يتعلّم الإنسان من خلال إعادة النّظر في تجاربه السّابقة والتأمل في أدائه هل كان صحيحاً أم خاطئاً، وهو ما يطلق عليه «محاكاة النفس»، وفي المقابل فإنّ معظم الروبوتات لا تزال تتعلم باستخدام أجهزة المحاكاة والنماذج التي يوفرها لها المتحكم في أدائها، ولم تتعلّم محاكاة نفسها كما يفعل البشر.
باحثو جامعة كولومبيا الأميركية نجحوا في قطع خطوات مهمة نحو إنشاء روبوت لديه هذه الميزة، فهو مثل الطفل الوليد الذي لا يعرف شيئاً، وخلال يوم من الحوسبة المكثفة، أنشأ الروبوت الخاص بهم محاكاة ذاتية، يستطيع استخدامها للتفكير والتكيف مع المواقف المختلفة، ومعالجة المهام الجديدة وكذلك اكتشاف الضرر وإصلاحه في جسمه.
وخلال الدراسة المنشورة أول من أمس، في دورية علوم الروبوتات (Science Robotics)، أظهر الفريق البحثي كيف أن ذراعاً آلية مفصلية، استطاعت بعد أقل من 35 ساعة من التدريب، استيعاب الأشياء في مواقع محدّدة على الأرض وإيداعها في وعاء بنسبة نجاح بلغت 100%، وجاء ذلك بعد استخدام ما يعرف بـ«التعليم المعمق»، وهو مجال بحث جديد يوفر نظريات وخوارزميات تتيح للآلة أن تتعلّم بنفسها عن طريق محاكاة الخلايا العصبية في جسم الإنسان.
ووفق تقرير مصحوب بالفيديو نشره موقع جامعة كولومبيا بالتزامن مع نشر الدراسة، أوضح الفريق البحثي كيف أنّ استخدام التعليم المعمّق مكّن الذّراع الآلية داخل نطاق حلقة مغلقة من انتقاء المكان المناسب الذي مكّنها من استيعاب الأشياء ووضعها في الوعاء بنجاح.
وحقّقت الذّراع الآلية أيضاً نسبة نجاح معقولة داخل نظام مفتوح الحلقة، حيث كان قادراً على إكمال المهمة بنسبة نجاح 44%، لأنّها تبدو كما يقول الفريق البحثي مثل محاولة إنسان التقاط كوب من الماء، بينما العينان مغلقتان، وهي عملية صعبة، لذلك تعد نسبة النّجاح التي حققتها الذراع الآلية مناسبة.
ويقول طالب الدكتوراه روبرت كوياتكوفسكي، الباحث الرئيسي بالدراسة لـ«الشرق الأوسط»: «ما حققناه حتى الآن تطوُّر مهم في مجال الروبوتات، فهي حتى الآن تعمل من خلال وجود الإنسان، بينما إذا أردنا أن تصبح مستقلة، وأن تتأقلم بسرعة مع السيناريوهات غير المتوقعة، فمن الضروري تدريبها على محاكاة النفس، وقد تم ذلك في هذا البحث». ويضيف: «تأكّدنا من نجاح الروبوت في أداء مهمته عن طريق 100 ألف اختبار اجتازها بنجاح تام في نظام الحلقة المغلقة، بينما كان الأداء أقل في المناطق المتطرفة».
وعن الاستخدامات المتوقعة لهذا الروبوت، يقول: «يمكن توظيفه لعدة استخدامات في المصانع والمستودعات وغيرها، ونأمل أن يتم تطبيق بحثنا على جميع هذه المجالات».
«روبوت» يتكيّف مع المواقف الجديدة ولا يحتاج تدخلاً بشرياً
«روبوت» يتكيّف مع المواقف الجديدة ولا يحتاج تدخلاً بشرياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة