قبل 4 أشهر، أعلنت 3 بلدان أوروبية (فرنسا وألمانيا وبريطانيا) و«وزيرة» خارجية الاتحاد الأوروبي، من نيويورك، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، العزم على إنشاء «آلية مالية خاصة» تكون بمثابة ردّ على قرار الرئيس الأميركي إعادة فرض عقوبات اقتصادية وتجارية على إيران على مرحلتين، والعمل على منعها من تصدير نفطها والاستفادة من السوق المالية الدولية.
وبعد نحو 120 يوماً من المشاورات والاجتماعات في العواصم الأوروبية، وفي طهران، أعلن أمس وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، بمناسبة شهادة له أمام مجلس الشيوخ، أن هذه الآلية التي غرضها تسهيل التجارة مع إيران بعملات غير الدولار، وتجاوز العقوبات الأميركية، سيتم إطلاقها «بعد أيام» من غير مزيد من الدقة في التاريخ.
ووفق المعلومات المتوافرة، فإن البلدان الأوروبية الثلاثة المشار إليها وجدت في النهاية «مخرجاً» لتوطين هذه الآلية بعد رفض من النمسا وبلجيكا ودوقية لوكسمبورغ.
وهكذا، فإن الآلية سوف تسجل في باريس، فيما نقلت وكالة «رويترز»، أنها ستكون بإدارة شخصية ألمانية لم تحدد هويتها، وأن الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاقية النووية مع إيران صيف العام 2015 ستكون هي الأطراف المساهمة.
بيد أن الإعلان عن إطلاق الآلية لن يعني بالضرورة أنها ستكون جاهزة للتشغيل فوراً، إذ يبدو أن هناك كثيراً من التفاصيل التقنية التي تحتاج إلى الترتيب. وبالتالي، سيتعين على الطرف الإيراني أن ينتظر «عدة أشهر» قبل أن تنطلق هذه الآلية حقيقة. والمبدأ الذي تقوم عليه هو إنشاء ما يشبه الصندوق الذي تودع فيه عائدات النفط الإيراني، على أن يغرف منه لدفع قيمة السلع والخدمات التي تقدم لإيران. وكل ذلك بعيد عن العملة الأميركية (الدولار) لتلافي التعرض للعقوبات الأميركية.
ورغم انطلاقتها، فإن كثيراً من الخبراء يشككون بجدواها وبقدرتها على تعويض الخسائر التي تتحملها إيران بفعل العقوبات الأميركية، لأن الشركات الأوروبية الكبرى التي لها حضور في السوق الأميركية قررت سلفاً وقف تعاملاتها مع طهران، ما يترك في الساحة الشركات المتوسطة والصغرى التي لن تشفي بالطبع الغليل الإيراني. يضاف إلى ذلك أن «الإعفاءات» التي أعطتها واشنطن لـ8 دول، «بينها اثنتان أوروبيتان، هما إيطاليا واليونان» سينتهي مفعولها بعد 3 أشهر فقط، ما يعني قيوداً إضافية على صادرات النفط الإيراني وصعوبات في توفير التوازن للميزانية الإيرانية.
وما يلفت الانتباه أن كلام الوزير الفرنسي يأتي رغم كل التقارير التي تقول بوجود توترات قوية بين طهران والعواصم الأوروبية، بسبب برامج إيران الباليستية والصاروخية، وبسبب سياساتها الإقليمية، إضافة إلى العمليات الإرهابية التي نسبت إلى أجهزتها، والتي تم إجهاضها في فرنسا والدنمارك، وبعد العقوبات التي فرضت على جهاز مخابرات إيراني وشخصيات إيرانية.
وكانت فرنسا سبّاقة بالتحذير الذي أطلقته باتجاه إيران، وبالعقوبات التي فرضتها قبل العقوبات الأوروبية. من هنا التساؤل حول كيفية توفيق أوروبا بين التحذيرات والعقوبات من جهة، وبين مضيها في العمل من أجل تمكين إيران من الاستمرار في الاستفادة مما يوفره لها الاتفاق النووي. وبحسب مصادر فرنسية رسمية، فإن التفسير يكمن في أن الأوروبيين ما زالوا متمسكين بالاتفاقية، وهم يرون أن منع إيران من الاستفادة من بعض حسناتها سيدفعها بدورها إلى نقض الاتفاقية، وبالتالي فإن المنطقة كلها ستدخل في سباق نووي، وتفتح أبواب المجاهيل أمامها.
باريس: الآلية الخاصة بالتجارة مع إيران ستطلق بعد أيام
خبراء يشككون بقدرتها على تعويض خسائر العقوبات الأميركية
باريس: الآلية الخاصة بالتجارة مع إيران ستطلق بعد أيام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة