الناطق باسم «طالبان» لـ«الشرق الأوسط»: سنعامل حكومة كابل على {الطريقة الأفغانية}

الملا ذبيح الله: نسيطر على معظم أراضي أفغانستان... ومقاتلونا في كل مكان

صورة خاصة من «طالبان» لعناصر من الحركة الأصولية أثناء تدريبات في خوست (الشرق الأوسط)
صورة خاصة من «طالبان» لعناصر من الحركة الأصولية أثناء تدريبات في خوست (الشرق الأوسط)
TT
20

الناطق باسم «طالبان» لـ«الشرق الأوسط»: سنعامل حكومة كابل على {الطريقة الأفغانية}

صورة خاصة من «طالبان» لعناصر من الحركة الأصولية أثناء تدريبات في خوست (الشرق الأوسط)
صورة خاصة من «طالبان» لعناصر من الحركة الأصولية أثناء تدريبات في خوست (الشرق الأوسط)


الملا ذبيح الله مجاهد، المتحدث الرسمي باسم «طالبان»، من القيادات العليا للحركة الأصولية والرجل الثاني في صفوفها، وأحد أبرز قيادات الحركة المنفتحة على الإعلام؛ فهو يتحدث البشتو (لغته الأم) والفارسية، كما أنه يفهم بعض اللغات الأخرى كالعربية، والإنجليزية، والأوردية. وهو أيضاً ناشط، لا يتوقف عن التواصل مع وسائل الإعلام في كل صغيرة وكبيرة عبر «واتساب» و«الاي ميل»، أجاب عن أسئلة «الشرق الأوسط» حول فرص السلام المقبلة في أفغانستان بعد توقع انسحاب القوات الأميركية بعد 17 عاماً من الحرب المتواصلة التي أكلت الأخضر واليابس، خلال أقل من أسبوع، وهذه ليست المرة الأولى التي يتحاور فيها ذبيح الله مع جريدة العرب الدولية؛ فقد حاورته «الشرق الأوسط»، من قبل عبر البريد الإلكتروني، بعد الانتخابات الرئاسية التي تعهدت فيها «طالبان» بعرقلتها بمزيد من العنف والدماء، ورغم حرية الحركة التي يتمتع بها القيادي الأصولي، فإنه يلتزم بأبجديات الحركة من جهة أولويات تطبيق الشريعة.
ومع دخول العام الجديد، تحول الصراع المتواصل منذ سنوات بين قوات الحكومة الأفغانية وحركة «طالبان» إلى أشبه بالحرب النفسية؛ وذلك في محاولة من الطرفين الدخول بقوة في عملية السلام، التي تشهد الجهود المبذولة بشأنها زخماً خلال الفترة الأخيرة. وتطرق إلى مساعي «طالبان» لإقامة علاقات طيبة مع دول الجوار. وجاء الحوار على النحو التالي:
> ما تعليقكم على دعوة الرئيس الأفغاني «طالبان» لبدء «محادثات جدية» مع كابل؟ وهل هناك من أمل بالجلوس على طاولة المفاوضات مع حكومة الرئيس أشرف غني مستقبلاً؟
- أكدنا مراراً أننا لا نعترف بإدارة كابل نظاماً رسمياً ممثلاً لإرادة الشعب الأفغاني، ولا نريد أن نتفاوض معها فيما لا يملك صلاحيتها؛ لذلك أجرينا المفاوضات مع الأميركيين بشأن إنهاء تواجد القوات الأجنبية.
كما أن العبرة هي بالانتماء الحقيقي إلى الإسلام وليس بالانتماء إلى مذهب أو عرق معين. فالانتماء الحقيقي للدين يترتب عليه عدم مظاهرة المحتلين لبلاد المسلمين لسفك دمائهم، وسرقة ثرواتهم، ونشر الرذيلة بين الناس، وفتح المجال لتنصير الفقراء بدعوى مساعدتهم. فالإسلام هو إقرار باللسان يصدقه العمل بالجوارح.
أما عن جلوس مندوبي «طالبان» مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد فهو جلوس مع مندوب أميركي، أما أشرف غني فهو ظهير محلي؛ فهو ونظامه مشكلة فرعية أفغانية يأتي حلها بعد رحيل المشكلة الأصلية التي هي الاحتلال، وسنعمل على حلها بأيسر ما هو متاح من وسائل متعارف عليها بين الأفغان.
> شاهدنا صور جنود «طالبان» في عيد الأضحى في حالة انسجام وسعادة بالغة مع جنود الحكومة وأبناء الشعب... هل يمكن أن يتكرر ذلك بين مسؤولي «طالبان» والحكومة يوماً ما؟
- الجنود هم من أبناء الشعب الفقراء، دفعهم الجهل والفقر إلى الانخراط في الجيش سعياً وراء الرزق. وملأ المستعمر وعملاؤه أذهان هؤلاء بشتى الأكاذيب والدعايات المغلوطة حول «طالبان». وكانت هدنة العيد فرصة لهؤلاء الجنود للتعرف المباشر على إخوانهم المسلحين من «طالبان». وقد كانت تجربة مفيدة للغاية، حيث اكتسبنا تعاطف معظمهم، وتعاون الكثيرين منهم فيما بعد.
أما مسؤولو الحكومة الأفغانية فهم من المثقفين الذين تأثروا بالفكر الغربي، وقد انضموا إلى المستعمر ووضعوا أنفسهم في خدمته طمعاً في الأموال والمناصب العالية. وقد كان ذلك عن علم تام بحقائق الأمور؛ لذا ينتفي عنهم العذر بالجهل. لكن إذا رجعوا عن غيهم وتابوا فمن الطبيعي أن تتغير معاملتنا معهم. فتزول الخلافات تلقائياً، وتكون أحكام الشريعة هي التي نخضع لها جميعاً.
> ما تعليقكم على قول المبعوث الأميركي خليل زاد في مقابلة مع «نيويورك تايمز»: لدينا مسودة إطار عمل يجب إتمام العمل على تفاصيلها قبل أن تصبح اتفاقاً؟
- مفاوضاتنا جارية مع الأميركيين، الجانب الأميركي أبدى استعداده لإنهاء الاحتلال، ونحن من جانبنا طمأناهم بأن بلدنا لم يكن تهديداً أمنياً لأحد.
> هل هناك نقاط شائكة بين الطرفين تتعلق بوقف إطلاق النار وجدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان؟
- لدينا مطلب أساسي، وهو رحيل قوات الاحتلال عن بلادنا. وكذلك الأسرى الذين سجنتهم القوات الأجنبية ظلماً وعدواناً، نريد إطلاق سراحهم. وأفغانستان ليست تهديداً لأحد ولا يسمح الأفغان لأحد أن يجعل بلادهم تهديداً للآخرين، من جانبنا لم يبق شيء لم يحل، لكن على الأميركيين أيضاً مسؤولية إنهاء الاحتلال، وعدم حماية «داعش» التي تضر بأمن بلدنا وأمن المنطقة.
> المراقبون في الغرب يسألون عن سبب زيادة زخم عمليات حركة «طالبان» وهجماتها على القوات الحكومية في الأشهر الأخيرة؟
- سبب زيادة زخم عمليات «طالبان» هو ممارسة المزيد من الضغط على الاحتلال حتى يرحل.
والقوات المحلية العميلة هي القوة الضاربة الأساسية في يد الاحتلال، وهي رأس الرمح في جميع عملياته العدوانية على المدنيين في القرى والمدن؛ ولهذا ينالها النصيب الأكبر من ضربات المقاتلين. ومع ذلك؛ فخسائر الاحتلال في الأرواح والمعدات تعتبر عالية قياساً إلى عدد قواته المنخفض، وتجنبه المواجهات الأرضية المفتوحة مع قواتنا.
وهناك أيضاً الميليشيات العميلة، ومجموعات «داعش»، وهناك جيش كامل من المرتزقة الأجانب يفوق تعداده ضعف تعداد القوات الأميركية نفسها. وجميعها تتعرض لهجمات المسلحين باستمرار.
> على الأرض تقريباً... كم مساحة الأراضي والولايات التي تسيطرون عليها من مجموع أراضي أفغانستان؟
- نحن نسيطر على معظم أراضي أفغانستان، ومقاتلونا في كل مكان بما في ذلك العاصمة وداخل مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة. بالنسبة للأرقام، فإن العدو يذيع أرقاماً، ثم يتراجع عنها طبقاً لاحتياجات حربه النفسية ضد شعبنا ومصالح عملائه في الداخل وجنوده في الميدان. ونحن لن نخوض في صراع أرقام. بل نقرّ حقيقة واقعة تبرهن عليها عملياتنا العسكرية التي لا تستثني مكاناً على أرض أفغانستان.
> لماذا اخترتم قطر لعقد اللقاءات مع الجانب الأميركي وليس السعودية أو الإمارات؟
- عقدنا اجتماعاً في الإمارات. لكن مكتبنا السياسي موجود في قطر؛ وهذا ما يجعل أكثر اللقاءات تتم هناك.
> هل الأمر يستدعي مزيداً من التفاوض بشأن مسألة توقيت وقف إطلاق النار التي تبدو حجر عثرة في جولة المحادثات المقبلة في 25 فبراير (شباط)؟
- ما دام هناك جندي محتل واحد فوق أرض أفغانستان فقتالنا مستمر، أما بالنسبة لوقف إطلاق النار فإن المسألة ليست حول التوقيت، بل حول المبدأ. فإذا توقف إطلاق النار فإن العدو لن يخرج أبداً من أفغانستان، وسوف يصبح التفاوض عملية لا نهائية حتى تخمد جذوة القتال... ولأجل هذا نحن نصر علي انسحاب القوات الأجنبية قبل كل شيء.
> هل تشعرون بالتفاؤل لقرب انتهاء الحرب المستمرة منذ 17 عاما ًفي أفغانستان؟
- نعم، نحن نشعر بالتفاؤل والثقة في وعد الله لعباده. وذلك جزء من الإيمان وحسن الظن بالله. وفي بداية العدوان الأميركي على شعبنا قال الملا محمد عمر، رَحْمَة الله عليه: «إن أميركا وعدتنا بالهزيمة والله تعالى وعدنا بالنصر، فلنرَ من يكون أوفى بوعده».
> هل تقبلون بوساطة إيرانية مع الحكومة الأفغانية؟
- بعد خروج الاحتلال فإن المشكلات الداخلية، بما فيها مشكلتنا مع الحكومة الحالية لأفغانستان، ستكون شأناً داخلياً بحتاً، لا يحتاج إلى وساطة من أحد. فللشعب الأفغاني آليات تقليدية لحل مشكلاته الداخلية، وهي دائماً فعالة بشرط أن يتوقف التدخل الخارجي.
> ماذا سيكون موقفكم إذا ما قررت إيران نقل «ميليشيا فاطميون» إلى أفغانستان؟
- أولاً، لم نلمس شيئاً من هذا القبيل إلى الآن، ثانياً «الإمارة» لا تقبل بوجود تنظيمات داخلية مسلحة تكون خارج المنظومة الشرعية للدفاع، والتابعة لـ«طالبان». ولا تسمح بوجودها في أفغانستان.
> الأوساط المقربة من الحكومة الأفغانية تقول: إن إيران لا تمانع من حضوركم في مناطق غرب أفغانستان بهدف الحصول على مطلبها من مياه نهر هلمند... ما تعليقكم؟
- الحكومة لا تتوقف عن إطلاق الشائعات؛ فذلك هو الشيء الوحيد الذي يمكنها فعله. فجميع جيران أفغانستان يرحبون بوجود قوات «طالبان» على الحدود أو قريباً منها. فنحن نعمل فوق أراضينا ولا نهدد سلامة الجيران.
> الرئيس الإيراني السابق قال: إن طهران قدمت خدمات لوجيستية لقوات التحالف للقضاء على حكم «طالبان»، أنتم كيف ترون دور إيران طيلة السنوات الماضية؟
- كثير من الدول فتحت أراضيها وموانئها ومطاراتها لقوات الاحتلال يستخدمها في حربنا، بل هناك دول شاركت على الأرض إلى جانب قوات الاحتلال لقمع كفاح شعب أفغانستان وقتل إخوانهم من المسلمين الأفغان.
لكننا نتمنى أن نفتح صفحة جديدة مع الجميع، وأن تثبت الأفعال وليس الأقوال أن ذلك الماضي المظلم قد طويت صفحته، وأن صفحة جديدة مشرقة بدأت بين أفغانستان وجميع الجيران ودول العالم.
> طهران تقول إن الخارجية الإيرانية أجرت مفاوضات مع وفد «طالبان»، كيف كانت طبيعة تلك المفاوضات؟
- «الإمارة» هي واقع أفغاني يستحيل تجاهله، كما أن أحداً لا يمكنه اختيار جيرانه أو استبدالهم. ولجميع دول المنطقة مصالح واحدة يجب العمل على رعايتها وتنميتها... وتلك كانت طبيعة المفاوضات في طهران وفي غيرها.
> في إيران هناك من يعتقد أن الانسحاب الأميركي يمكن أن يزيد خطر الحرب على إيران من قبل أميركا التي تعمل على إعادة نشر قواتها في الخليج. كيف تنظرون إلى شبح الحرب بين إيران والولايات المتحدة؟
- وجود الاحتلال الأميركي في أفغانستان كما هو خطر لأفغانستان في الوقت نفسه خطر لجميع دول المنطقة. وبالتالي، فإن خروج الاحتلال يرفع ذلك الخطر ويجعل الوجهة الأفغانية آمنة بالنسبة للكل. ونعتقد أن نشوب حرب بين أميركا وإيران هو أمر مستبعد في المستقبل القريب أو حتى المتوسط. فالمجهود الأميركي الحقيقي هو لإسقاط النظام في إيران من الداخل بمساعدة ضغوط خارجية وليس بالحرب المباشرة التي لن يستطيع أحد السيطرة على مجراها إذا اندلعت.
> بنسبة كم في المائة أنتم واثقون من جدية العروض الأميركية في الانسحاب من أفغانستان؟
- نحن على ثقة بنسبة ألف في المائة من أن الله سبحانه وتعالى سينصرنا. فالله لا يخلف وعده أبداً، وهو وعدنا بالنصر. أما ثقتنا فيهم فهي معدومة. وكيف يكون لنا ثقة فيمن قتل مئات الألوف من أبناء شعبنا ودمّر قرانا وشرّد عائلاتنا، وأذاق الآلاف من أسرنا كأس الهوان.


مقالات ذات صلة

إردوغان دشّن انخراط حكومته في مبادرة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

شؤون إقليمية جانب من اجتماع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مع وفد إيمرالي للحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (الرئاسة التركية)

إردوغان دشّن انخراط حكومته في مبادرة أوجلان لحل «العمال الكردستاني»

في أول تماس مع سياسيين أكراد منذ 13 عاماً، التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «وفد إيمرالي» للحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا عناصر من الشرطة البريطانية (أرشيفية - متداولة)

الشرطة البريطانية تعتقل رومانياً بتهمة مساعدة جهاز مخابرات أجنبي

قالت شرطة لندن، الخميس، إنها ألقت القبض على روماني بتهمة مساعدة جهاز مخابرات أجنبي في إشعال حريق بمستودع لشركة (دي إتش إل) للبريد السريع في بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي جانب من لقاء الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ونظيره السوري الانتقالي أحمد الشرع في أنقرة 4 فبراير الماضي (الرئاسة التركية)

إردوغان سيبحث مع الشرع إنشاء قواعد عسكرية... ومساعٍ لجمعه مع مسؤولين عراقيين

عقدت تركيا وإسرائيل اجتماعاً فنياً في أذربيجان استهدف العمل على إنشاء آلية لخفض التصعيد ومنع الصدام ووقوع حوادث غير مرغوب فيها بين الجانبين في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا الزوجان البريطانيان رينولدز بيتر وباربي رينولدز محتجزان بتهمة حيازة جوازَي سفر أفغانيين مزوَّرين (صورة متداولة من العائلة)

«طالبان»: قضية الزوجين البريطانيين المحتجزين سيتم البت فيها بموجب «الشريعة»

أعلنت حركة «طالبان» أن قضية الزوجين البريطانيين المحتجزين سوف يتم البت فيها بموجب «الشريعة».

