أساتذة جامعة الخرطوم يدخلون على خط الاحتجاجات

القوات المسلحة تجدّد التفافها حول قيادتها «لتفويت الفرصة على المتربصين»

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع أم درمان ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع أم درمان ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

أساتذة جامعة الخرطوم يدخلون على خط الاحتجاجات

جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع أم درمان ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي عرفتها شوارع أم درمان ليلة أول من أمس (أ.ف.ب)

في تطور لافت للاحتجاجات التي تشهدها مدن السودان، اعتصم مئات الأساتذة والمحاضرين في جامعة الخرطوم داخل مباني الجامعة، وقدموا مبادرة أعلنوا فيها تأييدهم للمطالب بتكوين حكومة انتقالية. وجاء ذلك فيما أعلن الأمن عن إطلاق سراح المعارضة البارزة مريم المهدي بعد ساعات من احتجازها، وسط دعوات من «تجمع المهنيين السودانيين» والقوى المتحالفة معه للخروج في مظاهرات في الخرطوم وعدد من مدن البلاد الأخرى.
وتعد وقفة أساتذة جامعة الخرطوم، أعرق وأقدم الجامعات السودانية، الثانية لهم منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد منذ نحو شهر ونصف. وبهذا الخصوص قال الدكتور محمد يوسف أحمد المصطفى، عضو «مبادرة أساتذة الجامعة»، إن مدير الجامعة رفض المبادرة، ووصفها بأنها «غير محايدة». بيد أن الأستاذة يرون «أنهم مستقلون عن الآخرين... وقد قدمنا مبادرة لإدارة الفترة الانتقالية».
وأوضح المصطفى أن مبادرة الأساتذة «ليست مقدمة للحكومة، بل للأطراف الفاعلة في الحراك الجماهيري، وأيضا للإجابة عن سؤال البديل للنظام الحالي... وهي تهدف إلى تقريب الشقة بين المجموعات الداعية للتغيير، خاصة أساتذة الجامعات في الخرطوم والولايات الأخرى».
وبحسب شهود فإن أكثر من 300 أستاذ ومحاضر، نفذوا وقفة احتجاجية داخل حرم الجامعة أمس، فيما وقع 541 من الاساتذة الآخرين على «مبادرة جامعة الخرطوم»، التي تطالب بإقامة حكومة انتقالية.
من جهتها، قالت المعارضة البارزة مريم الصادق المهدي، نائب رئيس حزب الأمة القومي، إن قوة أمنية كبيرة اقتادتها من منزلها «عنوة» إلى رئاسة جهاز الأمن بالخرطوم، وأبقتها في الانتظار لساعات، ثم خضعت لتحقيق من «مدير الجهاز»، قبل أن يطلق سراحها.
واعتبرت المهدي أن ما تم بحقها محاولة لترويعها وأطفالها، «القصد منها التأثير على مواقف الحزب، لكن محاولات الترويع لن تثنينا، كما أن مواقف حزب الأمة القومي، ونداء السودان، وقوى الحرية والتغيير، وجميع قطاعات الشعب السوداني باتت واضحة ومحددة، والاتجاه الأجدى للنظام بمؤسساته كافة، هو الاستجابة الفورية لمطالب الشعب، قبل سفك المزيد من الدماء».
في غضون ذلك، خرج طلاب في جامعة العلوم والتكنولوجيا، المملوكة لوزير الصحة مأمون حميدة، في مظاهرة وسط الخرطوم، إثر إجبار قوات الأمن لهم على الخروج من حرم الجامعة، مستخدمة العصي والهراوات، قبل أن تطلق الغاز المسيل للدموع بكثافة.
في سياق ذلك، أعلن أمس «تجمع المهنيين السودانيين» عن برنامج الاحتجاجات والمظاهرات التي ستشهدها مدن السودان اليوم، الذي يتضمن تنظيم مواكب احتجاجية في كل من الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان، وعدد من المناطق، بحيث ستنطلق باتجاه القصر الرئاسي. كما أعلن التجمع عن «مواكب» ومظاهرات في ولاية الجزيرة «وسط»، تشمل عددا من القرى والبلدات، وتتجه إلى المجلس التشريعي (البرلمان الولائي)، إضافة إلى المدن، بما فيها العاصمة «ود مدني».
كما كشف «التجمع» عن تنظيم مواكب في ولاية القضارف (شرق)، تنطلق من أنحاء الولاية و«القضارف» العاصمة قاصدة المجلس التشريعي، فضلاً عن مدن أخرى في أنحاء البلاد المختلفة. وقال إن المظاهرات السلمية ستنطلق في الساعة الواحدة ظهراً في كل المناطق، مشددا على الالتزام بـ«السلمية»، والعمل السلمي في «خطواته الساعية للتغيير كافة».
في المقابل، جددت القوات المسلحة السودانية في بيان لها، أمس، حرصها على الحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين وصيانة أرواحهم، وحماية ممتلكاتهم، وأكدت جاهزيتها للتصدي لكل أشكال التآمر والمحاولات التي تستهدف الأمن الوطني السوداني. كما جددت تمسكها والتفافها حول قيادتها لتفويت الفرصة على المتربصين.
جاء ذلك في اللقاء التنويري للضباط، الذي انعقد صباح أمس بأكاديمية نميري العسكرية العليا، حيث أكد الفريق أول ركن عوض محمد أحمد بن عوف، وزير الدفاع، أن القوات المسلحة «تعي تماماً كل المخططات والسيناريوهات التي تم إعدادها لاستغلال الظروف الاقتصادية الراهنة ضد أمن البلاد عبر ما يسمى الانتفاضة المحمية، وسعي البعض لاستفزاز القوات المسلحة، وسوقها نحو سلوك غير منطقي، ولا يليق بمكانتها وتاريخها»، مبرزا أن هذه الأزمة العارضة «ميزت الخبيث من الطيب، وأظهرت معدن رجال القوات المسلحة»، مؤكداً أنهم لن يفرطوا في أمن البلد ولا في قيادتها.
من جانبه، أكد الفريق أول دكتور ركن كمال عبد المعروف الماحي، رئيس الأركان المشتركة، أن القوات المسلحة «لن تسمح بسقوط الدولة السودانية أو انزلاقها نحو المجهول»، مشيراً إلى التضحيات الكبيرة التي قدمتها القوات المسلحة لتحقيق الأمن والاستقرار، وقال إن الذين يتصدرون المشهد في المظاهرات «هم الوجوه نفسها التي ظلت تعادي السودان وتشوه صورته أمام العالم، وتؤلب عليه المنظمات وتوفر الدعم للحركات المتمردة، التي ظلت تقاتل القوات المسلحة على مدى السنوات الماضية، ثم تأتي اليوم لتشكك في مواقفها الوطنية والإساءة إليها»، مشددا على أن القوات المسلحة سوف تتصدى بالقانون والملاحقة القضائية لكل الألسن والأصوات المشروخة والأقلام المأجورة التي أساءت إليها، وجزم بأن القوات المسلحة «لن تسلم البلاد إلى شذاذ الآفاق من قيادات التمرد المندحرة، ووكلاء المنظمات المشبوهة بالخارج، ولن تتوانى في التصدي لهم مهما كلفها من تضحيات، حفاظاً على أمن الوطن وسلامة المواطنين».
وتتواصل الاحتجاجات والمظاهرات في مدن السودان لشهرها الثاني دون توقف. وبعد أن انطلقت «تلقائيا» في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، احتجاجاً على سوء الأوضاع الاقتصادية في بعض ولايات البلاد، توسعت أفقياً لتشمل عددا كبيرا من المدن والبلدات الصغيرة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.