البرد والعقوبات يفاقمان معاناة أهالي دمشق... والحكومة تدعو إلى «الاستنفار»

TT

البرد والعقوبات يفاقمان معاناة أهالي دمشق... والحكومة تدعو إلى «الاستنفار»

أعلنت الحكومة السورية أمس «حالة الاستنفار القصوى في مواجهة آثار العقوبات الاقتصادية الجديدة على سوريا»، بالتزامن مع تفاقم الأزمة الإنسانية في دمشق وتراجع توفر الحاجات الرئيسية.
وكانت الحكومة دعت لإجراءات «استثنائية» لتخفيف آثار العقوبات في كل المجالات المتعلقة بـ«احتياجات المواطنين الاستهلاكية والصحية والخدمات بمختلف أشكالها».
وجاء في بيان الحكومة الذي نشرته صباح أمس أن عنوان الخطة البديلة هو الاعتماد على الذات في مواجهة المتغيرات والتحديات القادمة؛ حيث ستقوم الحكومة باتخاذ قرارات «جريئة وغير تقليدية» حتى لو اقتضى ذلك إعادة «توجيه مسارات الإنفاق في قوام الموازنة العامة» لصالح التركيز على المشروعات الإنتاجية والصغيرة في كل محافظة وتأمين مستلزمات الدولة الأساسية وتعزيز العملية الإنتاجية، لا سيما بالنسبة (للنفط والقمح والدواء)، إضافة إلى مستلزمات القوات المسلحة.
وشهدت الأيام الماضية حالات وفاة مفجعة، بينها وفاة أب مع أطفاله الثلاثة اختناقاً بمدفأة غاز في منزلهم في حي الشعار في حلب ومقتل سبعة أطفال أشقاء في حادث مشابه في دمشق أول من أمس، موضوع المعاناة الإنسانية. وبدا أن فقدان الكثير من الحاجات الضرورية جعل من الحياة في دمشق صعبة وبات بعض سكانها «يفضلون الموت عن الحياة»، مع تزايد حالات الفقر بشكل كبير ووصولها إلى مستويات متدنية للغاية، خصوصاً مع البرد الشديد في هذا الشتاء.
وبخلاف تصريحات، مسؤولي الحكومة السورية، قبل قدوم فصل الشتاء، بأن الوضع في البلاد يتجه إلى «التحسن»، فوجئ سكان العاصمة والأرياف المحيطة بها مع اشتداد موجة البرد، بنقص كبير في وقود التدفئة، وبإعادة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وكذلك انقطاع الغاز المنزلي.
«أبو إياد» أب لثلاثة أطفال، وفي ظل أقسى فصل شتاء يمر على الأهالي منذ بدء الحرب وتم خلاله الإعلان عن العديد من حالات الوفاة بسبب البرد، لم يتمكن من الحصول على 200 ليتر مازوت (سعر الليتر 180 ليرة سورية) تخصصها الحكومة للأهالي لاستخدامها في عملية التدفئة، لأن إمكانياته المادية لا تسمح له بدفع ثمنها دفعة واحدة، وفي نفس الوقت تمتنع محطات الوقود عن بيع الأهالي كميات قليلة.
الأب وعائلته الذين يعيشون في شمال دمشق بشقة قيد الإنشاء مؤلفة من غرفة وموزع ومنافع، يضع كل واحد منهم قبعة صوفية على رأسه تغطي أذنيه، ويلفون أنفسهم بأغطية لمقاومة البرد القارس، ويقول الأب لـ«الشرق الأوسط» وهو يتظاهر أمام أولاده بالتغلب على الموقف: «حياة مرّة. لم تمر علينا سابقاً، لم تمر على أحد، ولكن لا نستطيع فعل شيء إلا الصبر».وبينما كان أزيز الرياح شديدة البرودة يصفر في الغرفة، بعد تمزق النايلون المغطي للنافذة، وترشح قطرات الماء من السقف، وتتجمع في وسطها، لتضفي عليها مزيدا من البرودة، كان الأولاد يرتجفون تحت الأغطية حتى أنهم لا يحسنون التحدث من شدة البرد.
وما زاد من معاناة الناس، إعادة النظام العمل ببرنامج «تقنين» التيار الكهربائي في أحياء وسط العاصمة، والذي يتضمن قطعه عنها لفترة ساعتين وتوفيرها لأربع على مدار الـ24 ساعة، مع عدم الالتزام به، فأغلب الأحيان تمتد فترة القطع إلى أربع وست ساعات.
«أبو ممدوح» الذي يعمل سائق «تاكسي أجرة»، يتوقف عن العمل مع غروب الشمس، بسبب حالة رعب تسيطر عليه مع حلول الظلام، ويقول لـ«الشرق الأوسط» وهو يركن سيارته: «الشوارع مظلمة، والمدينة تبدو مخيفة مع خلوها تماما إلا من عناصر الحواجز ومسلحين يقودون دراجات نارية». ويضيف: «يمكن أن يتعرض الشخص لعمليات «تشليح» أو خطف أو سرقة السيارة دون أن يدري به أحد».
برنامج «التقنين» في وسط العاصمة، يهون عما هو عليه في أطرافها وريفها، ذلك أن الكهرباء شبه معدومة، بحسب تأكيد أحد سكان بلدة «بيت سحم» جنوب العاصمة لـ«الشرق الأوسط»، ويقول: «بالكثير نراها ساعة كل ثلاثة أيام!، والناس تعاني الأمرين في شحن المدخرات»، ويضيف في تعليقه على وعود حكومة النظام: «نعيش حاليا أفراح الانتصار. نعم هذه هي ثماره!». وأدى انقطاع التيار الكهربائي إلى تفاقم معاناة الأهالي في تأمين المياه، لأن أغلب المنازل في دمشق وريفها لا تصلها المياه إلا عبر مضخات تعمل على الكهرباء، ويؤكد أوس وهو من سكان حي «القزاز» شرق العاصمة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأهالي ومنذ الصباح الباكر يتسابقون إلى المنازل التي لديها مولدات كهربائية لتأمين 20 أو 40 في المائة من الماء، لدرجة أنك تشاهد طوابير أمام تلك المنازل، على حين من لديه إمكانيات مادية وهم قلة يشتري من الباعة الجوالين».
وما زاد من بلة طين معاناة الأهالي، هو انقطاع الغاز المنزلي، الذي يستخدمه السوريون للطبخ وبعضهم في التدفئة، بالترافق مع انقطاع الكهرباء والماء و«المازوت»، حيث تشاهد منذ نحو شهر ونصف الشهر حشودا غفيرة تقدر بالمئات تتدافع على سيارات توزيع أسطوانات الغاز في أحياء العاصمة والتي يبلغ السعر الحكومي لتبديل الواحدة منها 2800 ليرة، بينما يصل سعرها في السوق السوداء إلى 10 آلاف ليرة. ويلاحظ، أن معظم كميات الغاز في سيارات التوزيع تذهب إلى عناصر الجيش والميليشيات المسلحة الموالية للنظام. ويروي ممدوح الذي يعيش في أحد أحياء غرب العاصمة لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ الشهر تقريبا يعيش وثلاثة إخوة له على «السندويتش» ولم يتمكنوا من صنع إبريق من الشاي بسبب عدم استطاعته تأمين أسطوانة غاز».
لم تتوقف معاناة الناس على ما سبق من أزمات خانقة شملت معظم المحافظات التي يسيطر عليها النظام، بل فاقمتها موجة ارتفاع أسعار غير مسبوقة، طالت الخضار والفاكهة.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.