المدن الأوروبية تركز على زيادة المساحات الخضراء لمواجهة التغير المناخي

75 % سيعيشون في مناطق حضرية بحلول 2020

موظف يفحص نباتات مزروعة في حديقة فوق سطح أحد المباني في العاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب)
موظف يفحص نباتات مزروعة في حديقة فوق سطح أحد المباني في العاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب)
TT

المدن الأوروبية تركز على زيادة المساحات الخضراء لمواجهة التغير المناخي

موظف يفحص نباتات مزروعة في حديقة فوق سطح أحد المباني في العاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب)
موظف يفحص نباتات مزروعة في حديقة فوق سطح أحد المباني في العاصمة الفرنسية باريس (أ.ف.ب)

التغير المناخي أصبح حقيقة بصورة متزايدة بالنسبة للكثير من الدول الأوروبية، حيث أصبحت موجات الحر وفترات الجفاف الطويلة هي القاعدة، وليست الاستثناء، خلال فصل الصيف في القارة.
بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في المدن، لا تطاق موجات الحر بصورة خاصة بسبب الافتقار للخضرة، في ظل وجود السيارات وتلوث الهواء والخرسانة في كل مكان. ويمكن أن تساعد الأشجار والنباتات في الحد من تأثيرات التغير المناخي. ولكن تكمن الصعوبة في التطبيق.
وحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية، فإن ثلاثة أرباع تعداد سكان أوروبا سوف يعيشون في المدن بحلول 2020، ولن توقف المساحات الخضراء بمفردها التغير المناخي، حسب ما تقوله ماتيس براوباخ، المسؤول بمنظمة الصحة العالمية.
ويقول براوباخ: «على الرغم من أن المساحات الخضراء في المدينة يمكن أن تلعب دوراً صغيراً في مواجهة هذه المشكلة، فإن المطلوب في الحقيقة هو تغيير كامل للتركيز في مجالات معينة»، على سبيل المثال في النقل وتوليد الطاقة.
وأضاف أنه على الرغم من أن المراعي والمتنزهات والشرفات الخضراء مجرد قطرة ماء في دلو، فإنها تساهم في تخفيف تأثيرات التغير المناخي. وأوضح: «هي عوامل صد لموجات الحر الشديدة». فالنباتات توفر الظل وتنتج الأوكسجين. ويمكن قياس فارق يتراوح بين درجتين إلى ثلاث درجات مئوية بين المناطق الخضراء والمناطق المزدحمة بالمباني. ومنذ فترة يهتم المهندسون ومخططو المناطق الحضرية بهذه المسألة، حيث يقومون بتجارب بالنسبة للاستعانة بالواجهات الخضراء والحدائق على أسطح البنايات وحدائق الخضراوات الحضرية. ولدى المهندس الإيطالي ستيفانو بويري رؤية خاصة، فهو يريد أن يرى الأشجار والمنازل تنمو معاً، وتصل إلى عنان السماء. ومن خلال مبنى «بوسكو فيرتكال» الذي صممه في منطقة البنوك في ميلانو، قام بتغطية برجين من ناطحات السحاب بـ800 شجرة و15 ألف نبات.
ويقول بويري لوكالة الأنباء الألمانية: «إيجاد غابة في المدينة أمر فعال للغاية لأنه يهزم العدو في معقله»، وعموماً، فإن غاز ثاني أكسيد الكربون الأكثر ضرراً يصدر في المدن، ويمكن الحد منه هناك من خلال إضافة مزيد من الخضرة.
لكن الجهود المبذولة في إيجاد مثل هذه «الغابات الحضرية»، مثل التي ابتكرها بويري، ضخمة للغاية. ويتعين رفع الأشجار إلى الشرفات برافعات.
ويقضي علماء النباتات أشهراً في حساب مكان نمو جذور النباتات، وكيف تنمو. كما أن تكلفة المحافظة على ذلك مرتفعة، حتى إذا كان بويري يقول غير ذلك.
فهو يرى أن الأمر ليس بهذا القدر من الصعوبة، «إنها مسألة منطق»، ويتم إقامة الكثير من غاباته الرأسية حول العالم، في الصين وهولندا على سبيل المثال. وفي عام 2014 فاز بويري بجائزة «هاي رايز» الدولية، التي قدمت له في فرانكفورت.
وأظهرت الأبحاث مدى أهمية المساحات الخضراء في المناطق الحضرية بالنسبة للصحة. ووفقاً لتقرير للوكالة الاتحادية لحماية الطبيعة بألمانيا، فإنه من المتوقع وقوع ظواهر مناخية أكثر حدة، مثل فترات طويلة من الحرارة أو الجفاف بسبب التغير المناخي.
وخلص «كونسورتيوم» من الباحثين في الآونة الأخيرة إلى أن التغير المناخي يهدد صحة أعداد متزايدة من المواطنين. وذكرت دورية «لانست» الطبية أن المواطنين في المدن معرضون للخطر بوجه خاص، في ظل ارتفاع درجات الحرارة بصورة كبيرة في المناطق المكتظة بالسكان.
وتساهم الجهود الحضرية لزيادة المساحات الخضراء لإضفاء صورة إيجابية على أي مدينة. ففي برلين، صوت المواطنون ضد تطوير مطار تيمبلوف السابق، كما أنه تم تحويل الأراضي التي بها نفايات صناعية في منطقة روهر إلى متنزهات. ولكن رغم أن الأكثرية في ألمانيا تدرك أهمية هذه القضية، فإنها تواجه صعوبة في التطبيق.
ويقول براوباخ: «لا يمكن زراعة الغابة ببساطة. هذا الأمر يستغرق عقوداً. يجب تطوير المناطق». فمن الممكن بناء مرآب سيارات أو قاعة لممارسة الرياضة بصورة أسرع ويكون لها تأثير فوري. بالإضافة لذلك، يجب مراقبة المتنزهات والحفاظ عليها. عندما تقع الأشجار خلال العواصف، تكون الأضرار كبيرة. وإذا لم يتم الحفاظ على المناطق الخضراء بصورة ملائمة، يمكن أن تتحول بسهولة لمعقل لتجارة المخدرات أو أي نشاط غير شرعي آخر.
علاوة على ذلك، تطوير المناطق الخضراء في أي مدينة يمكن أن يؤدي لتجديد المدينة، هذا يعني أن قيمة التأجير ترتفع في المناطق التي بها خضرة كثيرة. لذلك يتعين على البلديات زراعة الكثير من المناطق الخضراء الصغيرة في أنحاء المدينة، بحيث يمكن للجميع الوصول إليها.
يشار إلى أن الذين يعيشون في الغابة الرأسية في ميلانو من الأثرياء، مثل لاعبي كرة القدم في النوادي الكبرى في ميلانو ومصممي الأزياء والمغنيين.
ولا يحتاج السكان لفعل أي شيء للحفاظ على الخضرة في شرفاتهم، إذ يتم القيام بأعمال الري والصيانة بصورة مركزية. وقدرت وسائل الإعلام في ميلانو أن ذلك يعني إضافة 1500 يورو (1725 دولاراً) لتكاليف صيانة كل شقة. ويعني ذلك أن العيش وسط الخضرة ميزة للأثرياء.
ومرة أخرى يرفض بويري ذلك، ويقول إنه من الممكن وضع واجهات خضراء في المباني الاجتماعية أيضاً. وفي مدينة إيندهوفين بهولندا، وبإشراف بويري، جرى إقامة أول غابة رأسية في المباني السكنية لمحدودي الدخل والشباب.
وسوف تحظى جميع الشقق التي تبلغ مساحتها 50 متراً مربعاً بشجرة و40 شجيرة وشرفة بمساحة 4 أمتار مربعة.
ولدى بويري بالفعل فكرة مشروعه القادم، وهي توفير نباتات داخلية. لأنه يقول: «الهواء في الداخل غالباً ما يكون أسوأ من الخارج».


مقالات ذات صلة

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

الاقتصاد استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، الذي اختتم أعماله مؤخراً بالرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
بيئة بعد 30 عاماً من السكون... أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك نحو الشمال

بعد 30 عاماً من السكون... أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك نحو الشمال

يتحرك أكبر جبل جليدي في العالم مرة أخرى بعد أن حوصر في دوامة طوال معظم العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

لا تزال المداولات مستمرة في الساعات الأخيرة قبل اختتام مؤتمر «كوب 16» المنعقد بالرياض.

عبير حمدي (الرياض)
العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.