{حدائق المنتزه الملكية} في الإسكندرية تستعيد أمجاد الماضي

مشروع لإقامة مرسى لليخوت أمام شاطئها

خطة التطوير ستراعي البعدين التاريخي والأثري
خطة التطوير ستراعي البعدين التاريخي والأثري
TT

{حدائق المنتزه الملكية} في الإسكندرية تستعيد أمجاد الماضي

خطة التطوير ستراعي البعدين التاريخي والأثري
خطة التطوير ستراعي البعدين التاريخي والأثري

بعد مرور 127 عاماً على وضع حجر الأساس لإنشاء منتجع المنتزه الملكي على يد الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1892 شرق مدينة الإسكندرية الساحلية، تسعى مصر حالياً لتحويل حدائق المنتزه التاريخية إلى مزار سياحي عالمي ووجهة جديدة لزوار عروس البحر المتوسط، من خلال خطة إحلال وتجديد للكبائن، وبناء مرسى عالمي لليخوت، بالإضافة إلى إعادة صياغة الحدائق الكبيرة لجذب السياح من داخل وخارج مصر.
وحدائق المنتزه، ليست مجرد متنزهات خضراء فقط، بل تضم بين أسوارها التاريخية قصوراً أثرية نادرة تطل على صفحة مياه البحر المتوسط الزرقاء مباشرة، بجانب مبانٍ تراثية أخرى فريدة يجري العمل على توثيقها حالياً، تمهيداً لتسجيلها في سجلات وزارة الآثار المصرية. ويجري العمل حالياً على إجراء دراسات استشارية لتطوير حدائق المنتزه التاريخية لتحقيق أقصى استفادة ممكنة وفق ما طالب به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أخيراً.
لجنة تطوير منطقة المنتزه تضم المهندس شريف إسماعيل، مساعد الرئيس للمشروعات القومية والاستراتيجية، والدكتورة رانيا المشاط وزيرة السياحة، واللواء بهاء طاحون رئيس شركة المنتزه للسياحة والاستثمار، وطارق الجندي المدير التنفيذي لشركة جريد، واللواء أمير سيد مستشار رئاسة الجمهورية للتخطيط العمراني.
وتمتد حدائق المنتزه التي تقع شرق الإسكندرية على مساحة 370 فداناً، وتعد أهم متنزهات مدينة الإسكندرية على الإطلاق، لما تتميز به من تنوع الشواطئ وحدائق وأشجار عتيقة لا تزال تحافظ على رونقها.
من جهته، قال المهندس طارق الجندي، المدير التنفيذي لشركة «جريد» المشاركة في دراسات تخطيط تطوير الحدائق لـ«الشرق الأوسط»: «لجان الدراسات والتخطيط تعمل بشكل مكثف لإنجاز المشروع خلال مدة وجيزة». وأضاف: «يتم حالياً وضع مخطط تفصيلي بالاستعانة بخبراء من كل المجالات لتتوافق مع رؤية رئاسة الجمهورية للاستغلال الأمثل للحدائق مع مراعاة البعدين البيئي والصحي». وأضاف: «تشمل الملامح العامة لمشروع التطوير إنشاء مرسى عالمي لليخوت مرتبط بحوض المتوسط، حيث تجرى دراسة توسعة المرسى الحالي، أو إضافة مرسى جديد، مع مراعاة الحفاظ على المعالم الرئيسية للمنتزه، والتعامل مع الحدائق باعتبارها أماكن خضراء، وليست أرضاً استثمارية».
وشدد الجندي على مراعاة البعد البيئي في المشروع بالإبقاء على الرقعة الخضراء مع معالجة الأشجار المريضة وزراعة أنواع أخرى جديدة. إضافة إلى دراسة استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل الحدائق على نطاق واسع، سواء باستخدام الطاقة الشمسية أو الرياح.
وأثارت عملية إزالة التعديات وهدم الكبائن القديمة المستأجرة نزاعاً قضائياً بين المستأجرين ووزارة السياحة، لا سيما أن بعض هذه الكبائن كانت تعود لشخصيات بارزة في عهد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.
وتابع الجندي: «مخطط التطوير الجديد سوف يحافظ على حدائق المنتزه، كوجهة تنزه لكل أطياف الشعب، ولن تقتصر على الأغنياء، حيث سيتم تحديد مسارات ومضمار دراجات لتشجيع المواطنين على ممارسة الرياضة كالجري وركوب الدراجات».
وأشار إلى أن «خطة التطوير سوف تراعي البعدين التاريخي والأثري، حيث لن يتم المساس بالقصور والمقتنيات الأثرية إلا بالتنسيق مع وزارة الآثار التي تخطط بدورها لرعاية المباني التاريخية».
أما محمد متولي، مدير عام الآثار الإسلامية بالإسكندرية، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «ندرس حالياً إمكانية التسجيل الأثري لأجزاء جديدة من حدائق المنتزه، بعد انتهاء لجان التوثيق العلمي التاريخي، لإخضاعها للإشراف الأثري الدائم والحفاظ عليها».
وأضاف متولي: «برج الساعة وخزان المياه الملكي وأسوار المتنزه والصوبة الملكية وكوبري جزيرة الشاي وكوبري الفنار ومبنى الفنار الملكي والمخبأ، من أبرز المباني التي قد يتم تسجيلها أثرياً في الفترة المقبلة، لتنضم إلى المباني والمقتنيات الأثرية السابقة كقصري الحرملك والسلاملك وكشك الشاي».
بدوره، اقترح الدكتور إسلام عاصم، مدير جمعية التراث بالإسكندرية، إنشاء متحف لحدائق المنتزه تعرض فيه أهم الوثائق والأحداث التاريخية المرتبطة بالمنتزه، بجانب وضع برنامج إرشادي متميز يشمل جولات سير لشرح أهم الأحداث التاريخية التي شهدتها المنتزه في العقود الماضية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».