«الشاباك» يتهم «حماس» باستخدام قناة «الأقصى» لتجنيد منفذي عمليات

قال إن نشطاء في غزة استخدموا «فيسبوك» و«رسائل المذيعين» لتوجيه المجندين

TT

«الشاباك» يتهم «حماس» باستخدام قناة «الأقصى» لتجنيد منفذي عمليات

اتهم جهاز الأمن العام الإسرائيلي «الشاباك» حركة حماس باستخدام قناة «الأقصى» الفضائية التابعة للحركة في المساعدة في تجنيد عناصر في الضفة الغربية والقدس، وتمرير رسائل سرية كذلك.
وقال «الشاباك» إن وحدة تابعة للحركة من قطاع غزة حاولت تجنيد فلسطينيين من الضفة الغربية ومقدسيين كذلك، لتنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية، باستخدام بثّ قناة «الأقصى».
وجاء في تقرير لـ«الشاباك» أنه اعتقل خلال السنوات الأخيرة عشرات الشبان في الضفة، بينهم عدد من النساء، كانوا على اتصال مع هذه الوحدة، وتلقوا تعليمات لتنفيذ هجمات. وكشف عدد من هؤلاء الشبان تم اعتقالهم حديثاً، طرقاً مختلفة لتجنيدهم من قبل «حماس».
وقال «الشاباك» إن عدداً من المعتقلين الشبان ما بين 21 حتى 26 عاماً، تواصلوا مع نشطاء من «حماس» في القطاع عن طريق «فيسبوك». وبحسب التحقيقات، فقد قدّم مسؤولو «حماس» في غزة أنفسهم على أنهم صحافيون قبل أن يكشفوا للطرف المقابل إذا كان يتوافق مع المطلوب، أنهم مسؤولون في الحركة. واستخدم هؤلاء قناة «الأقصى» لإثبات مصداقيتهم وبثّ رسائل.
وقال «الشاباك» إن مسؤولي الحركة في غزة كانوا يطلبون من المجندين في الضفة اختيار أي آية قرآنية حتى يقرأها مذيع قناة «الأقصى» في وقت محدد متفق عليه. وفعلاً كان مذيعو «الأقصى» يقرأون آيات في وقت متفق عليه، كما يأتون على إرسال رسائل مشفرة.
وعرض «الشاباك» أمثلة على استخدام حركة حماس القناة لتجنيد عناصر بالضفة. وقال إن قتيبة النواجعة (21 عاماً) من مدينة يطا جنوب الضفة، اعتقل في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تجنّد على يد شخص يدعى محمد عوض، وهو أحد رجال «حماس»، عبر «فيسبوك»، الذي طلب منه نواجعة أن يثبت نفسه، فردّ عليه (أي عوض) أن يختار أي آية قرآنية يمكن أن يشاهدها عبر فضائية «الأقصى» في اليوم الثاني في وقت محدد، وهو فعلاً ما تم، قبل أن يطلب عوض من نواجعة تنفيذ عملية تفجيرية داخل حافلة في اللد.
ووفق «الشاباك» كان يفترض أن يحصل نواجعة على حزام ناسف خلال أيام قبل أن يتم اعتقاله.
وفي حالات أخرى استخدمت إشارات مختلفة، مثل رشف المذيع من فنجان قهوة على الهواء مباشرة، ثم وضعه خلال البثّ. وبثت وسائل إعلام إسرائيلية فيديو لأحد مذيعي القناة وهو يرتشف من فنجان قهوة قبل أن يحضّ الفلسطينيين على القتال.
وفي حالة أخرى، طلب رجال «حماس» من بهاء شجاعية (21 عاماً) من دير جرير شمال الضفة الغربية تنفيذ عملية تفجيرية وإطلاق نار ضد إسرائيليين، ومن أحمد أبو عيشة (23 عاماً) من مدينة نابلس العمل على تنفيذ هجمات، وكاد أبو عيشة ينفذ مع سعيد أبو عيسى (24 عاماً) من نابلس عملية طعن في أي مدينة إسرائيلية. أما علاء شراونة (26 عاماً) من بلدة سلوان بالقدس الشرقية، فقد طلبت منه «حماس» تصوير مراكز محددة في مدينة القدس. وقال «الشاباك» إنه تم إحباط كثير من هذه الهجمات بفضل الاعتقالات المستمرة، بينها هجوم كبير كان سيتم في 18 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأكد «الشاباك» أن استغلال كتائب القسام لبثّ قناة الأقصى، كان سبباً حاسماً في قرار قصف مقر الفضائية في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، متهماً المقدمين والصحافيين في القناة بالانخراط في نقل رسائل سرية، بشكل يساهم في زعزعة الاستقرار، وخلق تهديدات.
ودمرت إسرائيل مقر الفضائية العام الماضي في ثاني قصف لها بعدما دمرتها المرة الأولى في 2014. وكادت «حماس» تغلق قناة «الأقصى» الفضائية، التي تعد ذراع الحركة الإعلامية، الأهم، في الخارج والداخل، نهاية العام الماضي، قبل أن يتدخل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة ويعلن أن القناة لن توقف بثّها وستواصل العمل. وقال هنية في بيان مقتضب صادر عن مكتبه آنذاك إنه «اتخذ قراراً واضحاً ومباشراً باستمرار عمل فضائية الأقصى».
وكانت إدارة القناة أعلنت أنها ستتوقف عن البثّ جراء الأزمة المالية التي تعاني منها، عقب تدمير إسرائيل لمقرها. وتتعلق ديون القناة بتراكم أموال لصالح شركات بثّ القناة على القمر الصناعي إضافة إلى ديون تشغيلية أخرى.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.