غازات أعماق البحار ستزيد شدة الاحتباس الحراري

قد تتحرر من خزاناتها عند ارتفاع حرارة المحيطات

خزان غازات الكربون في أعماق المحيط بالقرب من تايوان
خزان غازات الكربون في أعماق المحيط بالقرب من تايوان
TT

غازات أعماق البحار ستزيد شدة الاحتباس الحراري

خزان غازات الكربون في أعماق المحيط بالقرب من تايوان
خزان غازات الكربون في أعماق المحيط بالقرب من تايوان

قال فريق علمي دولي إن «خزانات الكربون» الموجودة في أعماق البحار وقاع المحيطات، التي كانت تسببت في عصور سابقة في زيادة حرارة الأرض، بمقدورها أن تقوم أيضاً بنفس الدور الآن.
وقال الباحثون، بقيادة علماء من جامعة كاليفورنيا الجنوبية الأميركية ومشاركة باحثين من جامعة أستراليا الوطنية وجامعة لند السويدية، إن الأرض تحتوي على مفاجآت مدهشة للبشرية، سيئة، خصوصاً للتغيرات المناخية والاحتباس الحراري، إذ تشير دراستهم الجديدة إلى أن الغازات الكربونية المحصورة داخل خزانات توجد فوق قيعان البحار ربما تتمكن من التحرر منها مؤدية إلى تسخين الأرض بشكل هائل. وأضافوا أن حدثاً كهذا كان قد ابتدأ في قيعان المحيطات منذ آلاف ماضية من السنين، وأدى حينذاك إلى خلخلة الغلاف الجوي للأرض، ما قاد إلى ذوبان الجليد وانحساره أثناء عصور ما قبل التاريخ.
وتتحدى نتائج البحث الجديدة، الأفكار المعتمدة حالياً بأن مياه المحيطات هي التي تتحكم فقط بمقادير ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري. وهي تؤيد بشدة نظرية تقول إن العمليات الجيولوجية بمقدورها قلب كل الدورة الكربونية بشكل قوي مسببة تغيرات حرارية كبرى في الكرة الأرضية. وقال الباحثون إن الدراسة تشير إلى أن تحرير خزانات الكربون في أعماق البحار، عند حدوثه، سيزيد من الحرارة في وقت تزداد فيه حرارة المحيطات بسبب الاحتباس الحراري الذي سببته نشاطات الإنسان. وأورد العلماء في دراستهم المنشورة في مجلة «إنفايرومنتال ريسيرتش ليترز» المعنية بالبيئة، مثالاً لخزان كربوني كبير تحت المحيط الهادي الغربي بالقرب من تايوان، وقالوا إنه زيادة درجتين مئويتين أخريين من حرارة المحيط ستؤدي إلى تحرير غازات الخزان.
وقال لويل ستوت، البروفسور في علوم الأرض بالجامعة: «إننا نوظف الماضي لتدارك المستقبل... إننا نعلم بوجود خزانات واسعة من الغازات الكربونية في قيعان المحيطات، وإننا نعلم أنها تحررت في عصر البليستوسين (أو العصر الحديث الأقرب، وهي فترة زمنية امتدت من 2588 ألفاً إلى 11 ألفاً و700 سنة مضت (قبل الحاضر = عام 1950) التي تغطي فترات جليدية متكررة».
وقال العالم الأميركي: «إن علينا أن نعرف إن كان بمقدور هذه الغازات، التحرر من خزاناتها مرة أخرى. إنها ورقة غامضة، علينا أخذها في الحسبان».
على صعيد آخر، قال باحثون من جامعتي غويلف وتورونتو الكنديتين نشروا نتائج دراستهم في مجلة «رويال سوسياتي أوبن ساينس»، إن هناك دلائل على ازدياد تعرض الإنسان لحالات التسمم الغذائي مع اشتداد ظاهرة الاحتباس الحراري.
ووصفت الدراسة نموذجاً لعملية تكاثر الذباب في كندا بسبب ازدياد تسخين الأرض خلال السنوات المقبلة. وقال الباحثون إن بكتريا «كومبايلو بكتر» (العطيفة أو المنثنية) هي أهم أنواع البكتريا المسببة لأكثر حالات التسمم الغذائي، خصوصاً في الصيف، وهو الموسم الذي ينشط فيه الذباب. ويعتقد الباحثون أن للذباب دوراً مهماً في حدوث التسمم الغذائي بهذه البكتريا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».