«الشرق الأوسط» (كابل - إسلام آباد)
أفريقيا إثيوبيون يقرأون الصحف بساحة «آرات كيلو» في أديس أبابا (غيتي)

توقيف 7 صحافيين إثيوبيين بتهم «إرهاب»

اعتُقل 7 صحافيين إثيوبيين على الأقل بتهم «إرهاب»، حسبما قال مرصد دوليّ معنيّ بحماية الصحافيين.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)

تبادل سجناء وجولة مفاوضات «بنَّاءة» يعززان مسار التطبيع بين موسكو وواشنطن

سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)
سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)
TT
20

تبادل سجناء وجولة مفاوضات «بنَّاءة» يعززان مسار التطبيع بين موسكو وواشنطن

سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)
سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)

تلقّت جهود تطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن دَفعةً جديدةً، الخميس، مع انطلاق جولة مفاوضات تفصيلية في إسطنبول، تناولت تسوية ملفات ظلت عالقة لسنوات، بالتزامن مع تبادل للسجناء بين الطرفين بوساطة إماراتية، منحت، مع خطوات مماثلة سابقة، زخماً جديداً لتعزيز الثقة بين البلدين.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية جون راتكليف، أن موسكو وواشنطن أجرتا عملية تبادل أسرى صباح الخميس، في الإمارات. وقال راتكليف، الذي كان حاضراً في عملية التبادل في مطار أبو ظبي: «اليوم، أعاد الرئيس (دونالد) ترمب إلى الوطن أميركياً آخر (...) من روسيا».

تبادُل الأسرى

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، إن راقصة البالية الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا، التي كانت تقضي حُكماً بالسجن لمدة 12 عاماً بتهمة الخيانة بسبب التبرع للقوات المسلحة الأوكرانية، جرى تسليمها لواشنطن. في المقابل، أفرجت الولايات المتحدة عن المواطن الروسي - الألماني آرثر بتروف، الذي قُبض عليه بسبب انتهاك قيود التصدير إلى روسيا.

لقطة وزّعها الإعلام الروسي للمواطنة الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا قبل عملية تبادل الأسرى 10 أبريل (رويترز)
لقطة وزّعها الإعلام الروسي للمواطنة الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا قبل عملية تبادل الأسرى 10 أبريل (رويترز)

كان نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، قد قال بعد تبادل سابق للسجناء، إن روسيا والولايات المتحدة تواصلان العمل على تبادل الأسرى وتعملان على تعزيز الثقة بينهما.

وكان راتكليف، وفقاً لتقارير إعلامية، قد تحدث عبر الهاتف مع مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف، عدة مرات بعد توليه منصبه، وتحدث أيضاً مع مدير جهاز الاستخبارات الخارجية سيرغي ناريشكين، بهدف تسريع وتيرة الإجراءات المتبادلة.

ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية أن التبادل كان علامة على بناء الثقة بشكل يُعزّز سعي الجانبين إلى تسوية الملفات المتراكمة، والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا. وقال متحدث باسم وكالة المخابرات المركزية الأميركية إن هذا التبادل يُسلّط الضوء على أهمية إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة بين موسكو وواشنطن.

قضية كارلينا

في فبراير (شباط) 2024، أبلغ جهاز الأمن الفيدرالي الروسي عن اعتقال مواطنة تبلغ من العمر 32 عاماً من سكان لوس أنجليس وتحمل الجنسية المزدوجة الروسية-الأميركية في أثناء وجودها في مدينة يكاترينبورغ، عاصمة إقليم الأورال الروسي.

ووجّهت السلطات الروسية إلى كارلينا تهمتَي «الخيانة» و«تمويل الإرهاب»، بعد الاشتباه بتحويل أموال لتلبية احتياجات القوات المسلحة الأوكرانية. وقال المحققون إنها أرسلت أموالاً لشراء إمدادات طبية تكتيكية، ومُعدّات، وأسلحة، وذخيرة للجيش الأوكراني.

وحُكم على كارلينا بالسجن لمدة 12 عاماً في سجن جزائي، بالإضافة إلى غرامة قدرها 300 ألف روبل. وقد اعترفت أمام القضاة بالتهم المنسوبة إليها.

قضية بتروف

قُبض على بتروف في أواخر أغسطس (آب) 2023 في قبرص، ومن هناك سُلِّم لاحقاً للولايات المتحدة.

وحسب وكالات إنفاذ القانون الأميركية، فقد كان يتنقل بين روسيا وقبرص، حيث كان يعمل لدى شركة للإلكترونيات في سان بطرسبرغ، التي تصفها وزارة العدل الأميركية بأنها مورِّد للإلكترونيات الدقيقة للمجمع الصناعي العسكري الروسي. وحسب مكتب المدعي العام الأميركي، فإن بيتروف استخدم شركات واجهة لشراء منتجات أميركية محظورة التصدير، وأخفى حقيقة أن المشتري النهائي كان شركة روسية. وبناءً على التهم الموجهة إليه، كان يواجه عقوبة بالسجن لمدة تزيد على 20 عاماً. ورفض بتروف الإقرار بالتهمة، واصفاً قضيته بأنها ذات دوافع سياسية.

تبادُل سابق

في فبراير (شباط) الماضي، زار المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، روسيا للتفاوض على عودة السجين مارك فوغل، الذي اعتُقل في أغسطس 2021 في مطار شيريميتيفو الدولي شمالي موسكو؛ وعُثر على مواد مخدرة بينها ماريغوانا وزيت الحشيش في أمتعته. وفي نتيجة مفاوضات للتبادل، سُلِّم الأميركي إلى واشنطن، فيما عاد ألكسندر فينيك، المتهم في الولايات المتحدة بالمشاركة في إدارة بورصة العملات المشفرة إلى روسيا، بعدما أمضى نحو ثماني سنوات في السجن دون صدور قرار من المحكمة بشأن ذنبه.

مفاوضات «بنَّاءة»

في غضون ذلك، أجرت موسكو وواشنطن جولة تفاوض جديدة الخميس، في إسطنبول، شكّلت امتداداً لجولات سابقة ناقشت مجمل الملفات التي تُعرقل تطبيع العلاقات بين الطرفين.

وركّز الجانبان في الجولة الجديدة على مناقشة «مسائل تفصيلية» تتعلق بتحسين العلاقات الثنائية، وتجاوز مشكلات وتعقيدات تراكمت لسنوات. وخلال النقاشات التي استمرت لساعات، قال مصدر مطلع لوكالة «نوفوستي» الروسية إن المفاوضات بين الوفدين الروسي والأميركي في إسطنبول «تسير بهدوء وبطريقة بناءة».

جانب من وصول الوفد الأميركي إلى القنصلية الروسية في إسطنبول 10 أبريل (أ.ف.ب)
جانب من وصول الوفد الأميركي إلى القنصلية الروسية في إسطنبول 10 أبريل (أ.ف.ب)

وجرى اللقاء في القنصلية العامة الروسية. ومثّل موسكو ألكسندر دارشيف، السفير لدى الولايات المتحدة، بينما مثّل واشنطن نائبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية، سوناتا كولتر. أما بقية المشاركين من الوفدين فهم موظفون في وكالات الشؤون الخارجية في البلدين.

وحسب دارشيف، فإن أهمية جولة المفاوضات الجديدة أنها تساعد على «التخلص من الإرث السام» الذي خلَّفته إدارة الرئيس جو بايدن. وخلال الجولة الجديدة، ركّز الجانب الروسي على إعادة الممتلكات الدبلوماسية المصادَرة، واستئناف حركة الطيران المباشر.

وأضاف السفير أنه بفضل الاتصالات بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب، اتفقت روسيا والولايات المتحدة بالفعل على ضمانات للخدمات المصرفية للبعثات الدبلوماسية، وإرسال المساهمات الروسية إلى المنظمات الدولية. وأضاف دارشيف أنه جرى بالفعل تحقيق بعض التقدم في إصدار التأشيرات وتخفيف قيود السفر.

ووفق وزارة الخارجية، فإنه في هذه المرحلة من المشاورات لن يُنظَر في قضايا الأمن والسياسة وحل الصراع في أوكرانيا. فيما قالت المتحدّثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس، إن تطبيع العلاقات الكامل بين واشنطن وموسكو لا يمكن أن يحدث إلا عندما «يكون هناك سلام بين روسيا وأوكرانيا».

استئناف الحوار

بدأت استعادة العلاقات بين موسكو وواشنطن باجتماع للوفود في الرياض في 18 فبراير (شباط). واتّفق الطرفان على تهيئة الظروف لاستئناف التعاون الثنائي بشكل كامل، وإزالة القيود المفروضة على عمل السفارات، وإطلاق عملية حل الوضع في أوكرانيا.

وفي نهاية شهر فبراير، وخلال جولة مفاوضات في إسطنبول، اتّفق وفد روسي والولايات المتحدة على خطوات لتمويل عمل البعثات الدبلوماسية، وناقشا إمكانية استعادة حركة النقل الجوي المباشر.

صحافيون يجتمعون خارج القنصلية الروسية في إسطنبول خلال المفاوضات مع واشنطن 10 أبريل (أ.ف.ب)
صحافيون يجتمعون خارج القنصلية الروسية في إسطنبول خلال المفاوضات مع واشنطن 10 أبريل (أ.ف.ب)

علاوة على ذلك، تحدّث الرئيسان بوتين وترمب هاتفياً مرتين خلال الشهرين الماضيين. ومن بين أمور أخرى، ناقش الزعيمان التعاون الثنائي بين البلدين.

وفي الأسبوع الماضي، زار رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف، الولايات المتحدة، وأجرى لقاءات مع ممثلي إدارة البيت الأبيض. وحسب قوله، فإن الأطراف اتّخذت ثلاث خطوات إلى الأمام في عدد كبير من القضايا وتم تحقيق تقدم. وأشار إلى أنه لا يزال هناك عدد من الاجتماعات التي يتعين عقدها لحل الخلافات كافة.

صفقة التعدين مع كييف

على صعيد آخر، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده لدفع أموال للولايات المتحدة مقابل إمدادات جديدة من الأسلحة والمعدات، في مسعى لتسوية مسألة خلافية مع واشنطن، بعدما طالب ترمب كييف بدفع تعويضات عن المساعدات الأميركية السابقة.

زيلينسكي متحدّثاً خلال مؤتمر صحافي في كييف 8 أبريل (إ.ب.أ)
زيلينسكي متحدّثاً خلال مؤتمر صحافي في كييف 8 أبريل (إ.ب.أ)

وقال زيلينسكي للصحافيين في كييف، الأربعاء: «طلبت أوكرانيا من واشنطن ما بين 30 و50 مليار دولار مساعدات، وهي مستعدة لدفعها -إمّا مباشرةً إلى الولايات المتحدة وإما كمساهمة في صندوق صفقة التعدين المشترك الذي لم يجرِ إنشاؤه بعد».

وأشارت الوكالة إلى أنه كجزء من صفقة التعدين، قد يُطلب من أوكرانيا تسليم نصف الإيرادات المستقبلية من جزء كبير من اقتصادها إلى الولايات المتحدة، لكن كييف تسعى إلى شروط أكثر ملاءمة وترفض الاعتراف بالمساعدات الأميركية السابقة على أنها ديون.

وحسب وسائل إعلام أوكرانية، فإن مسودة الاتفاق الجديد مع واشنطن تفترض أن كييف ستعيد الأموال مقابل كل المساعدة التي قدمها لها الأميركيون. علاوة على ذلك، فإن الوثيقة تتجاوز تقريباً كل الخطوط الحمراء المُتّفق عليها بين كييف وواشنطن، وتحرم أوكرانيا من جزء من سيادتها وتتناقض مع خططها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في المستقبل. وحسب صحافيين أوكرانيين، فإن قرار البدء في الدفع قد يصبح سابقة، وبعدها قد يطالب جميع المانحين الآخرين لنظام كييف بإعادة استثماراتهم.