س: يعاني أحد أصدقائي من مرض سرطان الجلد، ويريد طبيبه استخدام نوع جديد من العلاج يعزز من جهاز المناعة لديه. هل يمكنكم إخبارنا بالمزيد عن الأمر؟
ج: يعمل جهاز المناعة في الجسم على مهاجمة الأجسام الغريبة التي تدخل الجسم، مثل الجراثيم. وهناك خلايا معينة في الجهاز المناعي وظيفتها التعرف على ومهاجمة الأجسام الدخيلة. أما الخلايا السرطانية فهي تصنع المواد الكيميائية التي لا تصنعها الخلايا الطبيعية، وهي المواد الكيميائية التي يعتبرها جهاز المناعة من قبيل الأجسام الغريبة.
ومما يؤسف له، أن هناك ملايين الأشخاص في العالم يتوفون سنوياً بسبب السرطان، بعد فشل جهازهم المناعي في تدمير خلايا السرطان في الجسم. فما السبب وراء انهيار جهازهم المناعي؟
كان هناك قبل عشرين عاماً عالمان، أحدهما أميركي والآخر ياباني، يعكفان على دراسة «الخلايا التائية» (T cells)، وهي خلايا الجهاز المناعي البشري المعهود إليها مهاجمة الأجسام الدخيلة. ولم يكونا يدرسان مرض السرطان، بل كانا يحاولان فهم كيفية عمل «الخلايا التائية». وعثر كل منهما على مادة كيميائية على السطح الخارجي لـ«الخلايا التائية» لم تكتشف من قبل. إحدى المادتين الكيميائيتين أطلق عليها اسم «PD - 1»، في حين حملت المادة الأخرى اسم «CTLA - 4»، فما الذي فعلاه؟ عندما قاما بتحفيز المادتين الكيميائيتين، فإنهما أوقفتا وظيفة «الخلايا التائية» عن مهاجمة الأجسام الدخيلة على الجسم. وتساءل العالمان: ماذا لو استطعنا العثور على وسيلة لتعطيل عمل هاتين المادتين الكيميائيتين؟ وهل تعطيل عملهما سوف يؤدي إلى إطلاق عمل «الخلايا التائية»، وتعزيز فعالية الهجوم على الأجسام الدخيلة؟
على مدى سنوات من التجربة والخطأ، عثر العالمان في خاتمة المطاف على العقاقير التي تعطل عمل المادتين الكيميائيتين المذكورتين. ثم جاء الاختبار الصعب أمامهما: هل إعطاء هذه العقاقير للفئران المصابة بالسرطان سوف يساعد «الخلايا التائية» على مهاجمة السرطان؟ وكانت الإجابة: «أجل» وبقوة!
بيد أن العلاجات التي تنجح على الفئران ليس بالضرورة تنجح لدى البشر. وأسفر قرن كامل من المحاولات عن تشكك الكثير من العلماء في إمكانية تحفيز الجهاز المناعي البشري على محاربة السرطان. وبذل العلماء جهوداً مضنية لجذب اهتمام شركات الأدوية، وحالفهم التوفيق في النهاية. ولدى أشخاص معينين، ومع أنواع معينة من مرض السرطان، أسفر العلاج بتحفيز الجهاز المناعي عن نتائج رائعة.
ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، ففي عام 2015 تم تشخيص حالته المرضية بإصابته بسرطان الجلد الذي انتشر حتى وصل إلى الدماغ، وقدّر الأطباء أنه لم يتبق لديه سوى بضعة أشهر من الحياة.
وحاول الأطباء المعالجون تطبيق أحد العقاقير المعززة لجهازه المناعي، وتلاشى انتشار المرض في دماغ السيد كارتر إثر ذلك. وفي عام 2018، ومع بلوغه 94 عاماً من عمره، نشر الرئيس كارتر كتابه الأخير. وبالنسبة لبعض الأشخاص، يبدو أن العلاجات قد نجحت في الشفاء من السرطان. في حين أنه من غير المرجح أن يفضي هذا المسار العلاجي إلى العلاج من جميع أنواع السرطان الأخرى، إلا أنه يساعد عدداً متزايداً من المرضى على أي حال.
بالنسبة لي، هناك رسالة مهمة من هذه القصة. أن هذين العالمين، اللذين تم تكريم أعمالهما في عام 2018 بحصولهما على جائزة نوبل، لم يكونا يحاولان العثور على علاج للسرطان. بل كانا يحاولان فقط الوقوف على كيفية عمل الكائنات الحية. وبهذا يستفيد المجتمع الذي يساند مثل هذا الفضول والشغف العلمي بطرق لم يكن من المستطاع التنبؤ بها.
- رئيس تحرير «رسالة هارفارد للقلب»، خدمات «تريبيون ميديا»
آفاق العلاج المناعي للسرطان
يعزز مناعة الجسم لمقاومة المرض الخبيث
آفاق العلاج المناعي للسرطان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة