لبنان يتشاور مع دول صديقة لتجنيب إقحامه في مواجهة إيرانية ـ إسرائيلية بسوريا

TT

لبنان يتشاور مع دول صديقة لتجنيب إقحامه في مواجهة إيرانية ـ إسرائيلية بسوريا

يرصد المسؤولون اللبنانيون باهتمام بالغ تطور الأوضاع في لبنان والدول المحيطة به والنتائج المتوقعة على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري، في ظل التهديدات المتبادلة بين الإيرانيين والإسرائيليين بمواجهة في سوريا، وسط مخاوف من أن تطال شراسة المعارك المُحتملة لبنان في حال استخدمت إسرائيل مجاله الجوي لمهاجمة مواقع سورية وإيرانية وأخرى لـ«حزب الله»، فضلاً عن المخاوف من أن يكون بعض الرد العسكري من مواقع «حزب الله» في جنوب لبنان.
ويكثّف المسؤولون اتصالاتهم في الداخل والخارج لتجنيب لبنان أي مواجهات يعجز عن تحملّ ذيولها. ووصفت مصادر مواكبة للاتصالات الخارجية، أن احتمال زج لبنان في جانب من المعارك في حال وقوعها وارد في حال طلبت القيادة الإيرانية ذلك من «حزب الله»، ومن المتوقع في هذه الحال أن يتعرّض لبنان كله للقصف الجوي الإسرائيلي والأضرار الناجمة عنه. وتؤكد المصادر أن لبنان لم يتبلغ حتى الآن «أي إنذار من أي جهة دولية تدعوه إلى عدم التورط في أي اشتباكات إيرانية - سورية - إسرائيلية محتملة وأن دولا صديقة له بوسعها أن تبذل مساعي لإبقائه خارج المعركة إذا وقعت».
وأفادت مصادر لبنانية مواكبة للاتصالات أن أي مغامرة عسكرية إيرانية - إسرائيلية ستكون «كارثية النتائج» إذا ما أقحم بها، وذلك وفق تقرير دبلوماسي ورد إلى بيروت وتضمّن أيضا «أن الانسحاب العسكري الأميركي من سوريا سيفسح في المجال أمام هيمنة إيرانية أكبر في دمشق بسبب حضورها العسكري»، فيما تحتج إسرائيل على الوجود العسكري الإيراني، ما دفعها إلى توجيه ضربات على أهداف داخل الأراضي السورية، وهذا ما أدى إلى إشكالات مع روسيا التي لم توفّر الحرية الكاملة لتل أبيب.
وجاء في التقرير المذكور أن إيران تتهم روسيا بأنها تشيح النظر عن الغارات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، إلا أن الرئيس فلاديمير بوتين لم يعط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بطاقة بيضاء لمهاجمة الأهداف الإيرانية، وهذا ما جعل نتنياهو يزور موسكو عدة مرات لإبلاغها أن غاراته في سوريا باتت غير مضمونة النتائج.
وتشرع هذه المعطيات السؤال: هل اقتربت ساعة المواجهة بين إيران وإسرائيل في سوريا؟ وهل ستطال شظاياها لبنان؟
ونقل المصدر المواكب للاتصالات الجارية استنادا إلى معلومات دبلوماسية وردت إلى بيروت، أن هذه المواجهة ستكون كبيرة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى. وإذا نجح الراديكاليون في إيران بالهيمنة وهمشّوا الرئيس روحاني والمحافظين المعتدلين واعتبروا أن بقاء النظام رهن بتوتير العلاقات مع المحيط الإقليمي، عندها يتعزز احتمال الانفجار في المنطقة.
وأضاف المصدر أنه ليس ضرورياً أن يكون الانفجار شاملا لكنه قد يتخذ شكل أعمال إرهابية أو تحرشات في المضائق أو ضرب المصالح الأميركية أو تحريك الساحة العراقية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.