عضو مجلس الرئاسة السابق في اليمن: مطلوب تدخل خليجي لإنقاذ البلاد

سالم صالح أشار في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى مؤامرة تجري للسيطرة على مناطق النفط

سالم صالح محمد
سالم صالح محمد
TT

عضو مجلس الرئاسة السابق في اليمن: مطلوب تدخل خليجي لإنقاذ البلاد

سالم صالح محمد
سالم صالح محمد

دعا سالم صالح محمد، عضو مجلس الرئاسة السابق في اليمن، السعودية ودول الخليج، إلى اتخاذ مبادرة لانتشال اليمن من الوضع الراهن، ووقف العنف الذي بدأ يجتاح البلاد. وقال في حوار قصير مع «الشرق الأوسط»، إن هناك صراعا دوليا وإقليميا يؤجج الصراعات في بلاده، بهدف السيطرة على مناطق النفط. وطالب سالم صالح الرئيس عبد ربه منصور هادي باتخاذ إجراءات حقيقية وفاعلة أو الاستقالة من منصبه.
* كيف تنظر إلى الأوضاع القائمة في الساحة اليمنية؟
- المشهد القائم الآن لا يسر أحدا.. فالانفجارات في أماكن عديدة، والعمل المسلح واغتيال العسكريين والسياسيين في ازدياد. هذا بجانب ضرب المدن الآمنة. وما يتم الآن في الحوار الوطني غير ما يجري على أرض الواقع. ولهذا نناشد الرئيس عبد ربه منصور هادي وكل الإخوة المسؤولين وأشقاءنا في المملكة العربية السعودية ودول الخليج والمجتمع الدولي، النظر إلى الواقع في اليمن بعين الاعتبار، والتدخل من أجل إنقاذ البلاد من هذا الواقع المرير.
ما جرى في خور مكسر في عدن أول من أمس (تفجير انتحاري) عمل شنيع، لم يستهدف مقر الأمن العام فقط، لكنه استهدف مقرات الأمم المتحدة والقنصلية الألمانية ومقرات سكن مدنيين بينهم سكني شخصيا، وكل المواطنين الموجودين هناك. هذا عمل يتطلب من الرئيس عبد ربه منصور هادي أن يقوم بإجراءات فاعلة.. نحن أرهقنا من الأقوال، ونريد أفعالا.. نريد دعما خليجيا للجيش اليمني، يقوي سلطته.
* من جهة نظركم.. من يقف وراء مثل هذه الحوادث؟
- أصحاب المصالح الخاصة، هم الذين وراء تلك الهجمات. هجوم الضالع الذي استنكره كل عقل بشري.. فهو عمل وحشي وجريمة واضحة. ما جرى في حضرموت وقتل المقدم الشيخ بن حبيش، وما جرى في أبين وعدن، كلها أفعال تبين أن هناك مصالح وراءها.
إننا نبلغ المجتمع الخليجي، نبلغ أشقاءنا، بأن التغافل عن هذا الوضع لن يفيد شيئا. عليهم أن يتجاوبوا مع أقرب الناس إليهم، جيرانهم وأشقائهم في اليمن. عليهم أن ينظروا إلى الوضع القائم وهو صراع بين مصالح القوى الكبرى، وتلك التي لها علاقة بالناس.
حتى الآن لم تكشف السلطات عن شخص واحد من المتورطين في تلك الجرائم. جريمة العرضي كانت بشعة وغيرها من الجرائم التي تمت خلال الأسابيع الماضية. أرى أن ما حدث أمام منزلي، من دمار، لا يساوي شيئا أمام أولئك الشهداء الذين سالت دماؤهم هدرا وتسيل كل يوم، سواء من الأمن العام، أو الجيش، أو المواطنين المسالمين. هناك مخطط واضح. أريد من الرئيس عبد ربه أن يقدم موقفا واضحا أو يقدم استقالته وبشجاعة ويحمل المسؤولية لمن يقدر عليها.
* معظم العمليات تحدث في الجنوب.. ما قولكم؟
- الأوراق اختلطت تماما.. يقولون إن «القاعدة» وراءها.. وأنا لا أجد إجابات حقيقية. «القاعدة» تقوم ببعض الأعمال لخلط الأوراق. الوضع الآن على كف عفريت، ويتطلب إجراءات سريعة وجريئة وحقيقية. علينا أن نعترف بأن ما يجري في الواقع شيء وما يجري في الحوار الوطني شيء آخر. نحن نتمنى لهذا المؤتمر النجاح، لكن علينا أن نتخذ إجراءات قائمة ورادعة وسريعة لما يجري اليوم.
* هل تتوقع النجاح لمخرجات الحوار الوطني؟
- حتما ستواجه عراقيل. هناك أكثر من جهة وأكثر من رؤى، تتقاطع. ما يحصل الآن في اليمن سواء ما جرى في تعز أو في الحديدة أو ما يجري الآن في المناطق الشمالية من قتال في صعدة ودماج أو ما يحدث في الجنوب، يؤكد أنه لا توجد سلطة تحترم نفسها. هم يكتفون بالترحم على الجنود القتلى. لأول مرة في حياتنا كسياسيين نمر بهذه الحالة وهي التفرج على ما يجري.
* هناك من يقول إن طرفا في السلطة، لا أحد يرغب في تسميته، يقف وراء تلك الأحداث..
- علي عبد الله صالح (الرئيس السابق) هو الآن شماعة للفشل. يحاولون دوما أن يربطوه بما يجري. لكني أعتقد أن هناك قوى نافذة وصراعا دوليا على مواقع النفط في اليمن، وعلى كل ما يتمتع به اليمن سواء مع الاتحاد الأوروبي أو مع أميركا. هم الآن بأدواتهم الحربية يديرون هذا الصراع للوصول إلى هدف معين كل ذلك أنا أفهمه تماما.
* ما هو الحل في رؤيتكم؟
- الحل أن تبادر السعودية ودول الخليج لتقديم الدعم للجيش اليمني، كما حدث من دعم للجيش اللبناني. وعلينا نحن وكل القيادات سواء في الجنوب أو في الشمال العمل أولا على وقف النزيف الدموي القائم، واحترام مخرجات الحوار الوطني، لإخراج اليمن من الهوة السحيقة. العالم يحتفل بالسنة الجديدة ونحن في صنعاء وعدن وفي كل اليمن نحتفل مع الأسف الشديد بالموت والدمار.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.