زيارة وزير لبناني إلى دمشق تختبر التزام الحكومة بـ«النأي بالنفس»

لم يحصل على تكليف من مجلس الوزراء ولا تنسيق مع الحريري

TT

زيارة وزير لبناني إلى دمشق تختبر التزام الحكومة بـ«النأي بالنفس»

شرعت زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لدمشق أمس، الأسئلة حول موقف الحكومة اللبنانية من زيارة وزرائها إلى العاصمة السورية في ظل تمسك لبنان الرسمي بقرارات الجامعة العربية حول أي خطوة انفتاحية على دمشق، إضافة إلى مدى التزام مكونات الحكومة بقراراتها الرسمية لجهة «النأي بالنفس» عن الأزمة السورية.
وقالت مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن الغريب «زار دمشق بصفة شخصية من غير أي تكليف من الحكومة اللبنانية» التي لم تجتمع بعد نيلها ثقة البرلمان، مشددة على أن الغريب «لم يحصل على إذن من مجلس الوزراء، ولم يطلع رئيس الحكومة سعد الحريري على الخطوة، وبالتالي لم يحصل على تكليف رسمي منه أو من مجلس الوزراء بالزيارة».
وزار وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب سوريا حيث التقى وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، وتركز اللقاء على سبل تسهيل إجراءات عودة النازحين بأمان.
وأكد الغريب أن «الجانب السوري كان متجاوباً جداً ومرحباً بعودة جميع النازحين»، مضيفا أن «الجانب اللبناني مستعد للعمل مع كافة المعنيين لتأمين العودة بما يضمن مصلحة الدولة اللبنانية».
من جهته، أشار مخلوف إلى أن «سوريا تعمل على ترميم البنى التحتية وشبكات المياه، وتأمين الإجراءات اللوجيستية كافة لتأمين عودة كريمة للنازحين».
وكان المكتب الإعلامي للوزير الغريب أعلن في بيان أنه «سيتوجّه بزيارة إلى سوريا صباحاً تلبية لدعوة رسمية من وزير الإدارة المحلية والبيئة السوري حسين مخلوف، في زيارة هي الأولى له للبحث في ملف النازحين».
ويبدو أن السياق الذي تم في الحكومة السابقة لجهة الزيارات إلى سوريا، يتكرر الآن، حيث يتبرأ مجلس الوزراء منها، ويؤكد أن الزيارات تتم بصفة شخصية، وهي مخرج للأزمة في حكومة تنقسم مكوناتها بين مؤيد للزيارات إلى دمشق وتجديد العلاقات مع النظام السوري، ورافض لها التزاماً بموقف جامعة الدول العربية. وكان وزراء في الحكومة السابقة هم وزير المالية علي حسن خليل، والزراعة غازي زعيتر، والصناعة حسين الحاج حسن، والأشغال يوسف فنيانوس، زاروا دمشق للمشاركة في معرض دمشق الدولي.
وربط البيان الوزاري في الحكومة الجديدة ملف اللاجئين بالمبادر الروسية، حيث يُنتظر أن يدعو الحريري إلى اجتماع للجنة خلال اليومين المقبلين لإعادة تفعيل المبادرات بعد توقفها عند تمويل العودة، وعند مخاوف النازحين من العودة في ظل غياب ضمانات أمنية كافية لعدم اقتيادهم إلى الخدمة والعسكرية الإلزامية. وقالت المصادر المعنية بالملف لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع سيعقد خلال الأيام القليلة المقبلة، وفي ضوئه يُعاد تحريك الملف للتواصل مرة أخرى من الروس «في ظل وجود معطيات إيجابية لدى مفوضية اللاجئين التي تتعامل بإيجابية مع المبادرة الروسية»، وفي ظل وجود «معطيات لدى الروس بأن النظام سيقدم ضمانات بعدم التعرض للنازحين عند عودتهم»، علما بأن هذه الضمانات المتعلقة بتوقيف التجنيد الإجباري لمدة عامين وضمانات بعدم التعرض للعائدين هي مطالب طلبها الجانب الروسي من دمشق.
ورغم ذلك، أثارت زيارة الوزير الغريب جدلاً سياسيا داخلياً، إذ اعتبرت مصادر حكومية أن الدعوة الرسمية التي وجهها مخلوف لغريب هي عبارة عن «خرق للمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم و(تشويش) على حكومة الحريري بعد نيلها ثقة مجلس النواب وعلى رئيس الحكومة بالذات الذي يرفض إجراء أي اتصال حكومي مع المسؤولين السوريين ليس فقط لاتهام دمشق بأنها ضالعة في اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بل أيضا لأن السلطات أدرجت اسمه على لائحة الإرهاب».
ورأت المصادر أن تصرّف الغريب «مرفوض من قبل الحريري ومن قوى سياسية تدور في فلك موقفه السياسي لأكثر من سبب؛ أولا لأنه لم يطلعه على الدعوة وموضوعها ولم يعلم مجلس الوزراء بها للموافقة عليها وعلى المحادثات التي سيجريها كما هو متبع بالتعاطي مع الدعوات الرسمية التي توجه للبنان، وثانيا لم يستأذن المسؤولين بالسفر إلى دمشق»، كما أن الغريب «يلبي هذه الزيارة قبل الجلسة الأولى لمجلس الوزراء المحددة الخميس المقبل»، فضلاً عن أن الزيارة «ثبتت ما وصفه رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط بأن غريب (لونه سوري) ولهذا كان عارض تعيينه في الحكومة».
من جهة أخرى، أشارت نفس المصادر إلى أن الموقف الذي طرحه وزير الدفاع الوطني إلياس بوصعب حول سوريا في مؤتمر ميونيخ «تفرّد به على الأقل ولم ينسق حول مضمونه مع الحريري».
وتوقعت أن يثير الحريري هذا التفرد من قبل وزيرين خرقا سياسة النأي بالنفس فيما يتعلق بالأزمة السورية، كما أن زيارة غريب لسوريا «لا مفاعيل رسمية لها وتعتبر شخصية ولن تطرح في مجلس الوزراء ولن يقبل رئيس الحكومة بأي زعم أو اجتهاد من الغريب بأنه تفاهم معه حول الاتصال بسوريا بشأن أزمة النازحين، ولن يقبل بأن يكون قد نسّق موقفه مع أي جهة سياسية أخرى لا سيما أن دعوة الغريب للحديث مع مخلوف أتت بعد إعلان الحريري في دبي من بقاء 800 ألف نازح سوري في لبنان ليعملوا كما هي الحال في قطاعي الزراعة والبناء إلى أن يتم التوصل إلى حل للأزمة السياسية».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.