطرة على الأغوار الفلسطينية ومناطق جنوب الخليل، وسط هجوم استيطاني متواصل. وقال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن «الأغوار تتعرض إلى هجمة استيطانية متواصلة، كان آخرها في الأسبوع الفائت إقدام المستوطنين على وضع سياج مكهرب حول مئات الدونمات المهددة بالمصادرة من قبل قوات الاحتلال في منطقتي خلة العقدة والسويدة في الأغوار الشمالية».
وأضاف التقرير أن «قوات الاحتلال نصبت الكاميرات على جميع الأراضي التي صادرتها، وتقدر بأكثر من 600 دونم. وبهذه الإجراءات، منعت عشرات المواطنين من الوصول إلى أراضيهم، رغم أن معظم هذه الأراضي تحمل كوشان (طابو)، وقوات الاحتلال لا تعترف به، وتعتبر هذه الأراضي (أملاك غائبين)، إضافة إلى تغول الاحتلال العسكري واستفراده بالأرض الفلسطينية في الأغوار، وإغلاق مساحات واسعة منها بحجج وذرائع واهية، أبرزها التدريبات العسكرية، ومنع وحرمان أصحابها من الوصول إليها».
ونقل التقرير تصريحات عن رئيس أركان جيش الاحتلال الأسبق المرشح الرابع في قائمة «كاحول لافان» (تحالف «يش عتيد» و«مناعة لإسرائيل»)، غابي أشكنازي، قوله إنه يجب وضع حدود لإسرائيل، مع التأكيد على استمرار سيطرة الاحتلال على غور الأردن. وتشكل الأغوار ثلث مساحة الضفة الغربية، وهي بالنسبة للفلسطينيين بوابة الدولة، لكن إسرائيل تقول إنها لن تغادر من هناك، باعتبارها محمية أمنية. وتمتد المنطقة على الجهة الشرقية للضفة الغربية من عين جدي (البحر الميت) جنوباً إلى ما يعرف بـ«تل مقحوز»، على حدود بيسان شمالاً، داخل الخط الأخضر، ومن نهر الأردن شرقاً حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غرباً.
ويوجد في الأغوار 36 مستوطنة، يعيش فيها نحو 7 آلاف مستوطن يسيطرون على خيرات المنطقة، وأقدم المستوطنات هي «جفاعوت» و«بينيت» منذ 1972، و«روتم» و«منجون» و«تيرونوت» و«روعي» و«شدمان» و«منجولا». أما التجمعات العربية الفلسطينية، فلا يزيد سكانها على 5130 نسمة، وأهمها أبزيق والمالح وخربة الحمصة وكردلة وبردلة وخربة الرأس الأحمر وعين البيضا والحديدية والفارسية والحمة والعقبة وغيرها، في حين كان العدد يزيد على 300 ألف فلسطيني قبل الاحتلال. واتهم التقرير كذلك إسرائيل بالسعي لترحيل سكان 3 تجمعات فلسطينية بدوية جنوب الخليل، بعد تقديم جمعيات استيطانية التماساً للمحكمة العليا الإسرائيلية، طالبت من خلاله إخلاء التجمعات، بحجة أنها غير قانونية، وأقيمت دون تصاريح، وفي منطقة فاصلة بين منطقة النقب والضفة الغربية، مدعية أن الوجود الفلسطيني في هذه المنطقة يمنع التواصل بين المناطق الحدودية، وفقدان المنطقة يعتبر خطراً استراتيجياً حقيقياً.
وقال التقرير إن «سياسة إسرائيل تناقض أحكام القانون الإنساني الدولي الذي يحظر النقل القسري لسكان محميين، إلا إذا جرى الأمر لأجل ضمانة سلامتهم، أو لأجل أغراض عسكرية ضرورية، ويسري حظر النقل القسري ليس فقط على النقل باستخدام القوة، وإنما أيضاً على حالات يغادر فيها الناس منازلهم دون إرادتهم الحرة، أو نتيجة لضغط تعرضوا له هم وأسرهم. من هنا، فإن الرحيل عن بلدة في أعقاب ظروف معيشية لا تُحتمَل، تعمّدت السلطات فرضها عبر هدم المنازل أو الحرمان من الكهرباء والماء مثلاً، يُعد نقلاً قسرياً، وبالتالي محظوراً، مما يشكل جريمة حرب على الضالعين في ارتكابها تحمل المسؤولية عنها شخصياً».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم