لبنان يسرّع الخطوات لتشكيل مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء

القضاء عيّن أعضاءه والبرلمان ينتخب ممثليه الأسبوع المقبل

TT

لبنان يسرّع الخطوات لتشكيل مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء

وضع رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي بند تشكيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء على نار حامية، ودعا إلى جلسة عامة للمجلس النيابي يومي الأربعاء والخميس المقبلين، لانتخاب سبعة نواب كأعضاء في هذا المجلس، بهدف إطلاق عملية مكافحة الفساد وتفعيل دور القضاء والهيئات الرقابية والبدء بعملية المحاسبة، في وقت عيّنت السلطة القضائية ثمانية قضاة ليتولوا مناصبهم في المجلس بالإضافة إلى المدعي العام ومساعديه.
ويأتي هذا التحرّك غداة الكشف عن مخالفات للقانون ارتكبها وزراء في الحكومة السابقة، عبر توظيف آلاف الأشخاص في الوزارات وإدارات الدولة لأسباب انتخابية وبما يخالف سياسة وقف التوظيف، وهو ما رتّب على خزينة الدولة أعباء مالية كبيرة، وقد أدرج رئيس البرلمان على جدول أعمال الجلسة بنوداً تتعلّق بمساءلة الوزراء حول بعض الملفات بما فيها التوظيفات العشوائية.
وما إن تلقّى مجلس القضاء الأعلى كتاب برّي، الذي دعاه لتعيين القضاة الأعضاء في المجلس الأعلى، حتى سارع المجلس إلى تلبية هذا الطلب، وكشف رئيسه القاضي جان فهد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهيئة العامة لمحكمة التمييز (المؤلفة من رؤساء محاكم التمييز في لبنان)، اجتمعت واختارت ثمانية من كبار القضاة رتبة ودرجة، وهم رئيس مجلس القضاء الأعلى (القاضي فهد) الذي يرأس مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء، والقضاة: جوزيف سماحة، ميشال طرزي، كلود كرم، سهير الحركة، جمال الحجار، عفيف الحكيم ورولا جدايل». وأشار إلى أنه «تمّ تعيين المدعي العام لدى المجلس وهو النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، ومساعدين له هما القاضيان عماد قبلان وموريس بركات». وأكد القاضي فهد أنه «وجه كتاباً لوزير العدل البير سرحان بهذه النتيجة، على أن يحيلها الوزير إدارياً إلى المجلس النيابي».
ومع تسارع هذه الخطوات، أكدت مصادر مقرّبة من الرئيس نبيه بري، أنه «مصمم على تشكيل المجلس الأعلى بأقصى سرعة، لمحاكمة أي وزير يخالف القانون، وخارج أي حماية سياسية». وأوضحت مصادر برّي لـ«الشرق الأوسط»، أن «العقبة التي تحول دون مكافحة الفساد، هي أن بعض المسؤولين يخالفون القانون ولا يجدون من يحاسبهم»، مشيرة إلى أن «هناك عدداً كبيراً من المناقصات ردّتها هيئة المناقصات لعدم مراعاتها القانون، لكن الوزراء أصروا عليها، وملف البواخر خير شاهد على ذلك».
ويعدّ تشكيل المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، مدخلاً إلزامياً لمحاسبة الوزراء وحتى الرؤساء حيال أي مخالفة، طالما أن الحصانة السياسية التي يتمتع بها هؤلاء تحول دون مثولهم أمام القضاء، ولأن المجلس الأعلى هو المحكمة الخاصة والوحيدة التي يحق لها محاكمة رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.
وعمّا إذا كانت الحمايات السياسية قد تحول دون ملاحقة الوزير المرتكب أو الرئيس الذي يخالف القانون، ذكّرت مصادر برّي بأن «أهمية المجلس الأعلى أنه يسقط الحماية عن أي مسؤول مهما علا شأنه، وتصبح القوى السياسية أمام لحظة لا يمكنها التراجع عنها، خصوصاً بعدما أجمع 54 نائباً خلال جلسات منح الحكومة الثقة، على المطالبة بمكافحة الفساد». وشددت المصادر على أن رئيس المجلس «جدي إلى أبعد الحدود في معالجة آفة الفساد، وسيعقد جلسات شهرية للبرلمان لاستجواب ومناقشة الحكومة حول بعض الملفات، بمعزل عن الجلسات التشريعية».
وتتقاطع آراء رجال القانون والدستور على أن محاربة الفساد خاضعة لحمايات سياسية يصعب تخطيها، واعتبر وزير العدل الأسبق شكيب قرطباوي، أن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء «يحظى بأهمية قوية من حيث الصلاحيات التي يتمتع بها، لكن بالممارسة لم يثبت فاعليته ولا مرّة، انطلاقاً من أن كلّ فريق سياسي يحمي جماعته من الملاحقة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا المجلس لديه صلاحية محاكمة رؤساء، لكن غياب أي قرار جدّي بملاحقة أي رئيس أو وزير مرتكب، يبقى عديم الجدوى». وقال وزير العدل الأسبق «إذا أردنا أن نحارب الفساد، يجب أن لا يقتصر الأمر على الموظفين من الفئات الدنيا، بل يجب أن يطال من هم في المراكز العليا بمن فيهم السياسيون».
وتنصّ المادة 80 من الدستور اللبناني، على أن «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، يتألف من سبعة نوّاب ينتخبهم مجلس النوّاب وثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبة حسب درجات التسلسل القضائي أو باعتبار الأقدمية إذا تساوت الدرجات، وتتخذ القرارات بغالبية عشرة أصوات من أصل خمسة عشر صوتاً».
لكن أستاذ القانون الدولي الدكتور أنطوان صفير، أشار إلى أن «المجلس الأعلى يتحرّك عندما تحال الملفات إليه من قبل القضاء، ويطلب عندها رفع الحصانة عن الرئيس أو الوزير، أو عندما يدعي مجلس النواب على أحد منهم ويبدأ بمحاكمته». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، يمكنه أن يشكل من أعضائه لجنة تحقيق تستجوب المسؤول المرتكب وتصدر مضبطة اتهام بحقه، كما يشكل هيئة للمحاكمة وإصدار الأحكام». لكن صفير ذكّر بأن «المجلس الأعلى الذي يُشكّل من كلّ الكتل النيابية، لا يستطيع أن يقوم بدوره إلا بقرار سياسي».
وسبق للبنان أن شكّل المجلس مرتين، الأولى في العام 1996 والثانية في العام 2010. لكن لم يسبق لهذا المجلس أن مارس الصلاحيات المنوطة به، لأسباب سياسية.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.