الحوثيون يمنعون مبادرات خيرية من دعم طلاب الفقراء

3.7 مليون طفل يمني في سن الدراسة خارج المدارس

توزيع لوازم مدرسية على أبناء القتلى الحوثيين دون غيرهم من الأسر الفقيرة بصنعاء (فيسبوك)
توزيع لوازم مدرسية على أبناء القتلى الحوثيين دون غيرهم من الأسر الفقيرة بصنعاء (فيسبوك)
TT

الحوثيون يمنعون مبادرات خيرية من دعم طلاب الفقراء

توزيع لوازم مدرسية على أبناء القتلى الحوثيين دون غيرهم من الأسر الفقيرة بصنعاء (فيسبوك)
توزيع لوازم مدرسية على أبناء القتلى الحوثيين دون غيرهم من الأسر الفقيرة بصنعاء (فيسبوك)

منعت الجماعة الحوثية في اليمن منذ مطلع الأسبوع مبادرات خيرية من تقديم أي دعم عيني أو مادي لطلاب المدارس العمومية في العاصمة المختطفة صنعاء وريفها، بحسب ما أفادت به مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

وكشفت المصادر عن تنفيذ ما يُسمى «المجلس الأعلى لتنسيق الأعمال الإنسانية» و«هيئة الزكاة» الحوثية بالتنسيق مع مكاتب التعليم ومسؤولي الأحياء حملات مباغتة استهدفت عدداً من المبادرات التطوعية العاملة في المجال الإنساني في مناطق متفرقة بصنعاء، وذلك في سياق الحظر للأعمال الخيرية الرامية للتخفيف من حدة الأعباء التي تكابدها الأسر اليمنية.

وأسفرت الحملة –بحسب المصادر- في أول يومين من انطلاقها عن إيقاف نحو 8 مبادرات خيرية كانت تقوم بتوزيع احتياجات مدرسية ومعونات نقدية لمئات الطلبة المحتاجين في أحياء تتبع مديريات بني الحارث ومعين والصافية بصنعاء.

كما اعتقل مسلحو الجماعة الحوثية، حسب المصادر، عدداً من العاملين في تلك المبادرات معظمهم من الشباب، وأودعتهم السجون.

وكشفت المصادر عن مصادرة الانقلابيين خلال هذه الحملة كميات كبيرة من المستلزمات المدرسية والمساعدات، تشمل حقائب وأقلاماً ودفاتر وأزياء مدرسية ومبالغ نقدية تُمنح للطلبة الفقراء باعتبار أنها رسوم تسجيل للعام الدراسي الجديد.

مستلزمات مدرسية تخصصها الجماعة الحوثية لمصلحة أبناء عناصرها (فيسبوك)

وفي حين أعلنت الجماعة، السبت، عن بدء العام الدراسي الجديد لجميع المراحل الدراسية، وفي المدارس العمومية والخاصة في مناطق سيطرتها، تصاعدت شكاوى أولياء الأمور من ارتفاع تكلفة التعليم، مضافاً إليها فرض رسوم دراسية جديدة في المدارس الحكومية قدرها 9 آلاف ريال يمني (نحو 10 دولارات) عن كل طالب، لا تشمل قيمة الكتب المدرسية، والمشاركة المجتمعية.

وكانت رسوم التسجيل في المدارس الحكومية اليمنية قبل انقلاب الجماعة الحوثية مبلغاً رمزياً، إذ لا تتجاوز نحو دولار واحد، ويشمل ذلك الكتب المدرسية.

تعسف وحرمان

اشتكى أعضاء في فريق تطوعي طاله التعسف الحوثي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» من تعرضهم لسلسلة مضايقات وملاحقة حوثية هدفها منع ممارسة أي نشاط خيري في صنعاء وضواحيها إلا تحت رقابة وإشراف الجماعة.

وحمّلت أسر متعففة في صنعاء كبار قادة الجماعة الحوثية مسؤولية حرمان أبنائها مُجدداً من الحصول على لوازم مدرسية، ورسوم تسجيل في المدارس الحكومية بعد أن عجزت عن توفيرها بسبب تدهور الظروف.

وتحدث عامل في فريق تطوعي بصنعاء عن إيقاف مسلحين حوثيين فريقهم الشبابي أثناء ما كان يعمل في سياق حملة لمساعدة الطلاب حتى لا يُحرموا من الدراسة، مؤكداً قيام الجماعة بمنعهم من توزيع لوازم مدرسية في حي مذبح بمديرية معين.

الحوثيون يجبرون المعلمات والطالبات على حضور فعاليات ذات منحى طائفي (إكس)

وكشف العامل التطوعي الذي طلب إخفاء هويته عن مصادرة مسلحي الجماعة للمساعدات التي كانت مخصصة للطلبة الفقراء، إلى جانب تعرض مسؤول الفريق للاعتقال لنحو ثلاث ساعات قبل الإفراج عنه مقابل تعهده بعدم العودة للعمل في هذا المجال الإنساني.

وبحسب عاملين آخرين في الفريق، فقد وجهت لهم الجماعة اتهامات بمزاولة أعمال تصفها بـ«المحظورة»، ولا تخضع لرقابة وإشراف مؤسساتها. واتهموها بتضييق الخناق على المبادرات الخيرية بغية منع وصول الدعم لطلاب المدارس الفقراء.

وكان أعضاء الفريق التطوعي المستهدف حوثياً يطمحون للمساهمة في تحسين العملية التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة التي تشهد عاماً مأساوياً أكثر من سابقيه، وكذا تخفيف أعباء بعض العائلات الفقيرة التي عجزت هذا العام عن إلحاق أبنائها بالمدارس.

الملايين خارج التعليم

يتزامن الاستهداف الحوثي للمبادرات الداعمة للتعليم مع تأكيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن نحو 3.7 ملايين طفل يمني في سن الدراسة خارج المدارس.

وتقول المنظمة الأممية إن الأزمة التعليمية تعصف باليمن مع تضرر البنية التحتية التعليمية بشكل كبير، وتوقف دفع رواتب المعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين منذ عام 2016، مما أدى إلى نزوح جماعي للكفاءات التعليمية.

الفقر دفع آلاف الأطفال اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين للعمل وترك المدارس (أ.ف.ب)

وأوضحت «يونيسف» في تقرير حديث أن ملايين الأطفال في اليمن يواجهون مستقبلاً خطيراً، في ظل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من عشر سنوات.

وأكدت أن هذا الانقطاع المأساوي في التعليم لا يعوق التقدم الأكاديمي للأطفال فحسب، بل يهدد أيضاً نموهم المعرفي والعاطفي بشكل خطير.

وبالإضافة إلى فقدان الأطفال فرصة التعلم، يُحرم هؤلاء الأطفال –بحسب المنظمة- من البيئة الآمنة والداعمة التي توفرها المدارس، والتي تعد حيوية لتطورهم الشامل في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.


مقالات ذات صلة

«التشاور والمصالحة» تدعو قادة الانتقالي لخفض التصعيد والانخراط السياسي

خاص جانب من مراسم توقيع اتفاق الرياض في نوفمبر 2019 (الشرق الأوسط)

«التشاور والمصالحة» تدعو قادة الانتقالي لخفض التصعيد والانخراط السياسي

دعا مسؤول يمني قادة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى المبادرة باتخاذ إجراءات سياسية وعسكرية تفضي إلى التخلي عن التصعيد المرفوض وطنياً، وإقليمياً، ودولياً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية التي تغطي قطاعات حيوية (الشرق الأوسط)

السعودية شريان الحياة للتنمية في اليمن

في إطار جهود السعودية لدعم التنمية المستدامة في اليمن، أطلق «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» سلسلة من المشاريع والمبادرات التنموية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط) play-circle

خاص محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

أكد محافظ حضرموت أن الباب ما زال مفتوحاً أمام قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، للانسحاب من المحافظات الشرقية، درءاً لأي اقتتال بين الإخوة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي وماركو روبيو وزير خارجية الولايات المتحدة (وام)

عبد الله بن زايد وماركو روبيو يناقشان تطورات اليمن وأوضاع غزة

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، مع ماركو روبيو، وزير خارجية الولايات المتحدة، العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

الخليج لقطة من مقطع فيديو لمراقبة الشحنة العسكرية قبل أن يضربها التحالف قرب ميناء المكلا أمس (رويترز)

«التحالف» يفند ادعاءات «بيان الإمارات»... خروقات ومخالفات مرتبطة بسفينتي المكلا

أكد تحالف دعم الشرعية في اليمن أن السفينتين اللتين دخلتا ميناء المكلا خالفتا الإجراءات المعمول بها في مثل هذه الحالات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.