عبّر برلمانيون في المغرب، مساء أول من أمس، عن استيائهم نتيجة تمرير الإجراءات الضريبية التي تسبب في احتجاجات التجار مع بداية العام الحالي. وأكد ممثلو الفرق والمجموعات النيابية بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، خلال اجتماع عقدته لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب في ساعة متأخرة بحضور وزير المالية حول هذا الموضوع، على ضرورة «تعزيز الثقة في المؤسسات ومن صميمها المؤسسة التشريعية، التي تشرع للمصلحة العامة ولا يمكن بأي حال من الأحوال الحيد عن هذه الغاية»، مشيرين إلى ما يعانيه التجار والمهنيون من إكراهات، وداعين إلى إيجاد الصيغ الكفيلة بحلها.
وشدد البرلمانيون، خلال هذا الاجتماع الذي خصص لمناقشة «تطبيق بعض مواد المدونة العامة للضرائب، خاصة تلك المتعلقة بالفوترة ورقم التعريف الموحد للمقاولة ومسك المحاسبة بشكل إلكتروني»، على أهمية إشراك الفاعلين والمهنيين في الموضوع، داعين إلى «معالجة مكامن القصور في النصوص التشريعية، خاصة تلك التي أحالت إلى إجراءات من قبيل الفاتورة الإلكترونية، وأيضا إلى بذل مجهود تواصلي يلقى صداه لدى هذه الفئة».
من جانبه، أكد وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بنشعبون، في تدخله أمام اللجنة أن الوزارة تعتزم سن قانون إطار للجبايات، ينسجم مع قانون المالية، ويضمن وضوح الرؤية فيما يتعلق ببلوغ الأهداف الجبائية المسطرة، وكذا فيما يتصل بالمبادئ الناظمة ذات الصلة.
وذكر بنشعبون أن وزارة الاقتصاد والمالية ستنظم مناظرة تتناول العدالة الجبائية في مايو (أيار) المقبل، على غرار تلك التي ستعقدها وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي في أبريل (نيسان) المقبل التي تهم التجارة الداخلية، داعيا إلى ضمان الالتقائية بين نتائجهما.
وجدد بنشعبون، بهذه المناسبة، التأكيد على أن نظام الفوترة الإلكترونية لا يسري على تجارة القرب الخاضعة في جزء كبير منها للنظام الجبائي الجزافي، مشيرا إلى أن تضمين البيان السنوي لرقم معاملات تجار القرب «ليس إجبارياً بدوره».
كما لفت إلى أن النقاط مثار الاحتجاج استنفرت الوزارة ومديرياتها لتنحية سوء الفهم الذي طال إجراءات من قبيل التعريف الموحد للمقاولة، الذي يسري فقط على المقاولة، دون التجار.
وكانت المديرية العامة للضرائب قد أكدت، أخيرا في بيان لها، أن القراءات والتفسيرات حول النظام الضريبي المتعلق بالفوترة، «لا أساس لها من الصحة»، موضحة أن الأحكام الجديدة الخاصة بالبرنامج المعلوماتي للفوترة لم تدخل بعد حيز التنفيذ ولن يتم تطبيقها إلا بعد صدور النص التنظيمي، ومشيرة إلى أن هذا البرنامج يهم فقط المهنيين الذين يخضعون لنظام المحاسبة ولا يهم بتاتاً التجار ومقدمي الخدمات الذين يخضعون للنظام الجبائي الجزافي.
وأدى انطلاق تطبيق النظام الجديد للتصريحات الجبائية إلى أزمة في القطاع التجاري، خصوصاً مع نزول فرق من الجبايات والجمارك إلى الطرق البرية لاعتراض وحجز البضائع التي لا تتوفر على فاتورة، إضافة إلى توقف المعاملات التجارية، الشيء الذي أدى إلى خروج التجار في احتجاجات.
وبعد سلسلة من الاجتماعات بين نقابة التجار وإدارات الجمارك والضرائب تم التوصل إلى اتفاقيات بتعليق تطبيق النظام الجديد إلى غاية صدور النصوص التنفيذية، التي وعدت وزارة المالية بصياغتها في إطار التشاور مع المهنيين وكل المعنيين.
إلى ذلك، صادق مجلس النواب في جلسة عمومية صباح أمس بالأغلبية على القانون المعدل والمتمم لقانون تخصيص الشركات والمساهمات الحكومية، بتصويت 92 نائباً لصالح المشروع ومعارضة 45 نائباً، ولم يسجل أي امتناع عن التصويت.
ومر مسلسل إعداد ومناقشة هذا القانون في اللجان البرلمانية بغرفتيه في إطار سباق مع الزمن، إذ لم يستغرق سوى شهرين، وذلك بسبب الطابع الاستعجالي الذي أحاط به، إذ تعول الحكومة على إعادة الديناميكية لمسلسل تخصيص الشركات العمومية. وللإشارة، فإن قانون المالية (الموازنة) لسنة 2019 يترقب تحصيل مداخيل بقيمة 5 مليارات درهم (525 مليون دولار) من تفويت (خصخصة) منشآت ومساهمات عمومية، وذلك بعد توقف تدفق الهبات الخليجية مع انتهاء أجل الاتفاقية المتعلقة بها بين المغرب ومجلس التعاون الخليجي.
وأبرز مستجدات القانون الجديد إدراج مؤسستين جديدتين ضمن لائحة الشركات المرشحة للبيع من طرف الحكومة، وهما فندق «المامونية» التاريخي الشهير بمراكش، ومحطة تهدارت لإنتاج الكهرباء باستعمال الغاز الطبيعي الجزائري في شمال المغرب، وتوفر هذه المحطة 9 في المائة من الاستهلاك المغربي وتناهز قدرتها 384 ميغاواط.
وأثار إدراج فندق «المامونية» في قائمة الشركات المرشحة للتخصيص جدلاً كبيراً في المغرب خلال الأسابيع الماضية، إذ واجه الكثير من الانتقادات بسبب الطابع الرمزي لهذه المنشأة السياحية التي أصبحت تعد من المعالم الخاصة لمدينة مراكش، عاصمة المغرب السياحية.
وقال محلل مالي لـ«الشرق الأوسط»، إن الإشكالية الكبيرة التي ستواجه عملية بيع «المامونية» هي تقدير قيمتها غير المادية، مشيراً إلى أنه من حيث التقييم الاقتصادي الصرف، فإن مداخيل هذه العملية لن تتجاوز 2 مليار درهم (210 مليون دولار). وأوضح المحلل ذاته أن إجمالي أصول فندق «المانونية» ناهزت 730 مليون درهم (77 مليون دولار) في 2016، ضمنها أصول عقارية بقيمة 340 مليون درهم (35 مليون دولار)، فيما بلغت مبيعاتها 350 مليون درهم (37 مليون دولار).
الجانب الآخر المستجد في هذا التعديل هو إزالة مجموعة من الشركات من اللائحة السابقة للخصخصة، على رأسها بنك القرض العقاري والسياحي الذي انتقلت ملكيته منذ 2006 إلى شركة «المسيرة كابتال» التابعة لصندوق الإيداع والتدبير بحصة 66 في المائة من رأسماله، والحصة المتبقية رائجة في البورصة، إضافة إلى ذلك تمت إزالة بعض الشركات التي فشلت كل محاولات عرضها للبيع في الأعوام الماضية، وهي شركة «مركب النسيج بفاس»، وشركة «سوكوشاربو» لتجارة الفحم، ومصنع «الأجور والقرمود لشمال أفريقيا»، و«الشركة الشريفة للأملاح»، وفندق «أسماء» وفندق «ابن تومرت».
في سياق آخر، قالت المندوبية المغربية السامية للتخطيط، الثلاثاء، إن التضخم السنوي زاد إلى 1.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 1.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) مدفوعاً بارتفاع أسعار الغذاء.
وزاد تضخم أسعار الغذاء إلى 1.3 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) من 0.1 في المائة في نوفمبر. وتراجع تضخم الأسعار غير الغذائية إلى 1.8 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) من 2 في المائة في الشهر السابق عليه.
برلمانيون مغاربة مستاؤون لتمرير إجراءات ضريبية تسببت باحتجاجات
تصويت بالأغلبية على بيع فندق «المامونية» التاريخي
برلمانيون مغاربة مستاؤون لتمرير إجراءات ضريبية تسببت باحتجاجات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة