انتقاد يمني لـ«صمت المجتمع الدولي» على القصف الحوثي لقبائل حجور

الشرعية تطالب المنظمات العالمية الحقوقية باستقاء معلوماتها «بحياد ومهنية»

رئيس الحكومة اليمنية لدى إلقاء كلمته  في الدورة الـ40 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس (أ.ب)
رئيس الحكومة اليمنية لدى إلقاء كلمته في الدورة الـ40 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس (أ.ب)
TT

انتقاد يمني لـ«صمت المجتمع الدولي» على القصف الحوثي لقبائل حجور

رئيس الحكومة اليمنية لدى إلقاء كلمته  في الدورة الـ40 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس (أ.ب)
رئيس الحكومة اليمنية لدى إلقاء كلمته في الدورة الـ40 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف أمس (أ.ب)

انتقدت الحكومة اليمنية صمت المجتمع الدولي على استمرار الانتهاكات الحوثية بحق اليمنيين، وخصوصاً «القصف الممنهج والمستمر ضد قبائل حجور» في شمال البلاد حالياً، كما طالبت المنظمات الأممية والدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان ببذل مزيد من الجهد لاستقاء معلوماتها وإعداد تقاريرها وفقاً للمعايير الدولية المتعلقة بالنزاهة والحياد والمهنية.
وقال رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك خلال كلمة اليمن في المؤتمر عالي المستوى للدورة 40 لحقوق الإنسان في جنيف، إن «الحكومة اليمنية تولي ملف حقوق الإنسان اهتماماً خاصاً، وترى أن المدخل الأساسي لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان، يتم من خلال استعادة عمل مؤسسات الدولة وسلطاتها وفقاً لضوابط القوانين الوطنية والمواثيق الدولية وتفعيل آليات الرصد والمحاسبة وتمكين القضاء والنيابات واللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان».وتابع أن «مستقبل اليمن الآمن والمزدهر لن يتحقق إلا بإنهاء الانقلاب، ووضع أسس سليمة لسلام دائم وشامل يحفظ كرامة وحقوق كل اليمنيين، وفقاً للمرجعيات الثلاث المتفق عليها محليا وإقليمياً ودولياً وهي مخرجات الحوار الوطني الشامل والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن الدولي وخاصة القرار 2216، وسلام يحافظ على قيم الديمقراطية والشرعية ومقومات بناء دولة النظام والقانون التي ينشدها كل اليمنيين. ومن هذا المكان نناشد المجتمع الدولي أن يدعمنا في تحقيق ذلك». وعاتب عبد الملك، المجتمعين على الصمت إزاء انتهاكات الميليشيات الحوثية ضد المدنيين اليمنيين وآخرها ما يحصل من قصف ممنهج ومستمر لمناطق حجور في محافظة حجة شمال اليمن. وقال: «في هذه الأثناء، ورغم استئناف العملية السياسية وتوقيع اتفاقية استوكهولم وصدور قراري مجلس الأمن 2451 و2452، تشن ميليشيات الحوثيين هجمات عنيفة تستخدم فيها أسلحة ثقيلة منها الدبابات والمدفعية على مواطني مناطق حجور البعيدة عن جبهات الحرب وتفرض عليها حصارا خانقا وتمنع عنهم الغذاء والدواء وتعيق إسعاف الجرحى وتقطع عنهم خدمة الاتصالات وتشن حملات اختطاف لأبناء هذه المنطقة الذين يعيشون في المدن والمناطق المختلفة بما فيها صنعاء (...) إن صمت المجتمع الدولي وبعض منظمات حقوق الإنسان عن قصف الحوثيين لمناطق مسالمة وبعيدة عن جبهات القتال كما يحدث في حجور اليوم ليس بالرسالة المناسبة التي تبعث للمواطنين اليمنيين وليست بالوسيلة الناجعة لحث الجماعات الإرهابية والمسلحة على الانخراط في سلام جاد ويحفظ لنا التاريخ المآلات الفادحة لسياسات الاسترضاء وإن كل محاولة لاتهام الجميع بالمسؤولية كانت تنتهي كغطاء للقتلة والمجرمين الحقيقيين».
وشدّد رئيس الحكومة الشرعية على أن «أي مفاوضات هي فرصة حقيقية للسلام، لكن السلام ليس مجرد تسوية بين حكومة وانقلابيين، بل يتحقق أساساً باستعادة الأوضاع القانونية والدستورية التي تحفظ للأفراد والجماعات حقوقهم وحريتهم وكرامتهم، وإن كل اتفاق لا يتأسس على قاعدة الالتزام بالدستور والقانون واحترام حقوق الإنسان والقوانين والقرارات الدولية هو تسوية على حساب الشعب والمواطنين وهو في خلاصته مكافأة لنهج استخدام العنف لتحقيق مكاسب سياسية، وانتهاك القوانين وحقوق الإنسان».
وتحدث الدكتور معين عن جهود الحكومة اليمنية لتخفيف حدة الأزمة الإنسانية ورفع المعاناة عن المواطنين، مبيناً أنها قدمت في سبيل ذلك تنازلات كبيرة، خصوصاً في قضية الأسرى والمختطفين، بل وقبلت أن تتم مبادلة أسرى المتمردين الانقلابيين الذين قبض عليهم في ساحات الحرب بالمختطفين المدنيين والمخفيين قسراً الذين اختطفتهم الميليشيات الانقلابية من منازلهم وأعمالهم.
وتابع: «لكن ما يثير القلق ويستوجب تدخل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان أن الميليشيات الحوثية ما زالت تشن حملات اختطاف عشوائية وممنهجة للعشرات من المواطنين من منازلهم وأعمالهم وإخفائهم عن أهلهم وذويهم، وهو الأمر الذي يشكك في جدية الميليشيات في إطلاق الأسرى والمختطفين ويشكك في جدوى الجهود المبذولة لإغلاق هذا الملف الإنساني الهام».


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم