أزمة كاراكاس تثير قلقاً على مصير استثمارات روسية ضخمة في فنزويلا

أدت إلى هبوط أسهم «روسنفت» في بورصة موسكو

أزمة كاراكاس تثير قلقاً على مصير استثمارات روسية ضخمة في فنزويلا
TT

أزمة كاراكاس تثير قلقاً على مصير استثمارات روسية ضخمة في فنزويلا

أزمة كاراكاس تثير قلقاً على مصير استثمارات روسية ضخمة في فنزويلا

تراجعت أسهم شركة النفط الحكومة الروسية العملاقة «روسنفت» يوم أمس، متأثرة بالأزمة في فنزيلا بين الرئيس نيكولاس مادورو ومعارضيه، الذين يحملونه المسؤولية عن انهيار الاقتصاد الوطني. وأثارت تلك الأزمة قلقاً في الأوساط الاقتصادية الروسية العامة والخاصة، نظراً لطبيعية التعاون الاقتصادي بين البلدين، وحجم الاستثمارات الروسية في الاقتصادي الفنزويلي.
ووفق معطيات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، بلغت قيمة الاستثمارات الروسية المتراكمة في مشاريع في فنزويلا 4.1 مليار دولار، الحصة الأكبر منها ضمن مشاريع «روسنفت». وقالت الوزارة في تقرير أمس: «تشير بيانات البنك المركزي الروسي إلى عدم وجود أي استثمارات روسية مباشرة في فنزويلا خلال السنوات الأخيرة. في غضون ذلك تشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات الروسية المتراكمة تزيد عن 4.1 مليار دولار، 3.5 مليار منها ضمن مشاريع «روسنفت» للتنقيب في حقول نفطية في فنزويلا، و300 مليون استثمارات من «غاز بروم بنك»، فضلا عن 22 مليون دولار أميركي استثمارات روسية في مشروع شركة «كاماز» لتجميع حافلات النقل العام».
وعلى خلفية الأزمة في فنزويلا، تراجعت قيمة أسهم شركة «روسنفت» في بورصة موسكو يوم أمس بنسبة 2.5 في المائة، حتى مستويات مطلع الشهر الماضي. وفي جلسات منتصف النهار تراجع سعر السهم حتى 409.2 روبل (نحو 6.8 دولار)، أي أقل بنسبة 2.4 في المائة، مع حد أدنى للصفقات بسعر 406.7 روبل للسهم الواحد، أي مع تراجع سعر السهم نحو 3.1 في المائة.
من جانبها حاولت «روسنفت» عدم الربط بين تراجع الأسهم والأزمة في فنزويلا، وقال ميخائيل ليونتيف، المتحدث الرسمي باسمها، إن «شيئا (جديدا) لا يجري في فنزويلا»، لافتاً إلى أن «الوضع هناك سيئ للغاية منذ فترة بعيدة». وتقول «روسنفت» على موقعها الرسمي إنها من أكبر المستثمرين في فنزويلا، وتعمل هناك في أكثر من مشروع تنقيب وإنتاج نفطي.
وفي أغسطس (آب) عام 2017 تم الإعلان عن اتفاق تم التوصل إليه في وقت سابق، بين «روسنفت» وشركة النفط الوطنية الفنزويلية، قامت الشركة الروسية بموجبه بمنح 6 مليارات دولار للشركة الفنزويلية، عبارة عن «دفعة مقدمة» مقابل كميات النفط التي التزمت الشركة الفنزويلية بتصديرها للجانب الروسي. وسددت فنزويلا نصف المبلغ تقريباً، ولم يبق سوى 3.1 مليار دولار. وفي مجالات أخرى بعيدا عن قطاع النفط والطاقة، حذر مراقبون روس من أن غياب الرئيس مادورو قد تؤدي إلى إشكاليات بشأن مصير الاستثمارات الروسية، التي تبلغ قيمتها حالياً، وفق أقل التقديرات، نحو 3.15 مليار دولار، منها قروض قدمتها روسيا لفنزويلا، فضلا عن 3.1 مليارا ديون المستحقة لروسنفت.
وقال الخبير الاقتصادي مكسمليان هيس، إن مبالغ أخرى يمكن إضافتها إلى حجم الاستثمارات الروسية المعلن، لافتاً إلى ضخ روسيا في الاقتصاد الفنزويلي مبالغ تقدر بمليارات الدولارات، وأوضح أن الحديث هنا يدور حول عقود «روس أوبورون اكسبورت» لتصدير منتجات مجمع الصناعات الحربية الروسي، وحذر من عدم وجود ضمانات بأن تسدد فنزويلا تلك المبالغ، بحال انتقال السلطة إلى معارضي مادورو، لافتاً إلى أن «المعارضة الفنزويلية تنادي من الآن بعدم سداد الكثير من القروض التي مُنحت لنظام مادورو».
في سياق متصل، يرى مراقبون أن القطاعات الإنتاجية والتجارية الروسية الأخرى، لن تتأثر كثيراً بتطورات الأزمة الفنزويلية، لافتين إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا وفنزويلا محدود للغاية. وحسب بيانات وزارة التنمية الاقتصادية الروسية نما حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2018 حتى 84.7 مليون دولار، وبصورة خاصة نمت الصادرات الروسية إلى فنزويلا نحو 48.2 في المائة، مقارنة بحجم الصادرات عام 2017. وبلغت قيمتها 83.9 مليار دولار، بينما لم تتجاوز قيمة الصادرات الفنزويلية إلى روسيا العام الماضي 800 ألف دولار.
واحتلت المواد الغذائية والمنتجات الزراعية المرتبة الأولى في هيكل الصادرات الروسية إلى فنزويلا بواقع 82.4 في المائة من إجمالي الصادرات، وكانت حصة المعدات والآليات 7.3 في المائة، و6.7 في المائة منتجات الصناعات الكيميائية، وأخيرا 2.6 في المائة حصة الصناعات المعدنية. وذكرت وزارة التنمية الاقتصادية أن السلع الرئيسية التي تم تصديرها هي القمح وزيت فول الصويا، والأسمدة المركبة، والمضخات والمشتقات النفطية.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»