«حماس» توجه ضربة لحركة تابعة لإيران

TT

«حماس» توجه ضربة لحركة تابعة لإيران

اعتقلت أجهزة الأمن التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة مؤسس حركة «الصابرين» في قطاع غزة هشام سالم، وهي حركة تتبع المذهب الشيعي، وتتلقى تمويلاً مباشراً من إيران.
واقتحم مسلحون منزلاً كان سالم يتحصن فيه واعتقلوه ضمن حملة طالت كذلك 4 من مساعديه في قيادة الحركة، وصادروا أجهزة وحواسب وهواتف محمولة ووثائق. ويوجه اعتقال سالم المعروف باعتباره «رجل إيران» في القطاع ضربة لحركته بعد سنوات من العمل الذي شهد مداً وجزراً في العلاقة مع «حماس».
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن اعتقال سالم جاء في سياق محاولات «حماس» إنهاء عمل الحركة في القطاع من دون أن تتخذ قراراً معلناً بذلك. وأضافت أن «الحركة لا تريد مواجهة مباشرة مع إيران أو تصعيد التوتر، لذلك وضعت منذ فترة طويلة خطة لإنهاء وجود (الصابرين)، بدأت بالتضييق على كوادرها، ثم إغلاق (جمعية الباقيات الصالحات) التابعة لها، وصولاً إلى محاصرة مصادر التمويل والسلاح، حتى اعتقال كوادرها ومؤسسيها، انتهاء بسالم، وهو أحد أبرز المتشيعين في غزة».
وبحسب المصادر، يجري التحقيق مع سالم وآخرين حول ملفات عدة، أهمها الاتصالات والعلاقات والسلاح وطرق التمويل. واعتقل سالم رغم وجود تسوية، تدخلت فيها أطراف خارجية قبل عامين لإنهاء مطاردته من قبل «حماس».
وكان سالم مطلوباً للحركة التي حاولت اعتقاله مرات عدة. وقبل 3 سنوات أطلقت «حماس» حملة ضد «الصابرين» تزامنت مع رفض شعبي واسع في غزة لوجودها. وبلغ الاحتقان ذروته في القطاع بمحاولات لاغتيال سالم بعد اتهامه بنشر التشيع.
وتعرض سالم في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 للطعن مرات على يد مجهول، بعد إجرائه مقابلة صحافية مع قنوات إيرانية قبالة موقع ناحال عوز العسكري شرق غزة، وتم تفجير منزله في وقت لاحق. وأقرّ سالم نفسه في أكثر من مناسبة بأنه يتعرض للملاحقة من قبل الأجهزة الأمنية في القطاع.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه حاول مغادرة القطاع مرات عدة، بعدما أرسل عائلته المكونة من زوجته ونحو 7 من أبنائه وبناته إلى طهران للاستقرار فيها، لكن بعضهم غادروا العاصمة الإيرانية. ورغم عقده اتفاقاً مع «حماس»، فإن سالم لم يُعد عائلته إلى غزة. وعلى رغم قدم الاتهامات لـ«الصابرين»، فإن «حماس» لم تقدم على حظرها، بخلاف السلطة الفلسطينية التي تحظرها في الضفة الغربية. وأحبطت السلطة قبل أعوام محاولة لإقامة بنية تحتية للتنظيم في الضفة، واعتقلت بعض أعضائه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».