رغم بيانات تظهر تحسن معنويات المستهلكين في بريطانيا مرتفعة من أدنى مستوياتها في 5 سنوات، أظهر مسح أمس تراجع ثقة الشركات البريطانية في فبراير (شباط) الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ يونيو (حزيران) 2016؛ شهر استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي، في مؤشر جديد على أن عدم التيقن بشأن عملية الانفصال يضر بالشركات.
وبحسب «مقياس بنك لويدز للأعمال»، تراجعت ثقة الشركات 15 نقطة إلى 4 في المائة خلال فبراير الماضي. وساهم قطاع الخدمات، الذي يشكل الجزء الأكبر من الناتج الاقتصادي البريطاني، بأكبر قدر في تراجع الثقة.
وفي مطلع الشهر الماضي، أظهر استطلاع رأي أجرته «ديليوت» و«معهد المحاسبين القانونيين» في إنجلترا، تخوف أصحاب الأعمال من انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي في ظل عدم التوصل لاتفاق، كما أظهر الاستطلاع أن ثقة الشركات أصبحت في أدنى مستوياتها في عقد من الزمان.
يأتي ذلك بينما ذكرت شركة لأبحاث السوق أمس أن مؤشرها لثقة المستهلكين البريطانيين ارتفع في فبراير، بما يظهر تمتع الأسر البريطانية بقوة تحمل «مدهشة» للأوضاع في بلادهم التي تتجه نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وارتفع مؤشر «جي إف كيه» لثقة المستهلكين إلى «سالب 13» نقطة في فبراير، من مستوى سابق بلغ «سالب 14» نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي. وتوقع اقتصاديون شاركوا في استطلاع لـ«رويترز» تراجعا طفيفا إلى «سالب 15» نقطة.
وكانت قراءة يناير هي الأدنى منذ يوليو (تموز) 2013، لكن شركة «جي إف كيه» لأبحاث السوق قالت إن ثقة المستهلكين لا تتجه نحو الانخفاض الذي شهدته بعد الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيو 2016، أو في بداية الأزمة المالية العالمية قبل 10 سنوات.
وأجرت الشركة المسح نيابة عن المفوضية الأوروبية في الفترة من 1 وحتى 14 فبراير الماضي. وأظهر المسح أن معنويات المستهلكين حيال أوضاعهم المالية الشخصية ظلت مستقرة، لكنهم باتوا أكثر استعداداً للقيام بعمليات شراء كبيرة، وتحسنت توقعاتهم للاقتصاد خلال الاثني عشر شهراً المقبلة تحسناً طفيفاً عن يناير الماضي، الذي سجل أدنى مستوى في 7 سنوات.
وساهم إنفاق المستهلكين في بريطانيا في تحمل اقتصاد البلاد الضغوط الناجمة عن الخروج من التكتل، ومن المتوقع أن يسهم تباطؤ التضخم مع الزيادة التدريجية في الأجور في دعم المستهلكين خلال عام 2019، حتى وإن ضعف الاقتصاد بشكل عام.
في غضون ذلك، حذرت الحكومة البريطانية مساء الثلاثاء الماضي من تأثيرات الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق، موضحة أن التقديرات الاقتصادية تشير إلى أن اقتصاد المملكة سيتراجع بنسبة 9 في المائة. وبحسب صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، فإن بياناً حكومياً رسمياً حذر مما تشير إليه تقديرات بأن اقتصاد المملكة سيتراجع على المدى الطويل، وبأن شركات الأعمال في آيرلندا الشمالية ستُفلس، وبأن أسعار الغذاء سترتفع حال خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن البيان صدر بعد مطالبات متكررة من النائبة المحافظة السابقة أنّا سوبري، التي غادرت الحزب الحاكم مؤخراً وانضمت إلى ما تُعرف بـ«جماعة المستقلين». وجاء البيان بعد ساعات معدودة من اضطرار رئيسة الوزراء تيريزا ماي إلى تحديد جدول زمني يتضمن تصويتاً في 12 مارس (آذار) الحالي على خطتها الخاصة بـ«بريكست»، وإذا فشلت هذه الخطة، فإن تصويتاً سيجرى في اليوم التالي لدعم الخروج بلا اتفاق، وإذا فشل ذلك أيضاً، فإن تصويتا سيجرى في 14 مارس على تمديد المادة «50».
وأفاد البيان بأن هناك تقارير تفيد بأن عموم البريطانيين غير مستعدين للخروج بلا اتفاق من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس، وأن كثيراً من شركات الأعمال البريطانية في قطاع الإمدادات الغذائية غير مستعدة لسيناريو الخروج بلا اتفاق؛ فضلاً عن عدم اتخاذ عموم البريطانيين الإجراءات الإدارية اللازمة للتعايش حال الخروج بلا اتفاق، كاستخراج تأشيرات سفر جديدة، أو التقدم للحصول على تراخيص قيادة صالحة في دول الاتحاد الأوروبي غداة الخروج منه.
وكان مارك كارني، محافظ «بنك إنجلترا»، قد حذر الشهر الماضي من أن الاقتصاد البريطاني «غير جاهز بعد» للخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق، مشيراً إلى الضغوط التي تواجهها الشركات بفعل الغموض المحيط بـ«بريكست»، قائلا: «رغم أن شركات كثيرة تكثف استعداداتها، فإن الاقتصاد البريطاني بمجمله غير جاهز بعد لخروج من دون اتفاق ومن دون مرحلة انتقالية».
وفي هذا السياق، أبقى «بنك إنجلترا» سياسته النقدية من دون إدخال أي تغيير، وخفض توقعاته للنمو عام 2019، لا سيما في ظل التأثيرات السلبية للغموض المحيط بـ«بريكست» وتباطؤ الاقتصاد العالمي.
وأوضح كارني أن «ضبابية (بريكست) تؤدي إلى تقلبات على المدى القريب في الإحصاءات الاقتصادية، وتؤدي خصوصاً إلى توتر في الأوساط الاقتصادية والشركات». وتابع أن التحقيقات التي أجراها البنك تظهر أن الشركات تخشى من تراجع كبير في الإنتاج والاستثمارات والوظائف في حال الانفصال عن أوروبا من دون اتفاق. وحذر «بنك إنجلترا» بشكل متكرر في الأشهر الماضية من عواقب الغموض المحيط بـ«بريكست». وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كشف عن سيناريو قاتم في حال عدم التوصل إلى اتفاق، متوقعاً انهيار الجنيه الإسترليني وصدمة كبرى للاقتصاد. كما أعلن البنك إعادة النظر في توقعاته للنمو في عام 2019 في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي والشكوك المحيطة بـ«بريكست».
لكن في اتجاه قد يسفر عن بعض من الهدوء النسبي، حصلت بريطانيا على موافقة منظمة التجارة العالمية فيما يتعلق بالاستمرار في اتفاقية المشتريات الحكومية بعد مغادرتها الاتحاد الأوروبي المقررة في 29 مارس.
واتفاقية المشتريات الحكومية اتفاق متعدد الأطراف تحت رعاية منظمة التجارة العالمية، ودخلت حيز التنفيذ في عام 1981، ويتم بموجبها فتح الأعضاء أسواق المشتريات الحكومية التي يبلغ مجموعها 1.7 تريليون دولار أمام شركات الدول الأخرى.
وقال السفير البريطاني جوليان بريويت، أول من أمس، إن «القرار يؤكد عزمنا على تقليل أي خلل بعد مغادرتنا الاتحاد الأوروبي».
ثقة الشركات البريطانية في خطر رغم تحسن معنويات المستهلكين
الاقتصاد سيتراجع 9 % مع «بريكست بلا اتفاق»
ثقة الشركات البريطانية في خطر رغم تحسن معنويات المستهلكين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة