عرض تجربة النهضة الثقافية الصينية بالقاهرة

تحولت إلى صناعة تساهم بـ5 %من الناتج الإجمالي المحلي لبكين

جانب من ندوة تجربة «الصناعات الثقافية» بمكتبة مصر العامة
جانب من ندوة تجربة «الصناعات الثقافية» بمكتبة مصر العامة
TT

عرض تجربة النهضة الثقافية الصينية بالقاهرة

جانب من ندوة تجربة «الصناعات الثقافية» بمكتبة مصر العامة
جانب من ندوة تجربة «الصناعات الثقافية» بمكتبة مصر العامة

ظهر مفهوم «الصناعات الثقافية» لأول مرة على يد عالمي الاجتماع الألمانيين تيودور أدورنو، وماكس هوركهايمر، وهما من أبرز علماء مدرسة فرانكفورت النقدية في كتابهما المرجعي «جدل التنوير» عام 1944. هذا المصطلح بات الآن ذا أهمية وقيمة كبرى مع تسارع وتيرة العولمة وتلاشي الهويات، واستطاعت الصين توظيفه لترسيخ وجودها بوصفها ثاني قوة اقتصادية في العالم.
وحول أهمية «الصناعات الثقافية» عقدت مساء أول من أمس، أولى ندوات وحدة الدراسات الصينية بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية، بالتعاون مع مكتبة مصر العامة بالقاهرة، التي قدمت قراءة في التجربة الصينية في النهضة الثقافية. وناقشت أهمية تغير النظرة للثقافة لكونها عنصرا ترفيهيا ونخبويا، بل لكونها مصدرا ورافد مهما من مصادر الدخل القومي.
وقال عماد الأزرق، رئيس وحدة الدراسات الصينية بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية لـ«الشرق الأوسط»: «الصين نجحت في تغيير المفهوم حول الصناعات الثقافية وتحويلها لقطاع اقتصادي يساهم بـ5 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، وبحسب مصلحة الإحصاء الصينية فإن الصناعات الثقافية ساهمت بنحو 640 مليار دولار في الستة أشهر الأولى من عام 2018 في الصين».
وأكد الأزرق مؤلف كتاب (شي جين يينغ: الطريق إلى القمة)، أن «مصر لا تقل عن الصين إبداعاً وتراثاً وخبرات، لكن الصين نجحت في ضخ هذه الخبرات والمهارات وحشدها في إطار اقتصادي وثقافي واجتماعي عبر مشروع مجتمعي كبير لتحتل قوتها الناعمة الثقافية مساحة كبرى تدعمها على الساحة الدولية».
وكشف شي يوه وين، المستشار الثقافي الصيني بالقاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصين قبل 20 عاماً أدخلت الصناعات الثقافية ضمن خططتها الشاملة للتنمية التي يتم وضعها كل 5 سنوات لضمان خطة تنمية الصناعات الثقافية، ونهضتها فضلا عن خطط تنمية طويلة المدى أيضا». وأكد أن «معدل الزيادة السنوية في الدخل الخاص بالصناعات الثقافية يزيد بمعدل 20 في المائة سنويا، بعدما باتت أكثر شعبية وانتشارا، وتم استغلال الثورة الرقمية لدعم هذه الصناعات ليتم تداولها بشكل رقمي في مجال الكتب والفن والموسيقى».
ولفت قائلا: «في أميركا تدر الصناعات الثقافية 20 في المائة من الدخل القومي، لذلك نحاول تطوير الصناعات الثقافية في شتى المجالات مثل: السينما والفنون ونشر الكتب، ففي عام 2018 أدخلت السينما الصينية 60 مليار يوان صيني (الدولار الأميركي يعادل 6.7 يوان صيني)، وكانت الصين قبل أعوام تنتج 30 فيلما سنويا والآن تنتج كل سنة 600 فيلم طويل».
وأوضح: «الصين تدرك جيدا أن الصناعات الثقافية نقطة مهمة جدا لجذب المستثمرين الدوليين، وسنت القوانين اللازمة لدعم هذه الصناعات وحماية الملكية الفكرية، إلى جانب دعم أنشطة السياحة والترويج لها، التي تمثل جزءا لا يتجزأ من صناعة الثقافة».
بينما أكد دكتور أحمد السعيد، رئيس مؤسسة بيت الحكمة للإعلام والصناعات الثقافية، لـ«الشرق الأوسط» أن «الصين معجزة العالم في القرن العشرين والقرن الحالي، وهي تركز في الصناعات الثقافية على الهوية وتحرص على خلق الشغف بها، وأنشأت 5 مناطق حرة للتجارة الثقافية بين دول العالم».
ولفت إلى أن «الصين تتجه لمواجهة السينما والدراما الأميركية من داخل هوليوود حيث كان إنتاج فيلم (ميغ) إنتاجا صينيا بالكامل مع اشتراك بطلة صينية فيه، وهو الفيلم الذي حطم الإيرادات، وحاليا تتم ترجمة ودبلجة عدة مسلسلات صينية للتلفزيون المصري وتلفزيون أبوظبي».
وحول تطور النشر الإلكتروني في الصين، أوضح السعيد: «الحكومة دائما هي رمانة الميزان وهي تدعم النشر الإلكتروني الذي يزيد بنسبة 17 في المائة سنويا، ويتم إطلاق منصات جديدة للنشر، وظهر (أدب الإنترنت) بالتوازي مع المنتج المطبوع، فأكثر 10 أدباء صينيين دخلا كانوا من أدباء الإنترنت ويعيشون من دخل روايتهم الإلكترونية، والدولة من جانبها تقوم بحماية حقوق المؤلفين والمبدعين ومنع القرصنة».
وتابع السعيد: «لا بد أن تكون لدينا خريطة ثقافية للمنتجات التي تقدمها كل منطقة في مصر وكذلك الدول العربية، لافتا إلى جهود المملكة المغربية في صناعة الثقافة».
وعن أهم عناصر الصناعات الثقافية، أكد رجل الأعمال الصيني صالح ما، رئيس شركة «وان مينا» لتطبيقات الإنترنت أن «الفترة الذهبية للصناعات الثقافية في الصين بدأت عام 2016 وهي ترتبط بالآيديولوجية السياسية لأي دولة، ونتيجة إطلاق الموارد الثقافية وإتاحة الفرصة للمبدعين والمبتكرين حققت الصين قفزات كبرى في هذا المجال». ولفت إلى أن شركة «وان مينا» التي بدأت عام 2017 برأس مال مليون ونصف مليون دولار، أصبح لديها الآن 490 مليون مستخدم عربي ومن شمال أفريقيا، والتي تقدم خدمات باللغة العربية على أجهزة المحمول، ولديها فروع في مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات والصين وتبلغ قيمة الشركة الآن 120 مليون دولار أميركي.



استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

استعادة التراث الحضاري المصري في معرض للحرف اليدوية

منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)
منتجات يدوية وحرف تراثية متنوعة في المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

في خطوة لاستعادة التراث الحضاري المصري، عبر تنشيط وإحياء الحرف اليدوية والتقليدية، افتتح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الدورة السادسة لمعرض «تراثنا»، الخميس، التي تضم نحو ألف مشروع من الحرف اليدوية والتراثية، بالإضافة إلى جناح دولي، تشارك فيه دول السعودية والإمارات والبحرين وتونس والجزائر والهند وباكستان ولاتفيا.

المعرض الذي يستمر حتى 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضم معروضات من الجمعيات الأهلية، من مختلف محافظات مصر، والمؤسسات الدولية شركاء التنمية، بهدف «إعادة إحياء الحرف اليدوية والصناعات التقليدية والتراثية، بما يُعزز من فرص تطورها؛ لكونها تُبرز التراث الحضاري المصري بشكل معاصر، يلبي أذواق قاعدة كبيرة من الشغوفين بهذا الفن داخل مصر وخارجها، كما تُسهم في تحسين معيشة كثير من الأسر المُنتجة»، وفق تصريحات لرئيس الوزراء المصري على هامش الافتتاح، كما جاء في بيان نشره مجلس الوزراء، الخميس.

رئيس الوزراء المصري يتفقد أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

ووفق تصريحات صحافية للرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، باسل رحمي، يقدم المعرض مجموعة من الفنون المصرية المُتفردة، مثل: السجاد والكليم اليدوي، والمنسوجات، والتلّى، ومفروشات أخميم، والإكسسوار الحريمي، والحرف النحاسية والزجاجية، وأعمال التطريز، والخيامية، والصدف، والتابلوهات، والخزف، والجلود، ومنتجات الأخشاب، والخوص، والأثاث، إلى جانب الملابس التراثية، والمكرميات، وأعمال الرسم على الحرير، والبامبو، ومنتجات سيناء، وغيرها.

منتجات متنوعة في أجنحة المعرض (رئاسة مجلس الوزراء)

وعرض جناح هيئة التراث السعودية، منتجات عددٍ من أمهر الحرفيين المتخصصين في الصناعات اليدوية التقليدية، كما عرض جناح غرفة رأس الخيمة، منتجات محلية تراثية، وكذلك جناح الديوان الوطني للصناعات التقليدية في الجمهورية التونسية.

وأعلن رحمي عن توقيع بروتوكولات تعاون مع عدة دول، من بينها الهند، لتبادل الخبرات والتنسيق في المعارض المشتركة؛ بهدف نشر الصناعات اليدوية والعمل على تسويقها داخل مصر وخارجها، مؤكداً على عقد بروتوكول تعاون مع شركة ميناء القاهرة الدولي؛ لتوفير منصات تسويقية تحت العلامة التجارية «تراثنا» داخل صالات مطار القاهرة الدولي، وإتاحة مساحات جاذبة لجمهور المسافرين والزوار لعرض وبيع منتجات الحرفيين المصريين اليدوية والتراثية.

معرض «تراثنا» يضم كثيراً من المنتجات المصنوعة يدوياً (رئاسة مجلس الوزراء)

كما سيتم توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين جهاز تنمية المشروعات، والشركة المسؤولة عن تشغيل المتحف المصري الكبير، وكذلك الشركة المسؤولة عن تنظيم عمليات إنتاج وعرض المنتجات الحرفية داخل متجر الهدايا الرسمي بالمتحف لدعم وتأهيل أصحاب الحرف اليدوية والتراثية وتطوير منتجاتهم، تمهيداً لعرضها بعدد من المتاجر في مناطق سياحية مختلفة داخل وخارج البلاد، في إطار تعزيز التكامل بين الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص.