تصلّب «حزب الله» يقوّض جرعات التفاؤل بتشكيل الحكومة اللبنانية

مصادره تؤكد أن الحل يقتضي تنازل الحريري أو باسيل

من اللقاء الأخير بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط (دالاتي ونهرا)
من اللقاء الأخير بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط (دالاتي ونهرا)
TT

تصلّب «حزب الله» يقوّض جرعات التفاؤل بتشكيل الحكومة اللبنانية

من اللقاء الأخير بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط (دالاتي ونهرا)
من اللقاء الأخير بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط (دالاتي ونهرا)

حافظ الفرقاء السياسيون أمس على تفاؤلهم بالأجواء الإيجابية التي ظهرت أخيراً على خط تفعيل الحكومة، من دون أي خرق جديد في غياب الرئيس المكلف سعد الحريري في إجازة عائلية في الخارج، فيما بقيت التحفظات تجاه الكشف عن مآل المفاوضات الأخيرة التي تبحث عن حل، خصوصا مع الصيغ الجديدة التي تطرح والتي ترضي الجميع، باستثناء «حزب الله» الذي نقل عن مصادره أن جرعات التفاؤل غير مبنية على أسس واقعية.
وتواصلت المشاورات الحكومية في الظل، من غير أن يطرأ أي تغيير جوهري في ظل تمسك «اللقاء التشاوري» للنواب السنة المستقلين بموقفهم. ولم يسجل أي اجتماع لافت على خط تذليل العقد الأخيرة، بعد اللقاء الذي جمع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بالرئيس الحريري قبل سفره، وأبلغه فيه جنبلاط أنه إلى جانبه في مساعيه، ولن يكون عقبة أمام أي حل بعد حلحلة العقد لدى الأطراف الأخرى.
ورغم ذلك، بدا الثنائي الشيعي على تصلّبه، مقوّضا جزءا كبيرا من التفاؤل الذي أشيع في الساعات الماضية، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء «المركزية» التي نقلت عن مصادر «حزب الله» إشارتها إلى أن «جرعات التفاؤل التي يحاول الحريري وباسيل ضخها غير مبنية على أي أسس واقعية، بل مجرد محاولات كي لا يقال إن الأمور جامدة في المطلق، لكن في الحقيقة لا يوجد أي تطور، وكل ما يشاع لا ترجمة له على الأرض، ما دام باسيل لم يبدل موقفه من الثلث المعطل، والحريري كذلك من اللقاء التشاوري»، مشددة على أن «الحل محصور بين الرئيس المكلف ووزير الخارجية جبران باسيل وعندما يتنازل أحدهما يفكّ أسر الحكومة».
وشدد نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي أمس على أنه لم يعد لعبارة «حسم الأمر الأسبوع المقبل» أي معنى إذا لم تتألف الحكومة، قائلاً: «لا خيارات أخرى أمام الرئيس المكلف سعد الحريري لا من خلال اللجوء إلى تصريف الأعمال أو إلى أي فكرة من الأفكار التي حاول البعض تسويقها». وأكد الفرزلي أنه «ليس هنالك من أفق للتأخير في تشكيل الحكومة في ظل التداعيات المالية والاقتصادية والاجتماعية»، معربا عن تفاؤله بقرب تشكيلها بصرف النظر عن أي التزام بالمواعيد التي أطلقت من قبل المعنيين في التأليف وفي طليعتهم الرئيس الحريري.
واعتبر الفرزلي أن الطرف الذي كان مستهدفا بصورة رئيسية عبر حملات إعلامية واقتصادية ومالية هو «التيار الوطني الحر» من أجل لي ذراعه لتقديم مزيد من التنازلات. وأشار الفرزلي إلى أن الرئيس نبيه بري أبدى استعداده منذ اليوم الأول لمشاورات التأليف للتعاون الإيجابي وهو لا يزال عبر تأكيده القبول بأي حقيبة خارج إطار وزارة الإعلام.
وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب طارق المرعبي في حديث إذاعي أن الحريري لم يمل أو يكل عن تحركاته لتشكيل حكومة وحدة وطنية هدفها حل مشاكل المواطنين وإعادة العجلة الاقتصادية إلى سابق عهدها. وقال: «رغم أن العقد أصبحت واضحة، لكنني متأكد من أن التأليف أصبح قريبا، ونحن أمام حل خصوصا مع الصيغ الجديدة التي تطرح والتي ترضي جميع الفرقاء». ونفى المرعبي المعلومات التي تتحدث عن أن الحريري سيستقيل في حال لم يتمكن من تأليف الحكومة قبل نهار السبت المقبل.
في هذا الوقت، أعرب عضو «اللقاء التشاوري» النائب جهاد الصمد، إثر اجتماع لـ«اللقاء» في منزله، عن أسف المجتمعين لحال المراوحة التي تخيم على مسألة تأليف الحكومة، وجدد تمسكه بتمثيله في الحكومة بواحد منهم أو بالأسماء الثلاثة المطروحة.
من جهته، أكد أمين سر تكتل «لبنان القوي» النائب إبراهيم كنعان، أن «هناك إرادة كبيرة عند رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للحسم الحكومي والوضع لا يمكن أن يستمر بلا حكومة». ولفت إلى أن «التحرك الأخير على الصعيد الحكومي واللقاءات التي حصلت، حركت الكثير من المسائل التي كانت عالقة، تضاف إليها المواقف الضاغطة من رئيس الجمهورية وتكتل لبنان القوي بضرورة الحسم خلال أيام، والبلاد لم تعد تحتمل ويجب مواجهة التحديات من خلال حكومة جاهزة أولا للمسألة الاقتصادية والمالية».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».