لم يتوقع عالم الحشرات المصري د. مصطفى شرف، الأستاذ في قسم وقاية النبات في كلية علوم الأغذية والزراعة في جامعة الملك سعود، الاهتمام الشديد في الأوساط العلمية والإعلامية باكتشافه الجديد لنملة نادرة أطلق عليها اسم النجم المصري في صفوف نادي ليفربول الإنجليزي، محمد صلاح.
ورغم سعادة شرف البالغة بهذا الاهتمام، فإنّ ما أثار دهشته هو تساؤل البعض عبر مواقع السوشيال ميديا عن مدى رضاء النجم المصري عن اقتران اسمه باكتشاف نملة.
ويقول شرف، وهو أيضا أستاذ زائر في متحف العالم بمدينة ليفربول، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «ربما يطرح هذا السؤال لأننا لم نتعود في منطقتنا العربية على مثل هذا الأمر، لكنه أمر شائع جداً في علم الحشرات، ويعكس تقدير العالم المكتشف للشخصية».
والنملة الجديدة، المكتشفة في منطقة صلالة بسلطنة عمان، تنتمي إلى جنس «ميرانوبولوس»، وأصبح اسمها علمياً «ميرانوبولوس مو صلاح»، وتتميز بحركتها البطيئة، لذلك فهي تقضي وقتاً طويلاً بحثاً عن الغذاء، وهي تفضل العشب الخفيف.
وقبل نملة «مو صلاح»، ارتبطت كثير من الاكتشافات بأسماء المشاهير، فهناك عنكبوت سُمي باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما، وهناك ذبابة حملت اسم مؤسس «مايكروسوفت» بيل غيتس، وخنفسة حملت اسم الممثل الأميركي الشهير ليوناردو دي كابريو.
ولم يشك شرف للحظة واحدة بأن هذه الخطوة يمكن أن تسبب ضيقاً للنجم المصري، مضيفاً: «بعد أن عاش صلاح لفترة في الغرب، أصبحت ثقافته تسمح له باستيعاب أنّ إطلاق اسمه على اكتشاف لنملة جديدة هو نوع من التكريم له».
ورغم ثقته في استيعاب ثقافة النجم المصري لهذه الخطوة، فإنّه قبل إرسال الدراسة العلمية التي حملت الاسم الجديد للنشر علمياً، أرسل خطاباً للاعب على مقر نادي ليفربول يستأذنه في ذلك.
ويقول شرف: «لم أتلقَ رداً، فاعتبرت ذلك موافقة ضمنية منه على ذلك، ولو كنت تلقيت رداً بالرفض، لم أكن لأقدم على هذه الخطوة، لأنني فعلتها من أجل تكريم لاعب أحبه وأقدره، ولم أكن لأقدم على خطوة يمكن أن تسبب ضيقاً له».
وبمجرد نشر الدراسة العلمية عن النملة الجديدة، التصق اسم النجم المصري بهذا الاكتشاف، وأصبح الشرط الوحيد لرفع اسمه أن يأتي عالم ويثبت أن النملة المكتشفة ليست جديدة، وهو أمر مستبعد في هذه الحالة، لأن هذا الاكتشاف يتميز بما يسميه الباحث بـ«الثبات العلمي».
والثبات العلمي الذي يعنيه هو أن المواصفات النادرة للنملة المكتشفة واضحة بما يكفي لتجعل هناك اطمئنان تام لدى الفريق البحثي إلى أنها مختلفة عن النمل المنتمي للجنس نفسه (ميرانوبولوس)، إذ إنها تتميز بجسم ثنائي اللون، فمنطقة البطن والرأس تميل إلى اللون «البني الغامق»، بينما بقية الجسم يميل لونه إلى الأصفر.
ويُضيف شرف: «كما أن هذه النملة نادرة، فإنّ محمد صلاح موهبة نادرة أيضاً، وهذه هي الصفة المشتركة التي تجمعهما».
والمفارقة المثيرة أنّ النجم المصري يلعب في مدينة ليفربول، حيث يوجد متحف تاريخ العالم الذي استقبل قبل نحو شهر ونصف الشهر عينات من نملة «مو صلاح» لكي تكون متاحة للعرض في المتحف. وتابع العالم المصري: «حسب ما علمت، فإن مسؤولين في المتحف يفكرون في تجهيز احتفالية، يُعلن فيها عن الاكتشاف الجديد، وقد يدعى لها محمد صلاح».
وهذه ليست المرة الأولى التي يمنح فيها شرف اكتشافاته الجديدة أسماء يكن لها التقدير والإعجاب، إذ يقول: «قبل ذلك، أطلقت اسم والدتي على اكتشاف جديد حمل اسم (إجلال)، كما أطلقت اسم ابني (محمد) على اكتشاف آخر، وأطلقت اسم المطربة المفضلة لديّ (فيروز) على إحدى الاكتشافات الأخرى، وكان لمشاهير قراء القرآن الكريم وعلماء الدين نصيب الأسد من التكريم، حيث أطلقت أسماء الشيوخ (محمد رفعت) و(عبد العظيم زاهر) و(محمد صديق المنشاوي) و(محمد الغزالي) و(محمد المسير) على اكتشافات جديدة». واستكمل الباحث دراساته على هذه الاكتشافات يقول: «لدينا دراسات ستجرى على نملة (مو صلاح) لاكتشاف سلوكها ودورها في النظام البيئي، وأهميتها الاقتصادية».
ووجه الباحث شكره لإدارة جامعة الملك سعود التي وفرت الإمكانيات المادية واللوجيستية للوصول لهذا الاكتشاف المهم في مجال الحشرات الاقتصادية، التي يكون لها مردود اقتصادي مهم، ومنها النمل، مضيفاً: «كما يوجد نمل مدمر، فإن أغلب النمل، ومنه النملة الجديدة (مو صلاح)، مفيد للتربة الزراعية، حيث يعمل على تهويتها، بما يساهم في نمو أفضل للنبات».
مكتشف نملة «مو صلاح»: نجم ليفربول لم يرفض الفكرة
قال لـ«الشرق الأوسط» إن اللاعب المصري يشترك معها في صفة الندرة
مكتشف نملة «مو صلاح»: نجم ليفربول لم يرفض الفكرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة