تقتضي اللياقات الفرنسية ألا توصف أي امرأة بأنها عجوز، بل يقال «سيدة ذات عمر معين». كما تقتضي ألا يقال عن المرأة الممتلئة أنها بدينة بل «مستديرة». ولوضع القول موضع الفعل، جرى افتتاح معرض في الهواء الطلق على واجهة ثكنة «نابليون» العسكرية القريبة من مبنى البلدية، لمجموعة من صور النساء المكتنزات. المعرض الذي جاء ليستبق أسبوع الموضة الذي يبدأ غداً الاثنين في باريس، يحمل عنوان «غروسوفوبي»، أي التنديد بـ«رهاب السمينات». ومن المقرر أن يستمر المعرض حتى التاسع من الشهر المقبل، أي ليكون جزءاً من فعاليات اليوم العالمي للمرأة.
تبدو النساء اللواتي يظهرن في الصور من مختلف الأعمار. وهن بكامل أناقتهن، وقد جرى التقاط الصور لهن أثناء عرض مفترض للأزياء جرى داخل الصالات التاريخية الفخمة لقصر البلدية، حيث تتزين الجدران والسقوف بلوحات من عصر النهضة لنساء بعيدات عن قواعد النحافة التي فرضها أساطين الموضة في النصف الثاني من القرن العشرين. وتقول غيري بالاسيوسبيدو، وهي أستاذة شابة للغة الإسبانية، «إن الموضة حق لكل النساء وليست للنحيفات فحسب». وإلى جانب التعليم، تعمل غيري، البالغة من العمر 36 عاماً، عارضة لأزياء المقاسات الكبيرة. وهي لا تجد حرجاً في استعراض جسدها الخارج عن اعتبارات النظرة الجمالية المفروضة على النساء، التي تسبب عقداً نفسية لكثير من الفتيات المراهقات. وأضافت في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، أنها عانت كثيراً من التمييز بسبب طول قامتها وامتلائها. كما أبدت ضيقها بتوصيات بعض الأطباء والأقرباء الذين كانوا يلاحقونها بضرورة التوقف عن الأكل وممارسة التمرينات الرياضية.
من المفارقات أن غيري حائزة «الحزام البني» في الجودو، وتؤكد أن وزنها يزداد عندما تخفف من طعامها. لكنها تنفي سعيها لتبرير سمنتها لكنها ترغب في الدفاع عن البدناء الذين ترى أنهم يتعرضون لنظرات السخرية وللتمييز من مجتمع محكوم بمقاييس مجحفة. فمن حق هؤلاء أن يختلطوا بالآخرين ويرتدوا ملابس أنيقة ويندمجوا في مجتمعاتهم.
وشهدت باريس، في السنوات الأخيرة، ظهور علامات تجارية للثياب ذات القياسات الكبيرة، على غرار ما هو موجود في بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا. كما أن عروض الأزياء باتت تزداد تنوعاً مع عارضات من أصول عرقية متعدّدة وأعمار مختلفة، لكن من النادر جداً الاستعانة بعارضات مكتنزات.
وكان المصمم كارل لاغرفيلد، الذي رحل الأسبوع الماضي، أحد ألد أعداء البدينات. وقد أعلن أكثر من مرة قائلاً: «لا أحد يرغب في أن يرى نساء مكتنزات على منصات عرض الأزياء».
أشرفت على تنظيم المعرض إيلين بيدار، معاونة رئيسة البلدية المكلفة بقضايا مكافحة التمييز. وهي التي نجحت في إدراج عبارة «رهاب الأجسام الممتلئة» في معجمي «لاروس» و«روبير» للغة الفرنسية. وترى بيدار أن «الأمور تتحسن في مجال الموضة، لكن الوتيرة بطيئة ولا يزال الطريق طويلاً قبل ضمان تنوّع فعلي». ولا تعير إيلين بيدار بالاً لمن يتهمها بالترويج للسمنة التي يحذر منها الأطباء باعتبارها خطراً على الصحة. وهي ترد على منتقديها قائلة إن «مكافحة البدانة لا تقضي بمواجهة البدناء. فلا أحد يختار أن يكون بديناً. ولا بدّ من مساعدة هؤلاء الأشخاص ومرافقتهم في مسعاهم لبلوغ حياة صحية سليمة».
باريس تعيد الاعتبار للنساء المكتنزات
باريس تعيد الاعتبار للنساء المكتنزات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة