استعراض مراكب يفتتح مهرجان أسوان الدولي للفنون

بمشاركة الكثير من الفرق الفنية الدولية

جانب من انطلاق مهرجان أسوان الدُّولي للفنون والثّقافة أمس (الشرق الأوسط)
جانب من انطلاق مهرجان أسوان الدُّولي للفنون والثّقافة أمس (الشرق الأوسط)
TT

استعراض مراكب يفتتح مهرجان أسوان الدولي للفنون

جانب من انطلاق مهرجان أسوان الدُّولي للفنون والثّقافة أمس (الشرق الأوسط)
جانب من انطلاق مهرجان أسوان الدُّولي للفنون والثّقافة أمس (الشرق الأوسط)

انطلقت فعاليات مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون، مساء أمس، بحفلات استعراضية من الفرق الفنية الدولية المشاركة في المهرجان بالمراكب النيلية، في مدينة أسوان (جنوب مصر). وقدّمت 26 فرقة فنية من أندونيسيا، وغانا، وكونغو، والمغرب، والأردن، والصين، وبولندا، والسّودان، وتوغو، والجزائر، وتونس، وفلسطين، فضلاً عن عدد من فرق الفنون الشّعبية المحلية. وهي الأقصر، وسوهاج، وبورسعيد، والعريش، ومطروح، وفرقة أسوان للفنون الشّعبية، عروضاً فلكورية من أعلى المراكب النيلية المميزة، للإعلان عن انطلاق الدورة السابعة من المهرجان، الذي تختتم فعالياته يوم 22 فبراير (شباط) الحالي.
وانطلق معرض مراكب النيل من أمام نادي التجديف لفرق الفنون الشّعبية، احتفالاً بالدورة السابعة لمهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون. وقالت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثّقافة المصرية، في تصريحات صحافية على هامش عروض المراكب النيلية: «إن فعاليات مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون، تأتي بالتزامن مع إقامة عدد من الفعاليات الفنية والثقافية في المحافظة بالتوقيت نفسه، تنفيذاً لتكليفات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بإعلان أسوان عاصمة للثّقافة الأفريقية».
وأضافت عبد الدايم أنّ «مهرجان أسوان للثّقافة والفنون تشارك فيه فرق من 16 دولة، للفنون الشعبية، إلى جانب فرق الفنون الشعبية المحلية في المحافظات». ولفتت إلى «مشاركة وزارة الثقافة المصرية في فعاليات احتفالات تعامد الشّمس على تمثال رمسيس الثاني، التي تُنظّم في مدينة أبوسمبل السياحية في ختام المهرجان، بالإضافة افتتاح مهرجان أسوان السينمائي الدُّولي لأفلام المرأة خلال الأسبوع الحالي أيضاً».
وافتتحت الدورة السابعة من مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون، مساء أمس، في مسرح «فوزي فوزي» بأسوان، في إطار احتفالات وزارة الثقافة برئاسة مصر للاتحاد الأفريقي وإعلان أسوان عاصمة للشباب الأفريقي 2019.
وتعدّ احتفالية تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبده الكبير بأبي سمبل يوم 22 فبراير الحالي، أهم فعالية في المهرجان، تصاحبها عروض فنية مشتركة بين الفرق، على وقع الإيقاعات الأفريقية والعربية والعالمية، أثناء حدوث ظاهرة تعامد الشمس التي تستغرق 20 دقيقة فقط.
وأعلنت وزارة الثقافة المصرية أن برنامج المهرجان هذا العام، سيشهد افتتاح قصر ثقافة جديد بأسوان، بجانب تنظيم معرض كتاب يرافق الفعاليات، فضلاً عن افتتاح مؤتمر خاص للمرأة.
ويتزامن انعقاد المهرجان مع اختيار أسوان من قبل اليونيسكو ضمن أفضل المدن في العالم، وستكرمها المنظمة خلال الفترة المقبلة.
ويشهد المهرجان هذا العام دمجاً بين الفرق العربية والأجنبية، خلال عروضها بالأماكن المفتوحة في منطقة سوق أسوان ومجرى نهر النيل، بجانب معابد أبو سمبل.
من جانبه، قال اللواء أحمد إبراهيم، محافظ أسوان، في تصريحات صحافية أمس: «إن المشاركة الواسعة من مختلف الدول الأفريقية والعربية والأجنبية في المهرجان، تعدّ إحدى ثمار ونتائج إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي مدينة أسوان عاصمة للشباب الأفريقي 2019». وأوضح أن «أسوان أصبحت خلال الفترة الحالية وجهة لتنظيم المهرجانات والمؤتمرات الدولية، بعد تنفيذ توجيهات الرئيس في هذا الاتجاه القومي والحيوي، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لتقوية العلاقات المصرية الأفريقية على المستويات والمجالات كافة».
وتابع المحافظ: «مهرجان أسوان للفنون يؤكد على أن المدينة أصبحت بمثابة جسر للتواصل مع القارة الأفريقية، إذ تمتلك كثيراً من المقومات الاقتصادية والسياحية والعلمية، بجانب امتلاكها مخزوناً هائلاً من الإبداع الإنساني والموروث الثّقافي المرتبط بأفريقيا، الذي يعكس روح الأصالة وعراقة التاريخ».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».