الرئيس الاميركي يعرّض نفسه لمعركة قضائية بعد إعلانه «الطوارئ»

TT

الرئيس الاميركي يعرّض نفسه لمعركة قضائية بعد إعلانه «الطوارئ»

بعد أكثر من عامين في البيت الأبيض وأسابيع من المفاوضات ومعركة لي ذراع حامية مع الديمقراطيين وأطول فترة إغلاق جزئي للمؤسسات الحكومية في تاريخ الولايات المتحدة، لم يحصل ترمب من الكونغرس إلا على ربع الميزانية اللازمة لبناء الجدار من إجمالي 5.7 مليار دولار. وقرر بالتالي أن يعلن «حال الطوارئ» معتمدا على قانون تم التصويت عليه في 1976 بغرض إضافة 6.6 مليار دولار من مصادر أخرى خصوصا من تمويلات خصصها الكونغرس لوزارة الدفاع.
يؤكد منتقدون وبعض خبراء القانون أن قرار الرئيس ترمب استخدام سلطاته الاستثنائية لتجاوز رفض الكونغرس التمويل التام للجدار الحدودي مع المكسيك بداعي التصدي للهجرة السرية، يشكل قرارا «غير مسبوق». ويقول منتقدون إن قرار «حال الطوارئ فيه (تجاوز للسلطة) و(انقلاب) على البرلمان لتجاوز (أزمة) مبالغ فيها بل حتى (مفتعلة) من الرئيس الأميركي». وفي الكونغرس أعلنت اللجنة القضائية في مجلس النواب الذي يهيمن عليه الديمقراطيون، فتح تحقيق برلماني «على الفور»، إثر إعلان ترمب «حال الطوارئ»، في تحد يمكن أن يتصاعد وصولاً إلى قرار تاريخي من المحكمة العليا بشأن توازن السلطات بين البيت الأبيض والكونغرس.
وأعلنت ولايتا نيويورك وكاليفورنيا وأيضا المنظمة الأميركية النافذة للدفاع عن الحريات المدنية، أنها تنوي خوض معركة قضائية. وكتب حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم أن «كاليفورنيا ستراك في المحكمة». وفي تبرير لمبادرته تحدث ترمب الجمعة عن «غزو» مخدرات ومجرمين. بيد أنه عزز حجج معارضيه بقوله: «لم أكن بحاجة للقيام بذلك (إعلان حالة الطوارئ) لكني أفضل أن أفعل ذلك بشكل أسرع». وكشف ترمب أنه يتوقع أن تصل الملاحقات القضائية إلى المحكمة العليا أعلى سلطة قضائية أميركية. وعلق: «لحسن الحظ، سنكسب» المعركة بانيا تفاؤله على الأرجح على تعيينه قاضيين اثنين محافظين في المحكمة العليا.
وعلق شوك شومر ونانسي بيلوسي وهما من قادة الديمقراطيين في الكونغرس بأن «أفعال الرئيس تتعدى صراحة على سلطة الكونغرس الرقابية الحصرية في أمور الميزانية». ويتوقع أن تتركز المعركة القضائية المحتدمة حول تحديد مفهوم «الطوارئ». وأوضحت جنيفير داسكال أستاذة القانون في الجامعة الأميركية أن قانون 1976 «لا يضع حدوداً واضحة لما يشكل أو لا يشكل طوارئ وطنية».
لجأ رؤساء أميركيون إلى هذا القانون لكن في مواجهة تهديدات أشد إلحاحا، كما فعل جورج بوش إثر اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 أو باراك أوباما في أوج وباء إنفلونزا الخنازير. وتضيف داسكال، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن إعلان ترمب حال «الطوارئ الوطنية» يشكل سابقة، فالقانون «لم يسبق أن استخدم بهذه الطريقة». ويمكن أن تتيح هذه السابقة لرؤساء مقبلين التعويل على هذا القانون كلما عجزوا عن إقناع الكونغرس. وربما يستخدمها رئيس ديمقراطي مثلا للتصدي لحالات «طوارئ» أخرى مثل التغير المناخي أو حمل الأسلحة النارية.
من جهته اعتبر خبير القانون في جامعة تكساس بوبي تشيسني أن استخدام أموال مخصصة لوزارة الدفاع في منشأة مدنية واعتبار الهجرة السرية «طوارئ وطنية»، يمكن أن يوفر أسسا أخرى لملاحقات قضائية.
وتقضي قواعد وزارة الدفاع بأنه حتى في حال إعادة توزيعها فإن التمويلات المخصصة لمشروعات بناء في الأصل يجب أن تستخدم في مشروعات تطلبها «القوات المسلحة». واعتبر تشيسني في تغريدة أن هذه المسألة تشكل «النقطة الأضعف في هذا الخلاف». وأضافت داسكال، من جهتها، أن الأراضي الخاصة التي قد يمر فوقها الجدار يمكن أن تفتح جبهة قضائية أخرى.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.