دراسة بريطانية: ترعرع الأطفال في بيئة ملوثة يجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب

شملت نحو 300 شخص من بيئات مختلفة

دراسة بريطانية: ترعرع الأطفال في بيئة ملوثة يجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب
TT

دراسة بريطانية: ترعرع الأطفال في بيئة ملوثة يجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب

دراسة بريطانية: ترعرع الأطفال في بيئة ملوثة يجعلهم أكثر عرضة للاكتئاب

أفادت دراسات في السابق بأن الأطفال الذين يقطنون في المناطق الملوثة، هم الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الشديد مع بلوغ هم مرحلة المراهقة، إلا أن الدراسات لم يتمّ إثباتها. وفي أول تحليل لتأثير ملوثات الهواء على الصحة العقلية للمراهقين، خلص الباحثون إلى أن الشباب من سن 18 أكثر عرضة بمعدل 3 إلى 4 مرات للإصابة بالاكتئاب إن كانوا قد تعرّضوا للهواء الملوث في سن 12 عاماً. وتشير المقارنة مع دراسات مبكرة إلى أن تلوث الهواء هو من أخطر عوامل الإصابة بالاكتئاب لدى المراهقين.
من جانبهم، قال العلماء إن النتائج التي خلصوا إليها مهمة بصورة خاصة، لأن 75 في المائة من مشكلات الصحة العقلية تظهر في مرحلة الطفولة أو المراهقة، وذلك عندما تتسارع وتيرة تطور الدماغ، وفق ما أوردت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس.
كما أشارت الأبحاث كذلك إلى وجود صلة بين الهواء المسموم والسلوكيات العدائية في المجتمع، ولكن هناك حاجة ماسّة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد هذه الفرضية. وهناك توقُّعات بإجراء دراسة كبيرة على ذلك في وقت لاحق من عام 2019 الحالي.
من جانبها، قالت هيلين فيشر، من جامعة كينغز كوليدج بلندن، التي قادت الأبحاث، إن «المستويات المرتفعة من الهواء الملوث ليست جيدة لأي إنسان، لا سيما بالنسبة للأطفال، سواء لصحتهم البدنية أو العقلية. ومن المنطقي أن نحاول تفادي المناطق ذات المستويات المرتفعة من الهواء الملوث. وينبغي علينا حضّ الحكومات المحلية والوطنية للحد من تلك المستويات بجميع الوسائل»، وفق ما نقلت عنها الصحيفة المذكورة أعلاه.
واستندت الدراسة التي نشرتها دورية الأبحاث النفسية على معلومات مستمدة من مجموعة من الأطفال في لندن وتحتوي على بيانات عالية الدقة حول مستويات الهواء الملوث المرتفعة. ومن بين 284 طفلاً شملتهم الدراسة، فإن أولئك الذين عاشوا في المناطق الأكثر تلوثاً بنسبة 25 في المائة كانوا في سن 12 عاماً، وأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مع بلوغهم سن 18 عاماً، مقارنة مع أولئك الذين يعيشون في المناطق الأقل تلوثاً بنسبة 25 في المائة. وبالمقارنة أيضاً، أظهرت الأبحاث السابقة أن الأطفال الذين يعانون من الاعتداءات الجسدية أكثر عُرضة بمرتين ونصف المرة للإصابة باضطرابات الاكتئاب النفسي. ووضع الباحثون في اعتبارهم العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على الصحة العقلية، مثل التاريخ العائلي للأمراض العقلية، ومستوى الدخل، والتنمر، وعادات التدخين. كما نظروا كذلك في مستويات التوتر والقلق واضطرابات القصور في الانتباه وفرط النشاط، غير أنهم لم يعثروا على صلة أكيدة تربط هذه الاضطرابات مع ارتفاع تلوث الهواء. وأشارت فيشر إلى أن إجراء المزيد من الأبحاث أمر مهم، لأن التعامل مع تلوُّث الهواء من المرجح أن يكون أقل صعوبة من العوامل الأخرى المسببة للأذى النفسي: «إذا كان بوسعنا فهم حقيقة ما يجري فعلاً فسوف يتاح لنا الخيار للتدخل المبكر والقيام بشيء حيال الأمر».
ومن جانبه، قال الطبيب روبين راسل جونز: «تؤكد هذه الدراسة على مخاطر تلوث الهواء على المراهقين في المملكة المتحدة، لا سيما أولئك الذين يعيشون في المناطق الحضرية حيث تكون مشكلات الصحة العقلية أعلى».
يُذكَر أن التلوث من ثاني أكسيد النتروجين بلغ مستويات غير قانونية في معظم المناطق الحضرية في المملكة المتحدة، ويتجاوز التلوث بالجسيمات الصغيرة المبادئ الإرشادية لمنظمة الصحة العالمية في كثير من تلك الأماكن. وتقبل الحكومة فرضية أن الهواء الملوث يقصر العمر ويلحق الأضرار بالأطفال، ولكن خطة العمل الأخيرة بشأن التلوث على جوانب الطرق وُصِفت بأنها «مثيرة للشفقة» من قبل أنصار حماية البيئة.
وقال البروفسور كريس غريفيث، أحد الأعضاء المؤسسين لحملة «أطباء ضد الديزل»: «هناك الحاجة لإجراء المزيد من الدراسات، ولكن الحاجة أكثر إلحاحاً للحد الحقيقي والكبير من تعرض الشباب لتلوث الهواء السام».


مقالات ذات صلة

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».