أكلات ستختفي من قوائم المطاعم والمقاهي الروسية بعد حظر الأغذية

الجبن والزبد والسوشي أكبر ضحايا العقوبات

أكلات ستختفي من قوائم المطاعم والمقاهي الروسية بعد حظر الأغذية
TT

أكلات ستختفي من قوائم المطاعم والمقاهي الروسية بعد حظر الأغذية

أكلات ستختفي من قوائم المطاعم والمقاهي الروسية بعد حظر الأغذية

أجبرت العقوبات الروسية الواسعة على الأغذية الأوروبية المطاعم الروسية ومتاجر التجزئة ومنتجي المواد الغذائية على البحث عن مصادر بديلة والاستعداد لنقص في الإمدادات على غرار الحقبة السوفياتية.
ولحق الضرر بالمزارعين في الغرب لأن روسيا هي إلى حد بعيد أكبر مشتر لمنتجات الاتحاد الأوروبي الزراعية، وذلك بعد أن فرضت روسيا عقوبات على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من باب المعاملة بالمثل لفرض الغرب عقوبات عليها على خلفية تحركاتها في أوكرانيا.
لكن العقوبات الروسية تلحق الضرر أيضا بالمستهلكين المحليين عازلة إياهم عن التجارة العالمية لدرجة لم يشهدوها منذ أكثر من عقدين.
وقال أليكسي بابارني الذي يملك مقهى في موسكو سماه «أطفال الجنة» على اسم فيلم من كلاسيكيات السينما الفرنسية: «الأسعار ستزداد وأصناف معينة من الأغذية ستختفي».
وأضاف: «سنبذل قصارى جهدنا للاستمرار.. لا أتصور كيف يمكن لبعض المطاعم والمقاهي أن تستمر في ظل هذه الظروف».
ووصف بابارني الحظر المفروض ومدته عام على منتجات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا والنرويج بأنها «عقوبات روسية ضد الروس».
وقال يان أحد زبائن المقهى وهو ويحتسي النبيذ الأحمر: «كنت سأشعر بالإنصاف إذا تخلى مسؤولو الدولة عن سياراتهم المرسيدس وبدأوا في قيادة سيارات جيجوليس (لادا) روسية الصنع».
وقالت «روسينتر» وهي واحدة من أكبر سلاسل المطاعم الروسية التي تدير مقاهي تقدم طعام السوشي، إن أكثر من 50 في المائة من الطعام الذي تقدمه مستورد من الخارج. وتتوقع السلسلة أن العقوبات ستفاقم من الانكماش التجاري الحاصل بالفعل بسبب عدم الاستقرار السياسي الذي يدفع الاقتصاد نحو الركود.
وأصبح تأثير العقوبات ملموسا بالفعل في الغرب، حيث أوقفت شركات الألبان الأوروبية إنتاج الجبن والزبد المخصص إلى روسيا ومن المتوقع أن تنخفض أسعار أسماك السلمون 10 في المائة هذا الأسبوع.
لكن خبراء قالوا إن المستهلكين الروس قد يتلقون أيضا لطمة اقتصادية حيث توقعت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، أن تستبدل الواردات من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بواردات بثمن أعلى من دول أخرى.
وفي الوقت الذي يأمل فيه المزارعون الروس في تحويل خسائر المصدرين الغربيين إلى مكاسب لهم يتشكك آخرون في صناعة الغذاء من أن المنتجين المحليين سيكونون قادرين على سد الفجوة.
ويشير البعض إلى الفترة الطويلة التي استغرقتها صناعة المزارع الروسية للتعافي من سنوات الفقر العاصفة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي عندما ذبحت الدواجن بشكل جماعي بسبب نقص العلف.
وقال بافيل جرودينين، وهو مدير مزرعة لينين التابعة للدولة ونائب عن منطقة موسكو: «مشكلة روسيا الرئيسة ليست أننا غارقون في الأغذية المستوردة الرخيصة الثمن، بل إننا أنفسنا ننتج قليلا».
ومع ذلك فهناك آخرون يحدوهم التفاؤل، حيث يقول فيكتور زوبينكو، وهو مدير مزرعة، إنه سعيد بالفرصة لبيع المزيد من إنتاجه إلى المستهلكين. وأضاف زوبنيكو من إقليم روستوف الروسي، حيث يمتلك حقلا لزراعة البطاطس: «لا يمكنني القول إننا توقعنا هذه العقوبات لكننا كنا نأمل فيها».
إلى ذلك، قال اتحاد للمصدرين الأتراك، إن الشركات الروسية تزيد طلبياتها من الشركات التركية بعد أن أوقفت موسكو استيراد معظم المواد الغذائية من الغرب ردا على العقوبات الغربية.
وقال رئيس جمعية المصدرين الأتراك في إجابات مكتوبة على أسئلة من «رويترز» إنه يتوقع زيادة كبيرة في صادرات الدواجن والمأكولات البحرية، وإن تركيا قادرة على تلبية الطلب المتزايد على الفواكه والخضراوات. وقال إن من المتوقع أن يقوم وفد روسي بزيارة تركيا الأسبوع المقبل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».