القاهرة تحتفل بالذكرى السادسة لرحيل محمود درويش

قراءات لقصائده وفيلم تسجيلي عن كفاحه مع الشعر والحياة

القاهرة تحتفل بالذكرى السادسة لرحيل محمود درويش
TT

القاهرة تحتفل بالذكرى السادسة لرحيل محمود درويش

القاهرة تحتفل بالذكرى السادسة لرحيل محمود درويش

يحتفل بيت السناري الأثري بالقاهرة يوم الثلاثاء المقبل 12 أغسطس (آب) الحالي بالذكرى السادسة لرحيل شاعر المقاومة الفلسطينية محمود درويش، بالتعاون مع صالون الشباب ومكتبة الإسكندرية التابع لها بيت السناري.
تتضمن الاحتفالية، قراءات متنوعة من شعر درويش، وقصائد مكتوبة عنه كتبها في رثائه شعراء عرب وأجانب، سيشارك في قراءتها كوكبة من الشعراء المصريين الشباب منهم: الشاعر أحمد خطاب، أحمد عايد، أيمن مسعود، حسن عامر، الفنان حمدي التايه، الشاعر عمرو قطامش، سماح ناجح، محمد سلامة، محمود سباق، محمود عبد الله سلامة، نور الدين جمال. كما تشارك الفنانة إسراء ماجد بعزف على العود. ويعرض في ختام الأمسية فيلم تسجيلي عن محمود درويش.
ولد محمود درويش بقرية البروة، وهي من قرى الجليل فلسطين في 13 مارس (آذار) 1941، ورحل عن عالمنا في 9 أغسطس (آب) 2008، ويعد أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب الذين ارتبط اسمهم بحركة المقاومة الفلسطينية والثورة والهموم الوطنية.
وخلال عطائه الشعري الكبير ساهم درويش في إثراء القصيدة العربية، وضخ دماء جديدة في شرايينها، خاصة عبر فضاء الرمز والأسطورة، كما أضاف للغنائية بعدا فنيا، خاصة على مستوى تعدد الأصوات وعالم الرؤية في القصيدة، ومزجها بدراما الواقع الفلسطيني ومقاومته للاحتلال الإسرائيلي ودراما العالم العربي بشكل عام.
تقلد درويش عددا من المناصب الأدبية والسياسة في رحلته مع الشعر والحياة، فكان عضوا بالمجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعمل بالصحافة في صحيفتي «الاتحاد» و«الجديد»، ثم أسس مجلة «الكرمل» الأدبية ورأس تحريرها، وتعد واحدة من أهم المجلات الثقافية في العالم العربي.
وعلى مدار عمره القصير اعتقل درويش من قبل السلطات الإسرائيلية مرارا بسبب شعره ومواقفه السياسية المناهضة للاحتلال، وعاش لفترات في روسيا، والقاهرة، وبيروت والتي عمل بها رئيسا لتحرير مجلة «شؤون فلسطينية»، وأصبح مديرا لمركز أبحاث منظمة التحرير الفلسطينية، كما عاش في تونس بعد انتقال منظمة التحرير الفلسطينية إليها، جراء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، كما عاش لفترة في قبرص وباريس.
ورغم أن درويش كان من الشخصيات المقربة والمحببة من الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، فإنه بعد توقيع اتفاقية أوسلو الشهيرة استقال من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احتجاجا على الاتفاقية.
بعد تنفيذ اتفاقية أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية في رام الله وعودة منظمة التحرير الفلسطينية، ظل درويش خارج فلسطين، لكنه دخل إلى فلسطين بتصريح لزيارة أمه. وفي فترة وجوده هناك قدم بعض أعضاء الكنيست الإسرائيلي العرب واليهود اقتراحا بالسماح له بالبقاء وقد سمح له بذلك.
توفي محمود درويش في الولايات المتحدة في 9 أغسطس عام 2008 بعد إجرائه لعملية القلب المفتوح في مركز تكساس الطبي في هيوستن، تكساس، التي دخل بعدها في غيبوبة أدت إلى وفاته.
وأعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الحداد ثلاثة أيام في كافة الأراضي الفلسطينية حزنا على وفاة الشاعر الفلسطيني، واصفا درويش بأنه «عاشق فلسطين» و«رائد المشروع الثقافي الحديث، والقائد الوطني اللامع والمعطاء».
وقد ووري جثمانه الثرى في 13 أغسطس في مدينة رام الله حيث خصصت له هناك قطعة أرض في قصر رام الله الثقافي. وجرى الإعلان أن القصر تمت تسميته باسم «قصر محمود درويش للثقافة».
وقد شارك في جنازة درويش آلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، كما شارك فيها أهله من أراضي 48 والعديد من الشخصيات من الوطن العربي التي أصرت على توديعه لمثواه الأخير.
يعد محمود درويش من أكثر الشعراء العرب توزيعا في سوق النشر، ولا تزال دواوينه ومؤلفاته النثرية تلقى رواجا لدى القارئ العربي، وقد ترجمت قصائده إلى العديد من لغات العالم.. ومن أبرز دواوينه: «عصافير بلا أجنحة»، «أوراق الزيتون»، «عاشق من فلسطين»، «آخر الليل»، «يوميات جرح فلسطيني»، «حبيبتي تنهض من نومها»، «محاولة رقم 7»، «أحبك أو لا أحبك»، «لماذا تركت الحصان وحيدا»، «مديح الظل العالي».. ومن أبرز أعماله النثرية «وداعا أيها الحرب وداعا أيها السلم» و«يوميات الحزن العادي» وهما عبارة عن مجموعة من المقالات والخواطر والقصص.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».