عودة حركة التهريب من لبنان إلى سوريا

سائقو سيارات أجرة ينقلون مواد استهلاكية وغذائية... وأسطوانات غاز

TT

عودة حركة التهريب من لبنان إلى سوريا

مع تراجع توفر الحاجات الرئيسية في أسواق دمشق، انتعشت من جديد ظاهرة التهريب من لبنان التي كانت سائدة في ثمانينات القرن الماضي، في محاولة لتوفير بضائع في الأسواق السورية.
وما أن يصل «أبو عبدو» الذي يعمل على خط تكسي دمشق - بيروت إلى أحد أحياء ريف دمشق الغربي، حتى يقول لـ«الشرق الأوسط»، بأن سيارته التي تعمل على الخط لـ27 سنة «تنقل من لبنان إلى سوريا مهربات عديدة ومتنوعة، لكنها زادت من حيث الأصناف والكميات».
المهربات في السنوات الماضية كانت تقتصر على مواد ذات مصدر غربي غير موجودة في سوريا من قبيل أصناف من «الشامبو» و«الصابون» وأحيانا «الأدوية» بحسب «أبو أحمد»، لكن حالياً «ننقل، موزا وأنواعا من الدخان، وحتى كميات من المازوت وأسطوانات غاز».
منذ بداية فصل الشتاء واشتداد موجة البرد، وفرض الدول الغربية مزيدا من العقوبات عليها، تشهد عموم مناطق سيطرة الحكومة السورية، أزمات خانقة في توفر الغاز المنزلي، ونقص كبير في وقود التدفئة وإعادة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، إضافة إلى تراجع قياسي في قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، ما أدى إلى تحليق جديد في الأسعار ضيق سبل العيش، وجعل الحياة بالغة الصعوبة.
يبلغ سعر تبديل أسطوانة الغاز الحكومي في سوريا 2700 ليرة، ومع الأزمة الخانقة وصل سعر تبديلها في السوق السوداء إلى نحو 10 آلاف ليرة سورية، على حين لا تتجاوز تكلفة تبديلها ونقلها من لبنان إلى سوريا 6500 ليرة.
ومع التوقف شبه التام لحركة الاستيراد بسبب العقوبات، لجأ تجار وصناعيون في دمشق إلى تهريب مستلزماتهم وما يحتاجون من مواد أولية من لبنان عبر سيارات تعمل على خط تكسي دمشق - بيروت.
من جهته يقول «أبو يحيى» لـ«الشرق الأوسط»، بأن سيارته تم فيها تهريب مواد متنوعة من لبنان إلى سوريا، منها «بسكويت أجنبي فاخر وأصناف شوكولا أجنبية يفضلها الأطفال، ومواد أولية لتصنيع الشامبو وحفاضات الأطفال، إضافة إلى مستلزمات مصنعة للمعامل ومواد خام».
انتعاش حركة التهريب حاليا من لبنان إلى سوريا، يعيد إلى الأذهان حركة التهريب التي كانت قائمة في ثمانينات القرن الماضي خلال فترة الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضا حيث كان يجري تهريب تلفزيونات وغسالات وبرادات وأفران وسجاد. وتراجعت حركة التهريب السابقة مع حصول انتعاش اقتصادي في البلاد منذ منتصف التسعينات حتى فترة ما قبل اندلاع الحرب في البلاد قبل نحو ثماني سنوات.
بحسب «أبو عبدو»، «تراجعت حاليا» حركة المسافرين من سوريا إلى لبنان، بعدما وصلت إلى أوجها عام 2012، عندما بدأ حينها وكأن النظام يترنح وعلى وشك السقوط، ويشير إلى أن أجرة طلب التاكسي آنذاك «تجاوز المائة ألف ليرة سورية»، بينما وصلت أجرة نقل الراكب الواحد إلى 25 ألفا، ويقول: «تلك الأيام لا يعادلها أيام سوى عندما نزح لبنانيون إلى سوريا خلال حرب يوليو (تموز) عام 2006». تصل أجرة طلب التاكسي حاليا من دمشق إلى بيروت 50 ألف ليرة سورية وأجرة الراكب 12 ألفا.
«منع السفر الذي طال جميع المواليد ما دون العام 1981. وعودة تشديد الحكومة السورية على موضوع الاحتياط أثر على حركة السفر بين البلدين»، على ما ذكر «أبو عبدو».
ومع فقدان الحكومة السورية منذ بداية الحرب السيطرة على معظم المنافذ البرية مع دول الجوار (استعادت السيطرة على بعضها مؤخرا) وامتناع غالبية شركات الطيران في العالم عن تسيير رحلات إلى مطار دمشق الدولي، صبت مجمل حركة السوريين الخارجين من البلاد إلى دول العالم، وبالعكس في مطار رفيق الحريري الدولي، ما أدى إلى تحسن العمل على خط تاكسي دمشق بيروت نوعا ما.
في هذا الصدد، يوضح «أبو عبدو»، أن «هناك سوريين مغتربين في الخليج، وهم يزورن بلادهم بشكل مستمر، ومن الطبيعي أن يمروا في لبنان في طريق العودة إلى سوريا»، ويضيف: «لم نعد فقط ننقل المسافرين بين سوريا ولبنان بل بين سوريا والعالم».
كما دفع إغلاق دول عربية وأجنبية لسفاراتها وقنصلياتها في دمشق منذ بداية الحرب، السوريين الراغبين في الحصول على سمة دخول لدول عربية وأجنبية للذهاب إلى بيروت لإتمام الأمر. ويقول «أبو عبدو»: «شبان وشابات يسافرون معنا إلى لبنان لتقديم طلبات الحصول على فيزا»، ويوضح أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات السورية على المعابر الحدودية مؤخراً بمنع توقيف العائدين إلى سوريا الذين يثبت أنهم مطلوبون للخدمة الإلزامية أو الاحتياطية وتبليغهم بمراجعة شعبهم، «غير فعال»، بسبب وجود كوة «تفييش» على الجانب السوري تقوم بإلقاء القبض على من «يصدر الكومبيوتر صوت صفير لدى إدخال بيانات هويته إليه».
المعاناة اليومية مع حواجز الجيش والأمن هي من أبرز متاعب المهنة، وفق «أبو عبدو» الذي يقول: «كل حاجز له تسعيرة. البعض 200 ليرة، والبعض 500. وآخر علبة سجائر فاخرة يتجاوز ثمنها 1200 ليرة»، ويضيف: «أما إذا كان هناك ركاب عائدون إلى سوريا عبر مطار رفيق الحريري، فالتسعيرة ترتفع نظراً لحجم الحقائب»، لكنه يلفت إلى تراجع التدقيق الأمني حاليا.
المستغرب من وجهة نظر «أبو عبدو»، أنه ورغم وجود أسطوانات غاز في سيارته، جرى تبديلها من بيروت في العديد من الرحلات، لكن الحواجز لا تدقق على الأمر، ويقول: «لا يتسلبطوا علي (أخذ رشوة). الحكومة مدركة لأزمة المحروقات، وأمرتهم بغض الطرف».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.