«دواعش» سوريا في مرمى المدفعية الفرنسية بالعراق

وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي تتفقد قوات بلادها في منطقة القائم العراقية على الحدود مع سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي تتفقد قوات بلادها في منطقة القائم العراقية على الحدود مع سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

«دواعش» سوريا في مرمى المدفعية الفرنسية بالعراق

وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي تتفقد قوات بلادها في منطقة القائم العراقية على الحدود مع سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي تتفقد قوات بلادها في منطقة القائم العراقية على الحدود مع سوريا أول من أمس (أ.ف.ب)

في عمق الصحراء العراقية تصوب ثلاثة مدافع فرنسية فوهاتها غرباً باتجاه الحدود مع سوريا التي تبعد ثلاثة كيلومترات، وراء ذلك الجيب الأخير لمسلحي تنظيم داعش في سوريا. وتخترق طائرات حربية فجأة الأجواء وبعد لحظات يسمع دوي انفجارات ويرتفع غبار رمادي في الجانب السوري.
وقال الكولونيل فرنسوا ريجيس ليغرييه، قائد القوة المدفعية الفرنسية التي تدعم الجيش العراقي وقوات سوريا الديمقراطية في حربهما على «داعش»، وهو يشير إلى امتداد صحراوي: «هنا نحن على أقل من عشرة كلم من خط الجبهة». وصُفَّت 180 قذيفة عيار 155 ملم جاهزة للاستخدام عند ثلاثة مدافع يبلغ مداها 40 كلم.
وبعد توقف لعشرة أيام أعلنت قوات سوريا الديمقراطية، وهي تحالف مقاتلين عرب وأكراد يدعمه التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة واشنطن، أول من أمس، شن «المعركة الأخيرة للقضاء على تنظيم داعش الإرهابي» واستعادة آخر معقل للتنظيم في بلدة الباغوز وما حولها.
وأكدت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي التي وصلت على طائرة عسكرية أميركية أن «النهاية قريبة». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عنها قولها لأربعين عسكرياً فرنسياً يعيشون مع مائة جندي أميركي في هذا الموقع المتقدم قرب مدينة القائم الحدودية العراقية إن «الإرهابيين باتوا بلا قائد ولا اتصالات وفي فوضى واندحار. أنهوا هذه المعركة».
وأكد ليغرييه الذي كانت فرقته شاركت في تحرير الموصل شمال العراق عام 2017 «اليوم لم يعد هناك إلا بضع مئات من المسلحين ليس أكثر في الباغوز». وأضاف: «في الموصل استمرت المعركة تسعة أشهر واحتجنا عشرة آلاف قذيفة. في هذه الجبهة أمضينا أربعة أشهر واستخدمنا 3500 قذيفة»، مشيراً إلى ظروف مناخية صعبة مع «عواصف رملية وأمطار» كما أنها تجبر أحياناً الطائرات على التوقف عن التحليق لكنها لا تمنع المدافع من القصف.
وقال اللفتانت فالنتين (27 عاما) المتخرج حديثاً في مدرسة سان سير الشهيرة للضباط: «في نهاية السنة (2018) كان النسق مكثفاً ولم نكن ننام كثيراً». ورغم الحماية المضاعفة، تتعرض آذان العسكريين لتجربة قاسية. غير أن الضابط الشاب الذي يخوض أول مهامه قال مبتسماً: «لقد خبر أسلافنا ما هو أسوأ بكثير إبان حرب 1914» العالمية الأولى. وسيغادر هو ورفاقه الأسبوع المقبل ساحة المعركة ليتم إبدالهم للمرة الأخيرة دون شك. وقالت الوزيرة الفرنسية إن تنظيم داعش «كمساحة على وشك الاضمحلال. وهي لحظة بالغة الأهمية قاتلنا لأجلها لأشهر وسنوات وشاركت فيها قواتنا بشكل كامل».
ومنذ بدء عمليتهم أطلق الفرنسيون 18 ألف قذيفة وشنوا 1500 غارة جوية وعززوا قوات حليفة كانت مشتبكة مع المسلحين المتطرفين. لكن «القتال لم ينته تماماً» بحسب الوزيرة، مضيفة: «ما نريد تفاديه تماماً هو إعادة تشكل (داعش) في أشكال سرية مما سيهدد المنطقة ويمس الاستقرار كما يهدد بلداننا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.