مهرجان الموسيقى الأندلسية في الجزائر... موعد سنوي لحوار الثقافات

تميزت الدورة الـ 13 بحضور المناضلة جميلة بوحيرد

جميلة بوحيرد أيقونة الثورة الجزائريّة حضرت حفل الاختتام
جميلة بوحيرد أيقونة الثورة الجزائريّة حضرت حفل الاختتام
TT

مهرجان الموسيقى الأندلسية في الجزائر... موعد سنوي لحوار الثقافات

جميلة بوحيرد أيقونة الثورة الجزائريّة حضرت حفل الاختتام
جميلة بوحيرد أيقونة الثورة الجزائريّة حضرت حفل الاختتام

الموسيقى الأندلسية إحدى مقومات الثّقافة الجزائرية العريقة، جاءت مع هجرات الأندلسيين إلى شمال أفريقيا، واستطاعت التأسيس لثقافة انتشر ألقُها على ضفتي البحر الأبيض المتوسط في المغرب العربي وجنوب أوروبا، ليكون المتوسط بحيرة سلام وتعايش. وقد امتزجت الموسيقى الوافدة بمقامات الموسيقى المحلية لتولد موسيقى جديدة، لا تشبه الموشحات الأندلسية المعروفة في المشرق العربي.
تختلف تسمية الموسيقى الأندلسية من منطقة إلى أخرى، في المغرب تسمى «الآلة»، وفي كل من وجدة وسلا وتلمسان في الغرب الجزائري عُرفت «بالغرناطي»، بينما في الجزائر العاصمة اسمها «الصنعة»، فيما سُمّيت في الشرق الجزائري وتونس وليبيا «المألوف» وجميعها تعود إلى أصل واحد الموسيقى الأندلسية، التي انتشرت على هذا الشّكل في بلدان شمال أفريقيا، الجزائر والمغرب وتونس. وتميزت بالطابع الديني بالمدائح والدنيوي بغناء الأفراح، وهي لا تتقيّد في صياغتها بالأوزان والقوافي، واستوطنت هذه الموسيقى بلدان المغرب العربي، ولم تصل إلى مصر وبلاد الشام.
الموسيقى الأندلسية في الجزائر بنصوصها الأدبية، وأوزانها الإيقاعية، ومقاماتها الموسيقية طورها وهذبها الموسيقيون الجزائريون، وأضافوا لها من ألحان وأشعار محلية، وتعتبر موسيقى «النوبة» أهم قالب في الموسيقى الأندلسية.
حفاظا على هذا الموروث الموسيقي، أحد مكونات الثّقافة الجزائرية، نظّمت وزارة الثقافة «مهرجانا دوليا للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة» عام 2005. وأصبح عشاق الموسيقى الأندلسية على موعد معه، ينتظرونه بشوق وشغف على رصيف اللهفة للاستمتاع بعروض موسيقية لفرق مشاركة في العرس الأندلسي. ويغلب على العروض الموسيقية الطّابع الصّوفي، من مدرسة جلال الدين الرومي، والمدائح الدينية، ترافقها سينوغرافيا، يحلّق معها الجمهور في أجواء روحية ساحرة، تجعل الصّمت حاضرا بوقار ومهابة في حضرة موسيقى تتدفق طمأنينة لروح الإنسان.
وصل المهرجان إلى شطآن الدورة 13 في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2018. نضجت تجربة مهرجان الجزائر الدُّولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة، وأصبحت تؤتي أكلها بالعروض المتنوعة عاما بعد عام، تتسلّل كالضوء في ظلمة النفس الإنسانية، تحلّق بالسّامع إلى أجواء روحية ينثرها عبير موسيقى الشّعوب القديمة، لتشكّل حواراً ثقافياً بلغة عالمية يفهمها الجميع، لغة الموسيقى.
درج تقليد المهرجان بأن يدعو المشاركين من القارات الخمس، بما ينطوي على تنوع الثّقافات والمشارب الموسيقية والذائقة الفنية لدى الشعوب. وتختلف الفرق المدعوة كل عام عن الدورة السابقة لها، لتكون فرصة جديدة لحوار موسيقي مختلف عن العام الماضي، تشاركها بالحوار الموسيقي فرق جزائرية من مدارس أندلسية مختلفة، الغرناطي والحوزي والعروبي، تلك بعض المدارس الأندلسية الجزائرية.
من مزايا استمرارية هذا المهرجان حسب الموسيقار الجزائري محمد فؤاد ومان في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» «أنّه فرصة للتلاقي والاحتكاك بين الفنانين الجزائريين ونظرائهم من أقطاب المعمورة، والاطّلاع على تجارب الآخرين الموسيقية، فضلا عن كونه يحافظ على هذا التراث الإنساني العتيق الزاخر».
وقد تميزت الدورة الثالثة عشرة عن سابقاتها بحضور المناضلة جميلة بوحيرد أيقونة الثورة الجزائريّة، حفل الاختتام، الذي كان مميزا ومتميزا بتلحين وغناء قصيدة الشاعر العربي نزار قباني «جميلة بوحيرد».
لم يتوقّع أحد من عشاق الموسيقى الأندلسية هكذا سهرة طافحة بالفرح، صاخبة بالزغاريد الجزائرية، فوّاحة بعبق فن الزمن الجميل، وأن تُختتم بأغنية «جميلة بوحيرد»، التي قدمتها فرقة التخت العربي المصرية، كانت مفاجأة للجمهور، الذي تفاجأ بدوره بحضور «جميلة بوحيرد سيدة القرن العشرين»، وهي تفاجأت بأغنية «جميلة بوحيرد»، من تلحين وغناء الموسيقار الجزائري محمد فؤاد ومان. وكان التوزيع الموسيقي للأغنية يشبه الأغاني الثّورية والأناشيد الوطنية، وتفاعل معها الجمهور بالتصفيق والزّغاريد، في حالة من الفرح كأنّه يعيش نشوة انتصار ثورة الجزائر 1962. قصيدة نزار قباني وموسيقاها الثورية أعادت إلى الذاكرة الجمعية تلك الأيام الزاخرة بالتضحية وانتصار شعب على الاستعمار ليكون حراً مستقلاً.
صخب الفرح جعل السيدة جميلة بوحيرد (84 سنة) تذرف دموعا حارة بصمت، سالت بحرقة وألم في تغضنات وجنتيها وهي جالسة في مقعدها بالصّف الأول، تذكرت رفاق النّضال الشّهداء، العربي بن مهيدي وحسيبة بن بوعلي، وعلي لابوانت، وطالب عبد الرحمن وغيرهم كثيرون، استشهدوا لأجل تحرير الجزائر.
كانت ليلة اختتام الدورة 13 للمهرجان مشهودة لعشاق الموسيقى الأندلسية والموسيقى القديمة، كان الحضور متميزا، غصّت به قاعة أوبرا الجزائر بوعلام بسايح، بينه فنانون ومثقفون وكُتّاب وشخصيات سياسية وسفراء ونواب في البرلمان.
مرة أخرى تتفاجأ بوحيرد بتكريمها، حين قال محافظ المهرجان عيسى رحماوي شاكراً الجمهور: «تميّزت الطبعة 13 للمهرجان بحضور السيدة جميلة بوحيرد، وهذا شرف لنا فزادته ألقا»، وقدم لها باقة ورد كبيرة وسط تصفيق الجمهور والزغاريد والتزاحم ليتصوروا معها للذكرى.
اندهشت جميلة بوحيرد من تكريم جاءها على غير توقّع، فسألتها هل كنت تعلمين بهذا الاحتفاء بك؟ قالت خجلى لـ«الشرق الأوسط»: «أبدا ما كنت عارفة، جاء وليدي فؤاد ومان، وقال هيا نروحو للأوبرا نحضر حفل الختام لمهرجان الموسيقى الأندلسية اللي تحبيها، وماخجلتوش، وجيت معاه، أعجبني كتير ما قدمه أولادي من مصر من فن الزّمن الجميل، زمن البرفسور محمد عبد الوهاب والست أم كلثوم، ولكنّني خجلت من الشّهداء، رفاق النّضال، أن يكون الختام بأغنية جميلة بوحيرد، شكراً للجميع...». خرجت كلماتها بالشّكر مخنوقة بغصة باكية وأشاحت بوجهها، تمسح دموعها.
المهرجان يختار شعاراً كل دورة، وفي دورته الأخيرة كان شعارها «موسيقى وسلام لنعيش معا»، انسجاما مع اليوم العالمي «16 مايو (أيار) اليوم الدّولي للعيش معاً في سلام»، الذي أقرّته الأمم المتحدة بمبادرة جزائرية 2017. لإشاعة السّلام والتعايش بين أفراد المجتمعات على اختلاف أعراقهم ولغاتهم ومشاربهم الفكرية.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.