لقاءات موسكو تطلق «آلية دائمة للحوار» الأفغاني

«طالبان» تؤكد أن واشنطن تعهدت بسحب نصف القوات الأميركية خلال شهرين

ناشطون يحتجون أمس أمام سفارة روسيا في كابل على استبعاد الحكومة الأفغانية عن الحوارات الجارية في موسكو (إ.ب.أ)
ناشطون يحتجون أمس أمام سفارة روسيا في كابل على استبعاد الحكومة الأفغانية عن الحوارات الجارية في موسكو (إ.ب.أ)
TT

لقاءات موسكو تطلق «آلية دائمة للحوار» الأفغاني

ناشطون يحتجون أمس أمام سفارة روسيا في كابل على استبعاد الحكومة الأفغانية عن الحوارات الجارية في موسكو (إ.ب.أ)
ناشطون يحتجون أمس أمام سفارة روسيا في كابل على استبعاد الحكومة الأفغانية عن الحوارات الجارية في موسكو (إ.ب.أ)

استكمل، أمس، في موسكو ممثلون عن قوى سياسية أفغانية، بينها حركة طالبان وشخصيات مستقلة، جولة حوارات غاب عنها ممثلو الحكومة الأفغانية الذين لم توجه إليهم الدعوة لحضور المناقشات. وتوصل المشاركون إلى ورقة ختامية شددت على أهمية عقد جولات أخرى من الحوارات وإطلاق «آلية ثابتة» يشارك فيها ممثلو الحكومة.
ورغم أن الجزء الأعظم من النقاشات جرى خلف أبواب مغلقة، لكن الأطراف الحاضرة سربت بعض تفاصيل المناقشات، وقال أحد منظمي اللقاء، وهو رئيس الجالية الأفغانية في روسيا، غلام محمد جلال: إن الحضور «توافقوا على جعل هذه اللقاءات دورية»، وقال: إن مشروع البيان الختامي تضمن فقرات تؤكد على هوية وطبيعة الدولة الأفغانية والسعي إلى دفع التسوية السياسية ووقف النار، فضلاً عن تأكيد أهمية مشاركة ممثلي الدولة في اللقاءات المقبلة بهدف تقليص فجوة الخلاف مع حركة طالبان، ومحاولة تقريب المواقف حيال الملفات المختلفة.
وشدد غلام على أن القناعة بضرورة تحويل لقاء موسكو إلى «آلية ثابتة ودورية» تنطلق من أن «هذه الآلية للحوارات يجب تثبيتها بصفتها الآلية الوحيدة الجيدة التي تجمع الأطراف الأفغانية وحدها من دون تدخل خارجي، وتطلق مساراً لتطور مهم على صعيد تثبيت المسار السياسي».
وشدد على أهمية أن «يحضر ممثلو الدولة» اللقاء المقبل، وعلى أن يشارك أيضاً «ممثلو القوى التي تغيبت أو كانت لديها شكوك حول هذا اللقاء».
وقال المرشح الرئاسي الأفغاني محمد حنيف اتمار: إن اللقاء «جرى في أجواء جيدة للغاية، وكان إيجابياً ومثمراً»، مؤكداً أنه «جرى التأكيد على الهوية الإسلامية للجمهورية الأفغانية، وعلى الضرورة القصوى لتوحيد فعال لمساري الانتخابات والعملية السلمية لضمان إقامة السلام».
في حين أعلن الناطق باسم وفد «طالبان»، أن المفاوضات جرت بصورة جيدة، مضيفاً: «نبذل كل الجهود للتوحيد وإيجاد حل وتحقيق السلام في أفغانستان».
وأعربت حركة طالبان خلال اللقاء عن أملها بأن الانسحاب الأميركي من أفغانستان «سوف يستغرق شهوراً وليس سنوات»، وفق ممثل الحركة مولاي عبد السلام حنفي، الذي قال خلال أعمال المؤتمر: إن «واشنطن وعدت خلال المفاوضات، بسحب نصف قواتها من أفغانستان بحلول أبريل (نيسان) المقبل»، موضحاً أن «جدول الانسحاب سيبحث خلال اللقاءات القادمة» مع الأميركيين.
وقال رئيس وفد «طالبان» إلى المفاوضات في موسكو، شير محمد عباس ستانكزاي: إن المفاوضات الأخيرة مع الولايات المتحدة قبل أيام كانت ناجحة، وأعرب عن أمله بإحراز مزيد من التقدم. وأوضح، أنه تم الاتفاق مع الأميركيين على ملفين من أجندة المفاوضات، هما انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان بشكل كامل، وعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الخارج. وفي الوقت ذاته، أكد أن «ذلك لا يعني أن الجانب الأميركي وافق على جميع الشروط التي طرحتها الحركة». وأضاف: إنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية، مشيراً إلى «الحاجة إلى مزيد من اللقاءات، وهناك مجموعات عمل ستبدأ بمناقشة الأمور التقنية قريباً».
وقال: إنه بعد بدء الانسحاب الأميركي وحصول الحركة على ضمانات بهذا الخصوص، ستعقد «طالبان» لقاءات مع أطراف أفغانية أخرى من أجل إيجاد حل وإحلال السلام في البلاد. وأشاد بالدور الروسي في عملية السلام الأفغانية، وقال: «نثمّن المبادرة الروسية؛ ولذلك نحن في موسكو الآن. ونأمل بأننا سنتوصل إلى حل معين بدعم من موسكو».
وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني انتقد تنظيم المؤتمر، وقال: إن السياسيين الأفغان الذين حضروا المفاوضات الأفغانية المشتركة في موسكو، لا يمثلون البلاد رسمياً.
لكن موسكو تجاهلت الانتقادات الحكومية الأفغانية، وأعربت عن ارتياح للحضور الواسع في المؤتمر.
وأفاد بيان أصدرته الخارجية الروسية بأن موسكو عبّرت عن تقديرها الكبير لمبادرة قيادة الجاليات الأفغانية بفكرة عقد مؤتمر في موسكو حول التسوية في بلادهم، موضحة أنه «لا ينبغي خلط هذا الحدث بجولات المفاوضات التي تحمل تسمية صيغة موسكو». وأكدت، أن «الجانب الروسي يرحب بمبادرة المجتمع المدني الأفغاني، وأنه يرى أن الاتصال المباشر بين الأفغان أنفسهم يمكن أن يجعل الحوار السياسي في أفغانستان شاملاً، وأن يفتح الطريق لمشاركة المعارضة المسلحة الأفغانية... إن الاجتماع في جوهره، يحيي مبدأ عملية السلام التي أقرها المجتمع الدولي».
وانتقد بيان الخارجية «قوى تسعى إلى إفشال عقد هذا الحدث المهم، وعمدت إلى نشر دعوات وهمية عبر الإنترنت إلى المؤتمر... علاوة على ذلك، زعمت أنه (تحت ستار) المؤتمر الأفغاني سيعقد اجتماع منتظم على صيغة موسكو للمشاورات حول أفغانستان، وأنه سيشارك فيه ممثلون رسميون لدول الإقليم... بكل مسؤولية نعلن أن هذه التخمينات لا علاقة لها بالواقع».
وشارك في جولة المفاوضات الرئيس السابق حامد كرزاي، وبعض المنافسين السياسيين للرئيس الأفغاني أشرف غني، وممثلون عن قوى سياسية أفغانية مختلفة، وفق المنظمين.
على صعيد آخر، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على أهمية تعزيز أمن الحدود على خلفية تفاقم تطورات الوضع في أفغانستان. وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الطاجيكي، سراج الدين مهر الدين: إن روسيا وطاجيكستان ستواصلان التعاون في تسوية القضايا الإقليمية، وإن لهما مصلحة مشتركة في تعزيز حماية الحدود على خلفية التطورات بأفغانستان.
وفي كابل، أفيد بأن المعارك استمرت أمس بين مقاتلي «طالبان» وقوات الحكومة الأفغانية في عدد من الولايات، في حين قُتل صحافيان أفغانيان بعد إطلاق مجهولين النار عليهما أمام محطة إذاعية محلية في مدينة طالقان بولاية تاخار الشمالية، بحسب ما قال ثمين حسيني، مدير المحطة. وقال الناطق باسم حاكم تاخار: إن مسلحين اقتحموا مبنى الإذاعة المحلية وقتلوا الصحافيين ثم فروا. وكان الصحافيان القتيلان يعمل أحدهما مقدماً للبرامج والآخر مراسلاً للإذاعة المحلية. وهذه ثاني عملية قتل تستهدف صحافيين أفغاناً هذا العام، حيث قتلت «طالبان» الشهر الماضي الصحافي جاويد نوري. وقُتل 15 من الصحافيين الأفغان في عمليات استهدفتهم العام الماضي، حيث تعتبر أفغانستان إحدى أخطر الدول للعمل الصحافي في العالم.
ميدانياً، نقلت وكالة «باختر» الأفغانية للأنباء عن مسؤولين في الأجهزة الأمنية، أن خمسة من مقاتلي «طالبان» قُتلوا في مديرية مايواند (بقندهار) بعد هجوم شنته القوات الحكومية على مواقعهم. ونقلت «باختر» أيضاً عن مسؤولين عسكريين، أن ثمانية من «العناصر المعادية» للحكومة قتلوا في قصف مدفعي بولاية زابل جنوب شرقي أفغانستان.
وشهدت ولاية أروزجان، وسط أفغانستان، غارات جوية قامت بها القوات الحكومية تساندها قوات حلف شمال الأطلسي استهدفت تجمعات لـ«طالبان» في مناطق عدة من الولاية.
على صعيد آخر، أجرى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، محادثات هاتفية مع الرئيس الأفغاني أشرف غني، تناولت المفاوضات الجارية مع «طالبان» ورغبة الولايات المتحدة في التوصل إلى اتفاق سلام من دون التخلي عن الحكومة الأفغانية الحالية، بحسب الناطق باسم الرئاسة الأفغانية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».