المسجد الأموي وقصر الحمراء والصحراء في لوحات المستشرقين

في شهر أبريل (نيسان) المقبل تخصص دار كريستيز مزاداً جديداً للفن الاستشراقي تقدم من خلاله نحو 30 عملاً يتقدمها لوحة ضخمة للفنان الألماني غوستاف بارونفايند بعنوان «الساحة الأمامية للمسجد الأموي، دمشق». اللوحة التي أثارت حماسة آرنا إيفروين مختص الفن الأوروبي بـ«كريستيز» رسمها الفنان عام 1890 ويعتبرها الخبير أحد أهم أعمال الفنان الاستشراقي التي صورت دمشق وتقبع في مجموعة خاصة.
اللوحة تجمع عدداً من العناصر التي تجعلها مطلوبة من أي جامع للوحات الفن الاستشراقي، فهي تتميز بجودة «متحفية» وتصور أحد أهم المعالم الأثرية الإسلامية في المشرق وتتميز بدقة في تصوير التفاصيل المتنوعة من المعمار إلى الألوان والملابس والسجاد.
أبدأ حواري مع إيفروين بسؤال عن سبب تخصيص «كريستيز» لمزاد مستقل للفن الاستشراقي في الوقت الذي كانت لوحات هذا النوع من الفنون تتوزع في مزادات الفن الأوروبي في لندن ونيويورك، يجيب بأن الأمر يعتمد على الطلب من عملاء الدار على هذه النوعية من اللوحات، ويضيف: «الآن الوقت مناسب لعودته، وخاصة مع أسبوع الفن الإسلامي». ويشير إلى أن الاهتمام باقتناء الأعمال الاستشراقية يمتد من أوروبا وأميركا لمنطقة الشرق الأوسط، مضيفاً: «يجب القول إن العملاء من أوروبا وأميركا الذين عاشوا لفترات في منطقة الشرق الأوسط يتجهون للبحث عن اللوحات الاستشراقية لتعليقها في بيوتهم، وهو ما يعكس نوعاً من العاطفة والتقدير. فاللوحات متقنة لدرجة أنها تنقل المشاهد لذلك العالم البعيد».
أتساءل عن فكرة أن اللوحات الاستشراقية قد لا تكون مرسومة من المكان ذاته وأن بعضها يجنح لعكس صورة نمطية عن حياة الشرق، يقول إن هذا الأمر قد يكون صحيحاً بالنسبة لبعض الفنانين ولكن بالنسبة لنجم المزاد القادم وهو الفنان الألماني غوستاف بارونفايند فهو عاش في الشرق لفترات متقطعة ويضيف: «حرص الفنان على كتابة وثائق حول مشاهداته في الشرق، عندما رسم اللوحة كتب في يوم 2 ديسمبر (كانون الأول) 1888 أنه وجد خلال تجوله في المدينة «منظراً مميزاً حول المسجد الأموي» ومن هنا جاء تصويره الدقيق للمسجد وعمارته والألوان التي تموج بالحياة في السجاد وفي الملابس أيضاً. يقول إيفروين مستذكراً آخر مرة ظهرت فيها لوحة لبارونفايند في المزاد منذ عشرة أعوام: «وجدت جامعي لوحات وقد تسمروا أمام اللوحة مأخوذين بتفاصيلها وجمالياتها».
يضرب مثال بالفنان رودولف إرنست الذي درج على جمع المقتنيات التي تجذبه من الشرق ولدى عودته لباريس يقوم برسم لوحاته معتمداً على ذاكرته وعلى القطع التي جمعها من هناك».
أسأله عن عدد اللوحات في المزاد ويقول: «نحو 30 إلى أربعين لوحة، لا أريد أن أقلل من وقع جمال اللوحات الموجودة بزيادة العدد».
يضم المزاد أيضاً لوحة لجان لوي جيروم الفنان الاستشراقي الشهير بعنوان «صلاة في الصحراء» ويقول الخبير تعليقاً عليها «إنها تجمع العناصر المبهرة في فن جيروم».
اللوحة تصور مشهداً صحراوياً ورجلاً مترجلاً عن حصانه منهمكاً في الصلاة، «الرجل مستغرق في صلاته، نحن أمام امتداد للصحراء يعكسه الفنان بجمال وبراعة. إضافة إلى تصوير الأسلحة الخفيفة التي يحملها الرجل». اللوحة تبعث على الإحساس بالسلامة والسكينة رغم وجود الخنجر والحربة، الإحساس بالسكينة مستمد في غالبه من الرجل المستغرق في صلاته ومن امتداد رمال الصحراء.
ومن اللوحات المهمة في المزاد لوحة للفنان رودولف إرنست بعنوان «محاربون في قصر الحمراء». الفنان معروف بتصويره الدقيق لتجار المشرق وملابسهم، وخلال رحلاته في المنطقة دون إرنست تفاصيل كثيرة حول الملابس والأماكن، ولاحقاً استخدم تلك التفاصيل في لوحاته. ومما تتميز به لوحة «محاربون في قصر الحمراء» هو براعة الفنان الواضحة في نقل كل التفاصيل الدقية للأقمشة، من الملابس للوسادات للسجاد. ومن اللافت أيضاً تصويره للقاعة في قصر الحمراء والتي تطل على ساحة نافورة الأسود الشهيرة.
الجدير بالذكر أن اللوحات الثلاثة ستعرض في دبي في الفترة من 19 إلى 23 مارس (آذار) ثم تعود لتعرض في لندن مع بقية اللوحات في المزاد بمقر الدار بشارع كنغ ستريت يوم 26 أبريل.