مدرسة «ليسيه عبد القادر» تدرج على لائحة الجرد التراثي

لحمايتها من البيع أو تحويلها إلى مركز تجاري في بيروت

TT

مدرسة «ليسيه عبد القادر» تدرج على لائحة الجرد التراثي

تعبق مدرسة «ليسيه عبد القادر» بقصص من النجاحات وصفحات التاريخ، وبأسماء شخصيات عديدة تخرجت فيها، فلمعت في مجالات السياسة والإعلام والحقوق وغيرها.
ولعل التجاذبات الأخيرة التي شهدها هذا المعلم الثقافي بعد انتشار أخبار عن نية بيعه من قبل ورثة الرئيس الراحل رفيق الحريري، وبالتالي نقل المدرسة إلى مكان آخر، دفع بوزير الثقافة دكتور غطاس خوري إلى إصدار قرار يقضي بإدخال البناء التراثي القائم في ليسيه عبد القادر ضمن لائحة الجرد العام للأبنية التراثية. فالاعتصامات والاحتجاجات من قبل تلامذة المدرسة من قدامى وجدد، إضافة إلى تحركات ميدانية قامت بها لجنة الأهالي في المدرسة نتيجة انتشار تلك الأخبار، ولدت بلبلة لدى الرأي العام اللبناني، لا سيما أن هذا الصرح يعد رمزاً من رموز لبنان الثقافية.
فـ«ليسيه عبد القادر» هي واحدة من أعرق مدارس بيروت التي أسستها البعثة العلمانية الفرنسية في مطلع القرن العشرين في منطقة زقاق البلاط. وتحولت مع الوقت إلى صرح ثقافي معروف ورمز وطني.
وشهدت مقاعدها تخريج مجموعة من الشخصيات السياسية والإعلامية في لبنان. فكما النائب السابق وليد جنبلاط والوزيرة السابقة ليلى الصلح كذلك درس فيها رئيس الوزراء الأسبق تمام سلام وغيرهم، إضافة إلى عدد من الإعلاميين وبينهم هشام حداد.
في عام 1985 اشترى رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري المدرسة، بسبب خوف البعثة العلمانية الفرنسية من أوضاع لبنان، وأبقى عليها بعد أن عهد إلى مؤسسة الحريري التربوية إدارتها بالتعاون مع وزارة الخارجية الفرنسية والبعثة الفرنسية. واستمر الوضع على ما هو عليه حتى أيامنا هذه رغم مصير غامض بات يلفها ويتأرجح بين الأبيض والأسود. فقد شغلت أخبار بيعها من قبل ورثة الحريري بهدف تحويلها إلى مركز تجاري، الرأي العام اللبناني. ومن الأخبار التي انتشرت أيضاً بشأنها هو إمكانية نقل هذه المدرسة إلى خارج بيروت في مدة أقصاها خمس سنوات. وتضمن القرار الصادر عن وزير الثقافة عدم القيام بأي عمل من شأنه تغيير الوضع الحالي للبناء المذكور من دون موافقة المديرية العامة للآثار المسبقة، على الأعمال المنوي إجراؤها والمواد المنوي استعمالها. هذا المبنى التراثي والثقافي والتاريخي هو اليوم على المحك، وجميع القرارات التي صدرت لتبريد الأجواء المتشنجة لم تستطع أن تحقق هدفها. فلا قرار إدراجه من قبل وزارة الثقافة على لائحة المباني التراثية، ولا البيان الرسمي الذي صدر عن صاحبة العقار هند الحريري الذي تنفي فيه شائعة تحويله إلى «مول» استطاعا أن يُقنعا الحركة الاحتجاجية بأن ليس هناك من مؤامرة تحاك ضد هذا الصرح.
«في رأيي كان على إدارة المدرسة أن تملك بُعد نظر فتفكر في مبنى خاص بها بحيث لا تكون مهددة بالطرد منه بين يوم وآخر». تقول مروى عكاري نائبة رئيس قدامى مدرسة «ليسيه عبد القادر». فهي لا يمكن أن تنسى 15 سنة أمضتها في حرم هذه المدرسة التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من حياتها اليوم. وتخبرنا في هذا الإطار عن «مدام سوزان فييرار» أبرز المديرين الذين واكبوا تطور «ليسيه عبد القادر» فبقيت تديرها لأكثر من 20 عاماً: «لقد كانت بمثابة جنرال في الجيش يخافها الجميع ويحترمها، واجهت أفراد الميليشيات أثناء الحرب ومنعتهم من التعرض إلى المدرسة التي كانت تسميها (بيتي)». تقول مروى عكاري التي لا تزال تحفظ في ذاكرتها مريالها الأزرق (اللباس الرسمي للتلامذة)، ورنة جرس المدرسة الذي كان يقرعه يدوياً شفيق المعلوف (حارس المدرسة) في الأوقات المحددة.
أما الإعلامي هشام حداد ومقدم برنامج «لهون وبس» على شاشة «إل بي سي آي»، الذي شارك في الاعتصامات ضد بيع المدرسة فيقول لـ«الشرق الأوسط»: «برأيي إنهم يحاولون الالتفاف على القرار الذي صدر في بيعها كي يكون بمثابة مقدمة له، فعملية إدراج المدرسة على لائحة المباني التراثية قد لا يشمل إلا مبنى القصر فقط ومساحته لا تتعدى الـ7 في المائة من مجمل العقار، فيما المباني الأخرى التي استحدثت لتوسيع المدرسة فهي مهددة بالهدم، فهل نتخلى عن تاريخ عريق بشخطة قلم؟»
فهذا التاريخ العريق الذي يتحدث عنه حداد يعود إلى نحو 100 سنة، عندما قررت البعثة العلمانية الفرنسية في بيروت عام 1909 أن تنشئ مدرسة لتعليم الفرنسية ونشر الفرنكوفونية، تحت أبوابها في منزل آل بسترس في منطقة التباريس. وبعد أن فاق عدد تلامذتها في عام 1929 الـ250 شخصاً، قررت إدارتها توسيعها ونقلها إلى قصر قديم يقع في شارع عبد القادر في منطقة الظريف في بيروت عرفت يومها بـ«ليسيه الفتيات الشابات»Lycee des jeunes filles) ) بحيث اقتصر التدريس فيها على المرحلة الابتدائية. فيما استأجرت مبنى آخر على طريق المتحف (لا يزال حتى اليوم يعرف بمدرسة الليسيه الفرنسية) خصصته للصبيان.
وشغلت المدرسة الأولى (مدرسة البنات) طابقين من قصر شارع عبد القادر في منطقة الظريف فيما الثالث خصص للإدارة. فأحدهما خصص لتلامذة «الحضانة»، والطابق الثاني للمرحلة الابتدائية. وكان هذا القصر قد بُني في عام 1914. من قبل البعثة البريطانية السورية. ومن ثم بيع إلى طبيب فرنسي يُدعى إيبوليت دو برون، قبل أن تملكه البعثة العلمانية الفرنسية وصار اسمه «ليسيه عبد القادر».
يحيط بالقصر المبني من الحجر الصخري ويطل بشبابيكه الخضراء على شارع عبد القادر مباشرة، حديقة كبيرة كان التلامذة يطلقون عليها اسم «الغابة» لشجر الصنوبر الذي تغطي أرضها. فيما قناطرها في الطابق الأرضي التي تبرز هندستها المعمارية العريقة فكانت بمثابة جزء من الملعب يحتمي فيه التلامذة في الشتاء.
بقيت الدروس في هذه المدرسة تُعطى طيلة الحرب اللبنانية (1975 لغاية 1990) التي تطورت صفوفها مع الوقت لتصل إلى المرحلة الثانوية. في عام 1985 اشتراها الحريري بهدف إقامة مجموعة من المشاريع الثقافية في البلاد. وبعدها تحولت إلى مدرسة مختلطة تستقبل الصبيان والبنات ليصل عدد تلامذتها إلى نحو ألفي شخص موزعين على أقسامها في المبنى الأساسي (القصر) وفي خمسة أخرى ليصل عددها إلى 7 مبان بما فيها القصر.
وحددت البعثة الفرنسية أهدافها التربوية لتشمل التكوين الأخلاقي إلى جانب الأكاديمي، من خلال متابعة حثيثة للتلامذة تطال حضورهم اليومي والدقة في عملية تعليمهم ضمن انضباط ملحوظ، وكذلك تحقيق نتائج رفيعة المستوى على صعيد نجاح التلامذة في الشهادات الرسمية. كما أخذت في عين الاعتبار تعليم العربية إلى جانب الفرنسية (اللغة الأساسية) والإنجليزية إضافة إلى رابعة وهي الإسبانية. وشددت إدارة المدرسة في مبادئها التعليمية والتأسيسية على العلمانية وعلى احترام الآخر وعقائده وعمله وكذلك على المساواة في الحقوق والحظوظ وحماية التلميذ من التعنيف الكلامي والجسدي والنفسي. فـ«ليسيه عبد القادر» أو lak»» كما هي معروفة بعبارة مختصرة، هي مكان للتعليم ولكنه حسب منهجها هي أيضاً مكان تربوي منفتح يعزز عملية دخول التلامذة الحياة الاجتماعية والمدنية والديمقراطية من بابها الواسع.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».